استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

التصور الإيراني للمنطقة

الأحد 18 ديسمبر 2016 03:12 ص

حمل غلاف صحيفة الأخبار البيروتية (المقربة من إيران) يوم الخميس الماضي عنوان "العلاقة المستحيلة"، عن العلاقة بين جهاز المعلومات (الأمني الرسمي) اللبناني وما سماه التقرير "جهاز أمن المقاومة"، داعيا إلى ضرورة التنسيق بينهما، وألا يعملا بصورة متناقضة في لبنان لمواجهة الإرهاب والتحديات الأمنية الأخرى! 

الطريف أن التقرير يتحدث، بصورة واضحة، عن الاعتراف بجهاز أمن المقاومة، التابع لحزب الله، بوصفه موازيا للجهاز الأمني الرسمي، فلم يكتف الحزب فقط باختراق الأجهزة الأمنية وتجيير بعضها لصالحه، فهو يطالب بأن يتم التعامل بين أجهزته وأجهزة الدولة بوصفهما كيانات متوازية. 

دلالة ذلك تصب مباشرة في جوهر التصور الإيراني الجديد للمنطقة العربية، والدول التي أصبح لإيران فيها نفوذ واسع، في مقابل حكومات هشة وضعيفة، وهو تصور لا يكتفي بالعلاقة بتلك الحكومات، بوصفها حليفا موثوقا، بل باستبدال الميليشيات الطائفية بها، وشرعنة عمل الميليشيات لتصبح سلطتها السياسية والأمنية والعسكرية قانونية ورسمية. 

يتمثل المؤشر الأكثر تجليا على هذا التصور بقانون "الحشد الشعبي" الذي أقره مجلس النواب العراقي، نهاية الشهر الماضي، إذ يشرعن الميليشيات الطائفية، ويعطيها صيغة قانونية. وهي، في مواقفها الدينية والأيديولوجية، لا تختلف عن "داعش"، ولا في جرائمها وفكرها المتطرف. لكن الفرق بين الطرفين أن "الحشد الشعبي" في ظهره إيران وروسيا، وتشتبك مصالحه اليوم مع الإدارة الأمريكية في العراق، بينما "داعش" ضد الجميع، حتى القوى السنية المقاومة في العراق وسورية. 

لكن ما هو أخطر وأكثر سوءا من ذلك أن القانون يعطي "حصانة قانونية" لأفراد "الحشد الشعبي"، ويمنع محاكمتهم، ولو بجرائم حرب، إلا بموافقة رئيس الوزراء، وأصبح "الحشد" يعتبر "قوة رديفة للجيش العراقي"، وتتراوح الأعداد المقدرة له بين 100 و140 ألف مقاتل، لهم موازنة مستقلة خاصة، وقيادة مستقلة عن الجيش ووزارة الداخلية. 

لا تتوقف القضية عند شرعنة عمل الميليشيات الموالية لإيران، مثل الحشد الشعبي وحزب الله، والميليشيات الجديدة في سورية، بل لإعداد هذه الميليشيات لتصبح "عابرة للحدود"، تعمل وفق الأجندة الإيرانية ولخدمة أهدافها. وليس بعيدا عن ذلك تصريح قائد الحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، أنه قد يتم إرسال "الحشد الشعبي" إلى سورية، بعد الانتهاء من "داعش" في العراق (كما تم إرسال حزب الله اللبناني إلى هناك سابقا)، فالكل يعمل تحت إمرة الولي الفقيه، بينما الكيانات السياسية والسيادة الوطنية كلها تتبخر. 

الطريف أن نائب رئيس الوزراء العراقي السابق، صالح المطلك، علق على قانون الحشد الشعبي أن "أحلام الدولة المدنية في العراق تبخرت". ولكن، في الواقع لا يوجد أحد يكترث اليوم بالدولة المدنية؛ لا من العراقيين ولا من السوريين، ولا حتى العم سام، ولا الدول العربية التي رعت الثورة المضادة ودعمتها، لنصل إلى ما وصلنا إليه في أغلب الدول العربية. 

حتى الأمريكيون لم يعودوا يأبهون لذلك، فهم يتعاونون اليوم مع "الحشد الشعبي"، هم في الجو و"عصائب أهل الحق" ومساعدو قاسم سليماني على الأرض. وفي سورية الروس في الجو وحزب الله والميليشيات الشيعية على الأرض. والحليف الرئيس للأمريكيين اليوم في المنطقة هو الميليشيات الكردية المسلحة، البشمركة في العراق، و"قوات سورية الديمقراطية" في الشمال السوري.

ويعتمد العرب على ميليشيات مسلحة، وكذلك الأتراك. و"داعش" يقدم نفسه بوصفه الحامي والمدافع عن "السنة العرب" في غياب أي قوة إقليمية عربية سنية، وبعد التحولات الجذرية في الموقف التركي. 

وربما أطرف ما سمعته هو من رجل دين مسيحي في الموصل، من القرى التي "تحررت" من "داعش"، على إذاعة "بي. بي. سي"، أنهم يفضلون ضم بلدته في أطراف الموصل إلى الحكم الكردي، لأن الأكراد هم من حرروهم، بينما تخلت عنهم في الأعوام الماضية حكومة العراق. 

وفي دراسة نشرت أخيرا للباحث الأمريكي، تشارلز ليستر، رصد قرابة 44 ميليشيا تعمل مع النظام السوري، أعضاؤها من 66 جنسية، تقاتل على أساس طائفي في سورية، وموالية للنظامين، الإيراني والسوري. 

وفي ظل ضعف الدول الوطنية والفراغ الاستراتيجي العربي، فإن المرشح لمواجهة تلك الميليشيات ليس جيوشا عربية، بل ميليشيات سنية متطرفة، أي أننا نقف على أعتاب حقبة جديدة عنوانها: الميليشيات بديلا للدول.

* د. محمد سليمان أبورمان - باحث بمركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية مهتم بالحركات الاجتماعية والإصلاح والتحول الديمقراطي

  كلمات مفتاحية

سوريا إيران روسيا الحشد الشعبي داعش حزب الله الولي الفقيه

عن السياسة الإيرانية في منطقتنا

عن الرسائل المتطايرة بين طهران والرياض