استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

صدام الفاشيات

الأحد 11 ديسمبر 2016 03:12 ص

يُواجه الأطباء والناشطون السياسيون المتبقون في أحياء حلب الشرقية، التي لم تسيطر عليها قوات النظام بعد، مصيراً مجهولاً، ويرفضون عرض القوات الروسية لهم بالخروج، في ظل وجود حالاتٍ إنسانية تتطلب أطباءً، لكنهم، في الوقت نفسه، (كما تذكر صحيفة التايمز اللندنية) يواجهون مصيراً مجهولاً، غالباً القتل أو الاعتقال الأكثر قسوةً من القتل، في حال وقعت الأحياء المتبقية تحت أيدي قوات النظام.

والحال نفسها، بالنسبة للمدنيين المحاصرين في حلب، الذين يضعون مصيرهم بيد النظام، وأي شخصٍ ثبت أي دور له في الثورة، حتى لو كان ذلك سلمياً، فمصيره إما التصفية المباشرة، كما حدث مع بعضهم في الأحياء التي سيطر عليها النظام، أو القتل لاحقاً.

لا يختلف الوضع في الموصل في العراق، فصور المخيمات البائسة ونقص الماء والدواء والطعام تطغى على الفضائيات، من دون أن يرفّ جفن المجتمع الدولي. وهؤلاء الناجون في المخيمات هم من تبقوا من عمليات التشييك الأمني التي تقوم بها قوات الحشد الشعبي والجيش العراقي، ما لا يخضع لأيِّ معيار قانوني أو مؤسّسي، فبمجرد التهمة قد يكون مصير الشخص كارثياً.

لكن، دعونا نعيد قراءة المشهد بموضوعيةٍ وبمنظور أعمق من مجرد ثنائية الصراع بين النظامين السوري والعراقي من جهة والمعارضات والمقاومات المسلحة من جهةٍ أخرى، فالذين هربوا في الموصل من تنظيم ما يسمى "الدولة الإسلامية" وقعوا تحت "رحمة" المليشيات الطائفية الشيعية التابعة لإيران.

وفي سورية، القوى الأكثر حضوراً ونفوذاً اليوم، التي تسيطر على الرقة وإدلب ودير الزور، إما تنظيم الدولة الإسلامية أو جبهة النصرة، وكلاهما لا يمتُّ جوهرياً إلى روح الثورة السورية، ولا إلى قيمها ومطالبها الرئيسة في الحرية والعدالة والتحرّر. 

نحن، عملياً، أمام صراع فاشيّات، وربما نازيات طائفية، سواء كانت ذات دعاية دينية - سنية، مثلما الحال في تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة، أو دعاية دينية أو علمانية، على أساس طائفي شيعي، مثلما الحال في النظامين، العراقي والسوري، ومن ورائهم إيران، بينما يتم الاعتماد بالكلية اليوم على المليشيات الطائفية، سواء حزب الله أو الحشد الشعبي.

يدفع المدنيون السنّة، في العراق وسورية، ثمن مطالبهم بحق تقرير المصير والحرية والكرامة بالوقوع بين هذه الخيارات الكارثية على مستقبلهم؛ إما فاشيّة "داعش" أو "النصرة" أو فاشية الأنظمة التي أصبحت، بصورة أكثر وضوحاً، ذات طابع شيعي. 

لكن مهلاً، هل وضع الشيعة يختلف (جوهرياً) عن السنة؟ صحيح أنّهم الطرف المنتصر اليوم، عسكرياً، في العراق وسورية، لكنهم يدفعون ثمن ذلك الانتصار (هم الآخرون) غالياً، ليس فقط بحجم الفساد والاستبداد الذي يضطرون للسكوت عليه، وربما الموت من أجل استمراره، بل حتى في التبعية لإيران، وهيمنتها على العراق، وإمساكها بمصير النظام السوري ورئيسه بشار الأسد.

تبدو المفارقة أكثر سفوراً عندما ننظر في التناقضات داخل المشهد الشيعي- العلوي نفسه، فمن أجل توفير الحماية من إيران، يضطر شيعة العراق منح الأفضلية والهيمنة لقُمّ على النجف، وقبول تفسيرات رجال الدين والسلطة الإيرانية المذهب السياسي الشيعي، ما يتناقض مع موقف مرجعاتٍ دينية شيعية عراقية مغايرة لذلك تماماً، مثلما هي حال آية الله السيستاني، ومعه المدرسة الشيرازية (ذات الأصول العراقية) التي لم تعد تقول بمبدأ ولاية الفقيه. 

تبدو الحال أكثر صعوبةً بالنسبة للعلويين في سورية، وهم أقرب إلى العلمانية في طبيعة حياتهم الاجتماعية والثقافية، فيضطرون اليوم إلى القبول بالتشيّع وبنشر الثقافة الدينية المرتبطة بحزب الله وإيران في مناطق عديدة، في سياق حالة التطهير الطائفي الجارية في المنطقة على قدمٍ وساق.

في الخلاصة، نتيجة الثورة المضادة وممانعة التغيير الديمقراطي السلمي هي فاشيّات متصارعة، على أسس طائفية إقصائية، وأطراف إقليمية هي الفاعلة والمتحكمة في مصائر الشعوب، ومليشيات تحل محل الجيوش والأنظمة، عابرة للحدود.

أهلاً بكم في الوطن العربي الجديد.

* د. محمد سليمان أبورمان باحث بمركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية مهتم بالحركات الاجتماعية والإصلاح والتحول الديمقراطي.

  كلمات مفتاحية

صدام الفاشيات سوريا العراق إيران الثورة المضادة التغيير الديمقراطي الميليشيات الشيعية