«الزواري».. المخترع التونسي الذي مات من أجل فلسطين

الأحد 18 ديسمبر 2016 04:12 ص

«إن الشهيد القائد المهندس الزواري هو أحد القادة الذين أشرفوا على مشروع طائرات الأبابيل القسامية والتي كان لها دورها الذي شهدته الأمة وأشاد به الأحرار في حرب (العصف المأكول) الأخيرة على غزة عام 2014»، بهذه الكلمت نعت كتائب الشهيد «عز الدين القسام» الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، المهندس الطيار «محمد الزواري»، والتي اتهمت جهاز «الموساد» الإسرائيلي باغتياله الخميس الماضي في مدينة صفاقس بالجمهورية التونسية.

«الزواري» والقضية الفلسطينية

و«الزواري» البالغ من العمر 49 عاما، مثل العشرات من أقرانه من الطلاب التونسيين الذي تربوا في الجامعة التونسية على إحدى شعارات الحركة الطلابية التونسية «القضية الفلسطينية قضية مركزية للحركة الطلابية»، وبُحت حناجرهم، وهم يرددونه في ساحات الجامعة وخارجها.

فرغم مغادرته تونس هربا من قمع نظام الرئيس الأسبق «زين العابدين بن علي» عام 1991 عندما حلّ أكبر منظمة طلابية آنذاك، وهي الاتحاد العام التونسي للطلبة (أسسه مستقلون وإسلاميون عام 1985) ولاحق عناصرها سجنا وقتلا، فإن الزواري الذي كان أحد ناشطي تلك المنظمة، حمل القضية معه.

وبحسب معلومات من مصادر خاصة بمدينة صفاقس، استقر الزواري لسنوات في السودان مع كثير من الطلاب التونسيين ثم توجه إلى سوريا واستقر عام 2006 في لبنان ليدير مصنعا هناك.

الاستقرار في لبنان والالتحاق بالقسام 

كتائب «القسام» تقول إنه التحق بصفوفها منذ 10 سنوات، وهو تاريخ يقابل تاريخ استقراره في لبنان فهو من ناحية يدير مصنعا ومن ناحية يعمل لفائدة المقاومة، وفق المصادر.

 

وقبل ذلك كان يذهب إلى سوريا، وبحسب شقيقه «رضوان الزواري»، فإن «محمد» تزوج عام 1997 بفتاة سورية. 

سوريا ولبنان ليستا بعيدتين عن فلسطين، وهناك يتعمق الحب لفلسطين وعلى الحدود اللبنانية السورية استشهد كثير من أبناء تونس وهم يقاومون الاحتلال ومنهم «رياض بن جماعة» الذي استشهد في عملية فدائية عام 1995. 

ويشترك «رياض بن جماعة» مع «محمد الزواري» في نشاطهم السابق ضمن «الاتحاد العام التونسي للطلبة»، رغم اختلاف المشارب الفكرية، رياض اليساري والزواري الإسلامي. 

بعد ثورة يناير/كانون ثان 2011، عاد «محمد الزواري» إلى تونس، عقب زوال مانع الملاحقة الأمنية، ولكنه أعماله بالخارج استمرت.

يقول عنه صديقه «بلقاسم المكي» في جمعية نادي الطيران في الجنوب التي كان يرأسها «الزواري»، إنه لا يتكلم كثيرا إنه يعمل فقط ويريد تشجيع الشباب على الاهتمام بتقنية الطائرة دون طيار.

عودة وحنين

وفي ذات الوقت عاوده الحنين الى كليته الأولى التي علمته حب العلم مع حب فلسطين والنضال من أجلها، مدرسة المهندسين بصفاقس للتسجيل في شهادة الدكتوراه حول مشروع تصنيع غواصة بالتحكم عن بعد، ولكن البعض يقول إنه توربيد بحري. 

ومع حبه للقضية الفلسطينية، فإن كل الذين يعرفون «الزواري»، أجمعوا في شهاداتهم على شبكة التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أنه صاحب أخلاق ولا يتحدث إلا عن العمل فهو لا يزال (حتى اغتياله) يدير شركة في تركيا ويدير أعمالا في لبنان. 

حب «الزواري» للطيران وللعلم لم ينقطع أبدا، فالسبت الماضي قدم محاضرة في "مدرسة المهندسين بصفاقس"، ولم يكن أحد يعلم أنها آخر محاضرة سيقدمها لأن خطة القضاء عليه ربما كانت جاهزة. 

ورغم ما جاء في «بيان القسام»، فإن التساؤلات لم تنقطع في الشارع التونسي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي حول كيفية الوصول إلى رجل بهذه القيمة العلمية واغتياله داخل سيارته وأمام منزله، لاسيما أن بيانات وزارة الداخلية التونسية حول الحادث لم تعلن حتى الآن الجهة التي تقف وراءه.

كتائب «القسام» تنعي

وقالت «القسام» في بيان صحفي نشر عبر موقعها الرسمي، مساء السبت: «إن الشهيد القائد المهندس الزواري هو أحد القادة الذين أشرفوا على مشروع طائرات الأبابيل القسامية والتي كان لها دورها الذي شهدته الأمة وأشاد به الأحرار في حرب (العصف المأكول) الأخيرة على غزة عام 2014».

وأضاف البيان: «كان القائد الطيار الزواري قد التحق بصفوف المقاومة الفلسطينية وانضم لكتائب القسام قبل 10 سنوات، وعمل في صفوفها أسوة بالكثيرين من أبناء أمتنا العربية والإسلامية، الذين كانت فلسطين والقدس والأقصى بوصلتهم، وأبلوا في ساحات المقاومة والفعل ضد الاحتلال بلاء حسنا، وجاهدوا في صفوف كتائب القسام دفاعا عن فلسطين ونيابة عن الأمة بأسرها».

وأكدت «القسام» أن عملية اغتيال «الزواري» في تونس هي اعتداء على المقاومة الفلسطينية وكتائب «القسام»، متابعة: «على العدو أن يعلم بأن دماء القائد الزواري لن تذهب هدرا ولن تضيع سدى».

وقدمت «القسام» تحياتها لشعب تونس، مؤكدة أن هذا الشعب قد برهن في كل المحطات أنه شعب الثوار وشعب المقاومين والأحرار، ووقف على الدوام مع فلسطين وشعبها ومقاومتها.

وأردف البيان قائلا: «إن عملية اغتيال الشهيد الزواري تمثل ناقوس خطر لأمتنا العربية والإسلامية، بأن الاحتلال وعملاءه يلعبون في دول المنطقة ويمارسون أدوارا قذرة، وقد آن الأوان لأن تقطع هذه اليد الجبانة الخائنة».

ورغم أن (إسرائيل) لم تعلق على رواية «كتائب القسام» حتى الساعة، إلا أن الرواية توافقت مع ما قاله الإعلامي التونسي «برهان بسيس»، في وقت سابق، بأن «العملية يقف وراءها جهاز الموساد الإسرائيلي، الذي رصده واغتاله أمام منزله في صفاقس».

 

وقال الإعلامي التونسي إن معلوماته استقاها وفق معطيات من مصادر وصفها بالموثوقة (لم يسمها).

الداخلية التونسية واعتقال المتورطين

وكانت وزارة الداخلية في تونس قالت إن وحدات الأمن تمكنت من اعتقال مواطنة تونسية لها علاقة بعملية الاغتيال التي استهدفت مهندس الطيران «محمد الزواري».

وأضافت الوزارة في بيان، السبت، أنه تم استدراج المرأة للعودة من إحدى الدول الأوروبية، في حين أوردت مصادر إعلامية أن هذه الدولة هي المجر.

وذكرت مصادر صحفية أن المعلومات تشير إلى أن مواطنا بلجيكيا من أصل مغربي دخل منذ 3 أشهر إلى تونس في إطار الإعداد لعملية القتل وربط علاقة تجارية بهذه المرأة التي لها شركة في مجال الإعلام، حيث تم الترتيب لإجراء مقابلة صحفية مع الضحية على مرحلتين.

وقال إن المعلومات تفيد أن شاحنة كانت رابضة أمام منزل «الزواري»، وبمجرد خروجه تقدمت نحو سيارته لتغطية الفضاء من حولها، بينما قام شخصان بإطلاق عشرين رصاصة من مسدسين كاتمين للصوت استقرت 8 منها في جسده.

وقالت وزارة الداخلية في وقت سابق إن وحدات أمنية اعتقلت 5 أشخاص بشبهة ضلوعهم في اغتيال «الزواري»، مشيرة إلى أنه تم استهداف الضحية داخل سيارته وأمام منزله.

وأضافت أنه تم حجز 4 سيارات استعملت في تنفيذ الجريمة، ومسدسين وكاتمي صوت استعملا في العملية.

وفي سياق متصل، قال «رضوان الزواري»، شقيق «محمد»، إن أخاه لم يتلق أي تهديدات سابقا.

  كلمات مفتاحية

القسام محمد الزواري الداخلية التونسية إسرائيل طائرات الأبابيل العصف المأكول حماس فلسطين