سقوط حلب.. هل يمثل بداية النهاية للثورة السورية؟

الأربعاء 14 ديسمبر 2016 08:12 ص

بعد ما يقارب الـ 5 سنوات من حرب المدن الدامية، تقترب معركة حلب من النهاية. تقدمّت القوات الموالية للرئيس «بشار الأسد» بثبات، تدعمها مجموعة من الميليشيات الأجنبية، لتسيطر على أراضي المعارضة، خلال الأسابيع القليلة الماضية. وحتّى كتابة هذه الكلمات، لم يتبقَّ سوى بعض الأحياء القليلة تحت سيطرة المعارضين.

ولم يكن سقوط المدينة مفاجئا. فقد تحدّد مصير حلب حين انطلقت محاولة المتمردين الأخيرة لكسر الحصار الذي فرضه الموالون للأسد، يوم 28 أكتوبر/ تشرين الأول، وفشلت المحاولة فشلًا ذريعًا. وفي الأسابيع التالية، أصبح من الواضح بشكل متزايد أنّها فقط مسألة وقت فقط قبل سقوط المدينة.

تحليل

يعدّ الاستيلاء على حلب هو الانتصار الأكبر لإدارة «الأسد» منذ بدء الحرب الأهلية السورية، والضربة الأعنف التي تعرّضت لها المعارضة. ومع سقوط المدينة الحاسمة، تصبح آمال المتمرّدين في انتصار عسكري في دمشق حلمًا بعيد المنال، وسيضعف كثيرًا موقفهم على طاولة المفاوضات. وفي الوقت نفسه، ستستحوذ القوات الموالية على الغالبية العظمى من المراكز الحضرية في سوريا. ونجاحها في حلب، سيشجّع الحكومة على مضاعفة جهودها لإنهاء الحرب بالوسائل العسكرية.

وفي العام القادم، سيستفيد الموالون بلا شك بمكاسبهم من خلال المضي قدمًا لاستعادة المزيد من الأراضي التي يسيطر عليها المتمرّدون في أماكن أخرى من البلاد. وبصرف النظر عن حلب، فقد أحرزت القوات الحكومية تقدمًا ملحوظًا في المنطقة التي تحيط بالعاصمة السورية. وقد اضطرت الكثير من المدن والمقاطعات والضواحي المحاصرة القريبة من العاصمة، والتي ظلّت لفترة طويلة تحت سيطرة المعارضين، للاستسلام تحت وطأة القصف المكثّف وأساليب التجويع. وبمجرّد تأمين دمشق والسيطرة على حلب، لم يعد المعارضون يشكّلون تهديدًا لحكومة «الأسد». بدلًا من ذلك، سيتركّز انتباههم على الحفاظ على التمرّد قائمًا وسط الهجمات التي لا هوادة فيها من القوات الموالية. (الخريطة: الوضع الميداني في مدينة حلب).

تراجع الدعم

تقترب الحرب الأهلية من بداية مرحلة النهاية، لكنّ النهاية لا تزال بعيدة. سيستغرق النصر العسكري أعوامًا من الحكومة السورية ليتحقّق، إذا كان النصر العسكري ممكنًا في الأساس. فقوات الموالين تفتقر للقوة البشرية الكافية: ففي حين انشغلت أفضل العناصر في عمليات بدمشق وحلب، فقد سيطرت «الدولة الإسلامية» على موقع عسكري ضعيف التدريب في تدمر يوم 11 ديسمبر/ كانون الأول. وهاجمت الجماعة الجهادية بعد ذلك قاعدة جوية غرب المدينة التاريخية. وحاول الموالون تعبئة صفوفهم بالاستعانة بالميليشيات الأجنبية، ولكن حتّى تدفق المقاتلين من الخارج لم يكف مع سنوات من سقوط القتلى والفرار والانشقاق. وببساطة، تواجه القوات الحكومية التي تتحمل فوق طاقتها مشاكل، ليس فقط في الاستيلاء على أراضٍ جديدة، ولكن أيضًا في إيجاد قوات للسيطرة عليها.

قد تبدأ دمشق أيضًا في رؤية حلفائها الأجانب يفقدون اهتمامهم بالمعركة. وقد ساعد الدعم المكثّف للأسد من إيران وروسيا وحزب الله على إعطاء قوّاته اليد العليا على المعارضين بشكل كبير، والذين تلقّوْا مساعدة أجنبية أقل بكثير. وبمجرّد استعادة الحكومة السورية لقبضتها على السلطة، سيبحث بعض شركاء دمشق، لاسيما روسيا، عن أقرب مخرج من الصراع. وعلى الرغم من رغبة الكرملين في الحفاظ على نفوذه في سوريا لحماية قوته التفاوضية مع الولايات المتحدة، لن تكون موسكو حريصة على ضخ المزيد من الموارد إلى ساحة المعركة في حين تعمل القوات الموالية على استعادة كل ركن من أركان البلاد. وفي الواقع، بدأت الخلافات في وجهات النظر بين روسيا وإيران في الظهور فعليًا في عملية استعادة حلب.

حرب مكلفة

في الوقت نفسه، فإن الاقتصاد السوري في حالةٍ يرثى لها. وقد ظهرت الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة مستقرة اقتصاديًا بشكلٍ نسبي مقارنةً بالأراضي المقصوفة والمدمّرة التي يسيطر عليها المعارضون، وهو أمر من المرجّح أن يجعل أفضلية لحكومة «الأسد» على المعارضين بالنسبة للمواطنين. ولكن مع استمرار النزاع، تدهورت الأوضاع الاقتصادية والظروف المعيشية في هذه المناطق أيضًا. وعلى سبيل المثال، أدّت أيضًا عملية «الدولة الإسلامية» لاستعادة تدمر إلى الاستيلاء على غالبية حقول الطاقة المتبقية لدى الموالين. وستزيد تكاليف تمويل القوات العسكرية وإعادة الإعمار بعد الدمار الذي خلّفته الحرب من اعتماد دمشق على الرعاة الأجانب، لاسيما إيران. وسيظل هذا الضعف المحتمل في شريان الحياة المالي عائقًا أمام «الأسد» لإحكام سيطرته على جميع أجزاء البلاد.

وبسقوط حلب، سينشط خيار الحكومة السورية بالمضي قدمًا في الحرب، على الرغم من أنّ الحسم العسكري للصراع لا يزال احتمالًا بعيدًا. ولم يعد المتمرّدون كذلك يميلون لاتفاق سلام يسمح ببقاء «الأسد» في السلطة، بغض النظر عن النكسة المتمثّلة في سقوط المدينة. لذا، على الرغم من أنّ الاستيلاء على حلب سيكون لحظة حاسمة في الحرب الأهلية السورية، فإنّها بأي حال من الأحوال ستكون نقطة التحول التي ستجلب نهاية سريعة لهذا الصراع.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

سوريا حلب بشار الأسد المعارضة السورية إيران روسيا