هل تفضل العزلة؟ احترس .. قد تكون عبقريًا!

الأحد 18 ديسمبر 2016 10:12 ص

علماء النفس يعلمون جيدًا الأشياء التي تتسبب في سعادة الإنسان، والأمر ليس معقدًا في الحقيقة، فنحن نشترك في أغلب أسباب السعادة، فمن منا لن يكون سعيدًا ومرتاح البال أثناء رحلة في وسط طبيعة مدهشة الجمال؟ أو من لن يكون سعيدًا أثناء سماعه لمقطوعة موسيقية جميلة؟

كذلك عند أغلب البشر، فإن تكوين العلاقات وكوننا على اتصال دائم مع أصدقاء يجعلنا نشعر بالرضا والسعادة، إلا إذا كنت ذكيًا للغاية، عندها يصبح الأمر مختلفًا تمامًا.

في ورقة بحثية نشرت في الدورية البريطانية لعلم النفس، توصل الباحثان «نورمان لي» و«ساتوشي كانازاوا» إلى أن الأشخاص مفرطي الذكاء يعانون من الاكتئاب أو من انعدام في الرضا عن حياتهم عندما يختلطون بأصدقاء أو أناس آخرين في أغلب الأحيان. أي أنهم يكونون أكثر سعادة عندما يتركون وحدهم.

للتوصل إلى هذا الاستنتاج قام الباحثان بعمل مسح على 15,197 شخصًا تراوحت أعمارهم بين الـ18 والـ28 عامًا، ثم قاموا بعمل استقصاء يقيس مدى رضا أولئك الأشخاص عن حياتهم، وعلاقة ذلك بحالتهم الصحية ودرجة ذكائهم.

كشفت البيانات المجموعة أن كون الفرد موجود حول حشود كثيفة من الناس غالبًا ما يؤدي إلى تعاسته، بينما كونه وسط مجموعة من الأصدقاء، فإن ذلك يؤدي إلى شعوره بالسعادة، الأمر الذي لم ينطبق على الأشخاص الذين وصف ذكاؤهم بالمرتفع للغاية.

يفسر الباحثون تلك النتائج بما يطلق عليه «نظرية السافانا للسعادة»، وهي النظرية التي تقول بأن الرضا في الحياة لا يتم قياسه بما يجري في الوقت الحالي فقط، إنما أيضًا بما كان يحدث في الماضي، أو بالأحرى كيف تعامل أسلافنا مع ذلك الحدث.

ولكن كيف لذلك أن يكون ذا صلة بما يحدث الآن؟

من أجل تفسير ذلك، قام العلماء بصياغة ما يسمى بعلم النفس التطوري، وهو تطور الدماغ البشري في التكيف مع الظروف خلال الزمن، لذلك تواجه أدمغتنا مشاكل أحيانًا في التعامل مع الحالات الفريدة من نوعها أو التي لم يتعرض لها أسلافنا قبلا.

قديمًا، كان الاختلاف الرئيس عن الآن هو الكثافة السكانية، فكان الناس يمضون أوقاتًا أكبر مع أصدقائهم ولم يكن الزحام أو الاكتظاظ سمة معروفة، على العكس من الآن، لذلك فإنه وطبقًا لنظرية السافانا، فان أدمغتنا تتطور بناءً على ذلك، مفضلة البقاء وسط الأصدقاء عن التواجد وسط جموع من الناس، الأمر الذي يختلف عند من هم أكثر ذكاءً لأن درجة ذكائهم تحد من تأثرهم بنظرية السافانا للسعادة، فيقومون بتطوير أدمغتهم بشكل يختلف عن أسلافهم، أي في هذه الحالة فإنهم لا يفضلون العلاقات الاجتماعية الوثيقة.

وعلى الرغم من أن الدراسة أظهرت أن الأشخاص الأكثر ذكاءً كانوا أكثر اجتماعية، إلا أن أولئك الأشخاص اتفقوا على الشعور بعدم حاجتهم إلى تلك العلاقات، أو بعدم فائدتها أو أهميتها تمامًا بالنسبة لهم. 

الذكاء، هو الآليات النفسية التي طورها الإنسان عبر الزمن للتغلب على المشاكل الجديدة والتحديات التي تواجهه، واتصال الإنسان الدائم مع أصدقائه وحلفائه سمح له بالبقاء على قيد الحياة والنجاة.

إلا أن الأشخاص متفوقي الذكاء للغاية كانوا أكثر قدرة على حل مشاكلهم بدون الحاجة إلى المساعدة من أشخاص آخرين أو بالأحرى أصدقاء. هذا لا يعني بالطبع أن الأشخاص الذين يحبون قضاء الوقت مع أصدقائهم ليسوا أذكياء، ولكنه يعني أن الأشخاص مفرطي الذكاء الذين يفضلون الشعور بالعزلة، ليسوا مكتئبين أو تعساء، هم فقط يفضلون العيش على هذا النحو.

  كلمات مفتاحية

الذكاء الانطوائية العزلة الصحة النفسية