«فاينانشيال تايمز»: خطة التحول السعودية تواجه مصاعب في جذب الشباب نحو القطاع الخاص

السبت 17 ديسمبر 2016 03:12 ص

على مدى عشرات السنوات، اعتاد الشباب السعودي الوصول إلى وظائف القطاع العام بسهولة، مستفيدين من الرواتب الكبيرة والمنافع التي توفرها عائدات النفط في المملكة. وهي ظاهرة ولّدت ممانعة للعمل في القطاع الخاص، الذي يتطلب ساعات عمل أطول ويعطي امتيازات أقل. ونتج عن هذا شغل العمالة الأجنبية، التي تمثّل ثلث سكان المملكة البالغ غددهم 30 مليون نسمة، نحو 85% من وظائف القطاع الخاص.

لكن «محمد بن سلمان»، ولي ولي العهد الطموح، يرغب في تغيير ذلك. وإذا نجح، فإنّ ملايين السعوديين سيواجهون مالا يسرهم، حيث يحاول الأمير الشاب تنفيذ خطة انتقال جريئة تهدف إلى تقليص الخدمة المدنية ودمج نصف السعوديين الباحثين عن وظائف في القطاع الخاص بحلول عام 2020.

وفي حين يتفق المحللون على أنّ الإصلاح ضروري لتحديث الاقتصاد الجامد المعتمد على النفط، يوجد خطر أنّ المضي قدمًا في التغيير الاجتماعي قد يثير استياءً شعبيًا. ويقول «سيمون وليامز»، كبير الاقتصاديين في بنك إتش إس بي سي في الشرق الأوسط: «هذه هي النقطة التي سيختبر فيها مدى التزام القيادة بعملية التغيير».

ويعتمد مبدأ المركزية في برنامج التحول الوطني للأمير «محمد»، والذي تمّ الكشف عنه في يونيو/ حزيران، على تخفيض معدل البطالة من 11.7% إلى 9% فقط بحلول عام 2020 وإلى 7% خلال الـ 10 أعوام القادمة.

ويعي صناع السياسة أنّ الشباب الذي لا يعمل يكون عرضةً بشكل أكبر للتطرّف وللتجنيد من قبل الجماعات الإسلامية المتشددة، مثل «داعش»، من أجل القيام بهجمات داخلية أو من أجل المعارك في سوريا واليمن.

ولمعالجة هذه القضايا، فإنّ لدى برنامج التحول الوطني هدفًا طموحًا بخلق 450 ألف فرصة عمل في القطاع الخاص بحلول عام 2020 من خلال التوسع في القطاعات غير النفطية، مثل التعدين والسياحة. ولكن في الوقت نفسه، يخطط البرنامج بتقليص الخدمة المدنية بواقع 20%، كجزء من الهدف العام بالحد من الدور المهيمن للدولة.

ويقول «ستيفن هيرتوج»، الأستاذ المشارك بكلية لندن للاقتصاد، أنّ تنفيذ «تخفيض غير مسبوق في الوظائف الحكومية» في الوقت الذي يعاني فيها التوظيف بالقطاع الخاص من آثار انخفاض أسعار النفط، «سيكون من الصعب للغاية سياسيًا»..

وشملت اقتراحات سابقة تقليص ساعات العمل في القطاع الخاص، وجعل عطلة الأسبوع يومين، وإغلاق منافذ البيع بالتجزئة في وقت مبكر للسماح للعمال السعوديين بقضاء وقت أطول في المساء في منازلهم. ويمثّل هذا بالطبع تحديًا كبيرًا، نظرًا لاعتياد السعوديين على العمل في القطاع العام الذي تتسم وظائفه بالاسترخاء. ولكي يوافق السعوديون على هذا التحرك نحو القطاع الخاص، فلا بد من تغيير ثقافة العمل نفسها.

وتدرس وزارة العمل أيضًا تنفيذ نسخة جديدة من مشروع «نطاقات»، وهو مشروع لوائح العمل التي أدخلت عقوبات وحوافز فعّالة لدفع الشركات نحو توظيف المزيد من السعوديين.

لكنّ أصحاب الأعمال يقولون أنّهم يعانون بالفعل مع حصّة الوظائف الوطنية التي تراقب عن كثب. وتحتاج إحدى الشركات الأجنبية التي تقدم الخدمات المالية، والتي توظف 7 مديرين، من بينهم 3 سعوديين، إلى توظيف 7 سعوديين إضافيين لتلبية اللوائح الحالية.

ويقول مدير الشركة، الذي رفض التصريح بهويته: «المشكلة الحقيقية في إيجاد سعوديين مؤهلين، ثمّ العمل على الحفاظ عليهم، لأنّ أي سعودي مع مهارات تسويقية عالية، قد يقفز من السفينة في أي وقت. وإذا تضايق من أي شيء صغير في الشركة، سيتركها ببساطة».

وفي حين يحرص بعض السعوديون على الانضمام للقطاع الخاص، لاسيما الوظائف ذات الياقات البيضاء، فالعديد منهم يفتقر للمهارات اللازمة للمنافسة أمام العمالة الأجنبية الرخيصة. وقد تمّ الهيمنة على نظام التعليم المحافظ في المملكة لعقود من قبل المؤسسة الدينية. وبالنظر إلى مؤشّرات التنمية البشرية في المملكة، ومنها الصحة والتعليم، نجد أنّها تتخلف عن الركب خلف باقي الأسواق الناشئة مثل زامبيا وغانا، بحسب مؤشر رأس المال البشري في البنك الدولي.

وعلى المدى القصير، من الممكن أن ترتفع البطالة مع تراجع خلق الوظائف في القطاع العام، مع تأخير الأجور وارتفاع تكاليف المعيشة بسبب تقليص الدعم، وفق بنك إتش إس بي سي.

ويضيف «هيرتوج»: «إذا كان ولا بد من التخفيضات الكبيرة في القطاع العام، فسيكون التساؤل السياسي الرئيسي هو كيف سيتم تعويض الخاسرين من هذه العملية».

المصدر | فاينانشيال تايمز

  كلمات مفتاحية

السعودية رؤية 2030 الإصلاح الاقتصادي القطاع الخاص محمد بن سلمان