تقرير: 3 كيانات مطعون في شرعيتها تتصارع على حكم ليبيا في 2017

الأربعاء 21 ديسمبر 2016 05:12 ص

أوضح تقرير صحفي أن ليبيا تتجه إلى عام 2017 وعلى أرضها 3 كيانات متصارعة على السلطة ومطعون في شرعيتها جميعا، وهي المجلس الرئاسي، ومجلس النواب، والمؤتمر الوطني العام.

وأشار التقرير إلى أنه بحلول 17 ديسمبر/كانون أول الجاري، طالت أزمة الشرعية المجلس الرئاسي، الذي انبثق عن اتفاق الصخيرات بالمغرب، والذي يقول البعض إنه حدد فترة حكم هذا المجلس بعام قابل للتجديد.

ففي مدينة الصخيرات المغربية، وقعت الأطراف الليبية المتنازعة علي السلطة على اتفاق يقضي بتشكيل 3 أجسام تقود المرحلة الانتقالية، وهي: حكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج، ومجلس أعلي للدولة مكون من أعضاء المؤتمر الوطني والمجلس الرئاسي المكون من رئيس الحكومة ونوابه التسعة، إضافة إلى بقاء مجلس النواب (منعقد في مدينة طبرق- شرق) كجهة تشريعية.

وبحسب الاتفاق السياسي، فإن الأجسام التي شكلت بناء عليه، وبينها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، مدتها سنة واحدة، قابلة للتمديد، وفق المادة 69 من نص الاتفاق، التي تقول: «يدخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ فور قيام أطراف الحوار السياسي الليبي بإقراره واعتماده كاملا وتوقيعه».

بداية الانقسام

ووفق التقرير، فإن الأزمة في ليبيا بدأت علي شكل حرب أهلية في 13 يوليو/تموز 2014، إثر إطلاق قوي مسلحة من مدن مصراتة والزاوية وريان وصبراته، تحت اسم «فجر ليبيا»، عملية عسكرية من العاصمة طرابلس ضد كتائب أخري مسلحة تابعة لمدينتي ورشفانه والزنتان، وذلك بعد إعلان المؤتمر الوطني العام عودته للحكم وتشكيل حكومة له.

كان ذلك قبل انعقاد أولي جلسات مجلس النواب، يوم 4 أغسطس/آب 2014، والذي انتخب، في 25 مايو/أيار 2014، ليحل محل المؤتمر الوطني، لكن إشكالية التسليم والاستلام بينهما أدخلت ليبيا في أزمة سياسية خانقة، تمثلت في وجود برلمانين (المؤتمر ومجلس النواب)، إضافة إلى حكومتين، وهما حكومة الإنقاذ، وانبثقت عن المؤتمر في 25 أغسطس/آب 2014، والحكومة المؤقتة، وانبثقت عن مجلس النواب، في سبتمبر/أيلول 2014، وسيطرت الأولي علي الغرب، بينما سيطرت الثانية علي شرق البلد.

بداية حوار لم الشمل

وذكر التقرير أن الوضع استمر متأزما حتى إعلان بعثة «الأمم المتحدة» للدعم في ليبيا، على لسان مبعوثها آنذاك «برناردينو ليون»، بداية جهود لحل الأزمتين الأمنية والسياسية بعقد أولي جلسات حوار سياسي ليبي في مدينة غدامس، يوم 29 سبتمبر/أيلول 2014، لكنها كانت جولة بين وجهين لعملة واحدة، كما وصفها البعض، باعتبارها ضمت فقط أعضاء مجلس النواب والأعضاء المقاطعين لجلساته.

وإثر انتقادات لها بتجاهل باقي أطراف النزاع الفاعلين، أضافت البعثة الأممية أطرافا جديدة للجولة الثانية من الحوار السياسي، في جنيف، يوم 15 يناير/كانون الثاني 2015.

وبعد 10 أيام، عقد جولة أخرى تضمنت أربعة مسارات، وهي: المجالس البلدية، والجماعات المسلحة، والتيارات والأحزاب السياسية، إضافة إلى مشاركة مشايخ وأعيان القبائل والمناطق.

بعد سويسرا انتقل الحوار السياسي الليبي إلي المغرب، حيث جرت جولة في مجمع الصخيرات، يوم 11 يوليو تموز 2015، بمشاركة ممثلين عن مجلس النواب والمجالس البلدية، وأبرزها مصراته، إضافة إلى أحزاب سياسية، أبرزها تحالف القوى الوطنية (ليبرالي) وحزب العدالة والبناء (إسلامي) وآخرين مستقلين، وأعضاء من المجتمع المدني.

في ذلك اليوم، وقعت الأطراف الليبية على مسودة اتفاق كانت الرابعة في عدد المسودات المطروحة حتي تاريخه، ولاقت اعتراضات كثيرة، لا سيما من المؤتمر الوطني العام في طرابلس، الذي لم يحضر ممثلوه توقيع الاتفاق، مشترطا إدخال تعديلاته عليها.

تلك التعديلات أجرت بعد أن تجددت جولات الحوار، في جنيف، حيث طرحت مسودة رابعة معدلة لاقت هي الأخرى انتقادات جديده، لتستمر جولات الحوار وتتعدد أماكنها، حتى عادت إلى الصخيرات، التي شهدت الاتفاق علي آخر مسودة (الخامسة والأخيرة)، وجرى التوقيع عليها في 17 ديسمبر/كانون الثاني 2015، من قبل وفود عن المؤتمر الوطني ومجلس النواب والنواب المقاطعين لجلسات الأخير، إضافة إلى وفد عن المستقلين، وبحضور سفراء ومبعوثين دول عربية وأجنبية.

عودة إلى المربع الأول

وقال التقرير إنه بعد عامين من الخلافات بين الفرقاء، ومع اقتراب عام 2016 من نهايته تفجرت في ليبيا أزمة شرعية جديدة، ربما تعود بالليبيين إلى المربع الأول، فالأزمة هذه المرة ليست بين الأطراف المتنازعة السابقة علي السلطة، بل في الجسم الجديد الذي نشأ بالأساس لحل أزمة تعدد الشرعيات.

وأوضح أن الأزمة الجديدة تتمثل في إصرار أطراف ليبية على أن مدة المجلس الرئاسي (انبثقت عنه حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا) انتهت يوم 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بينما ترى أطراف أخرى أن شرعية المجلس لم تنته بحلول هذا التاريخ، بدعوى أن مدة العام، التي حددها اتفاق الصخيرات، تبدأ من تاريخ تضمين هذا الاتفاق في الإعلان الدستوري، وهو ما لم يتم بعد.

كثيرون يدافعون عن استمرار المجلس الرئاسي، بينهم رئيس بعثة «الأمم المتحدة» للدعم في ليبيا، «مارتن كوبلر»، الذي قال إن مدة السنة المقررة للمجلس الرئاسي تبدأ بعد اعتماد مجلس النواب للاتفاق، وليس قبل ذلك.

وبحسب التقرير فإن «كوبلر»، الذي أشرف علي توقيع اتفاق الصخيرات ويتابع جهود تطبيقه، أوضح في تصريحات صحفية مؤخرا أنه بمجرد اعتماد مجلس النواب للاتفاق، يبدأ سريانه واحتساب سنة المجلس الرئاسي، ومن ثم إمكانية تمديد عمل المجلس عاما آخر.

ولإرضاء المطالبين بانتهاء فترة المجلس الرئاسي، ألمح «كوبلر» إلى إمكانية تعديل الاتفاق، الذي كان يرفض تعديله، قائلا إن شكل المجلس الرئاسي، ومسألة العودة إلى المسودة الرابعة من اتفاق الصخيرات، كلها قرارات تعود إلى الليبيين أنفسهم، وهناك آلية للتعديل داخل الاتفاق، لكن كل هذا بعد تضمين الاتفاق في الإعلان الدستوري.

وأشار التقرير إلى أنه ومنذ بداية العام الجاري، فشل مجلس النواب في عقد جلسة رسمية للتصويت علي تضمين اتفاق الصخيرات في الإعلان الدستوري؛ بسبب رغبة نواب في إدخال تعديلات على الاتفاق، منها حذف المادة الثامنة، التي تحيل جميع الصلاحيات السيادية، مثل القائد الأعلى للجيش، إلي المجلس الرئاسي، بدلا من مجلس النواب (تتبعه قوات بقيادة خليفة حفتر)، وللسبب نفسه، رفض المجلس أكثر من تشكيلة لحكومة الوفاق الوطني تقدم بها المجلس الرئاسي.

على الجانب الآخر، تطالب أصوات بانتهاء مدة المجلس الرئاسي، وبينهم المحامي «ضو المنصوري»، عضو «لجنة الستين» (هيئة مستقلة منتخبة لصياغة دستور دائم لليبيا)، حيث دعا رجال القانون والقضاء في ليبيا إلى النظر في ما علنه المبعوث الأممي.

وقال التقرير إن «المنصوري»، كتب في تدوين له عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، الأربعاء الماضي، أن مدة المجلس الرئاسي انتهت بحلول 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري، متسائلا: «إذا كانت مدة الرئاسي لم تبدأ بحسب كوبلر فما مدى مشروعية القرارات الصادرة عنه، وتقترب من 600 قرار، واعتماد سفراء والتصرف في ميزانية الدولة؟ وعقد اتفاقات معلنة وسرية، وتمثل الدولة الليبية في المؤتمرات الدولية؟».

ووجه المحامي الليبي سؤالا آخر لرجال القضاء الليبي قائلا: «بماذا ستحكمون إذا قدم طعن إداري في أي من هذه القرارات الصادرة عن (المجلس) الرئاسي؟ هل سيكون الحكم بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة؟ أم أن هناك نظريات جديدة في الفقه الإداري؟».

أما المجلس الرئاسي الليبي، فيلتزم الصمت، لكن من المتوقع أن يمدد لنفسه، فعادة في ليبيا تمدد الأجسام الحكومية مدة شرعيتها بنفسها، ففي وقت سابق مدد المؤتمر الوطني لنفسه في نهاية ولايته (يوم 23 ديسمبر/كانون الأول 2013)، قبل أن يمدد فترة بقائه في السلطة مرة أخرى رغم انتخاب جسم بديل له، وهو مجلس النواب، الذي بدوره مدد لنفسه بعد انتهاء صلاحيته المقررة، يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول 2015، ليستمر حتى اليوم كجسم تشريعي.

وفي ظل وجود ثلاث كيانات تتصارع على السلطة وتطعن في شرعية بعضها البعض، تظل في ليبيا أسئلة عديدة تبحث عن إجابات، ولعل أهمها: هل ينتهي عام 2016 دون أن يحقق الاتفاق السياسي أيا من أهدافه ؟ وهل تطوي صفحة اتفاق الصخيرات ليشهد عام 2017 جولات ماراثونية أخري بحثا عن اتفاق جديد ؟ وهل يشهد عام 2017 إضافة أزمة جديدة في بلد يعاني شعبه بالأساس من أزمات سياسية واقتصادية وأمنية متفاقمة لا سيما منذ أن أطاحت ثورة شعبية بالعقيد «معمر القذافي» عام 2011؟

  كلمات مفتاحية

ليبيا المجلس الرئاسي مجلس النواب اتفاق الصخيرات حكومة الوفاق فجر ليبيا

قوات «حفتر» تشن غارات على معسكر لسرايا الدفاع وسط ليبيا