«النفاق المصري».. تفاصيل انقلاب «السيسي» على إدانة الاستيطان استجابة لـ«نتنياهو»

الجمعة 23 ديسمبر 2016 05:12 ص

أفادت صحيفتا «النيويورك تايمز» الأمريكية، و«هآرتس» (الإسرائيلية)، أن تواصلا تم بين رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو، والرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» لسحب مشروع القرار المقدم أمام مجلس الأمن والذي يدين الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقال التقرير الذي نشرته الصحيفتين، اليوم الجمعة، إن «نتنياهو تواصل مع السيسي وطلب منه سحب القرار».

وأضافت الصحيفتين، «نظرا لقوة العلاقة بين الاتنين، السيسي قبل التراجع عن مناقشة مشروع القرار وأمر السفير المصري بسحبه قبل فترة قصيرة من المناقشة العلنية بحجة مراجعة الصياغة مع المجموعة العربية».

وقال مصدر غربي في واشنطن، إن «القاهرة طلبت تأجيل التصويت على مشروع القرار المتعلق بإدانة الاستيطان بهدف القضاء عليه في نهاية المطاف».

وأضاف المسؤول الغربي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن «القاهرة أجلت التصويت على مشروع القرار المتعلق بالاستيطان تحت ضغط من الحكومة (الإسرائيلية) بهدف إفشاله في نهاية المطاف»، بحسب قناة «الجزيرة».

ووصف المسؤول الغربي، الموقف المصري بأنه يمثل «قمة النفاق»، وفق تعبيره.

من جانبها اعترفت الرئاسة المصرية بأن الرئيس «عبد الفتاح السيسي» تحدث هاتفيا مع الرئيس الأميركي المنتخب «دونالد ترمب» حول الموضوع.

وقال المتحدث الرئاسي في مصر «علاء يوسف»، إنه «تم خلال الاتصال تناول مشروع القرار المطروح أمام مجلس الأمن حول الاستيطان (الإسرائيلي) حيث اتفق الرئيسان على أهمية إتاحة الفرصة للإدارة الأمريكية الجديدة للتعامل بشكل متكامل مع كافة أبعاد القضية الفلسطينية بهدف تحقيق تسوية شاملة ونهائية لهذه القضية»، بحسب «رويترز».

وصرح مسؤول إسرائيلي كبير بأن الحكومة (الإسرائيلية) طلبت من «ترامب» ممارسة ضغوط بعد أن فشلوا في إقناع المسؤولين الأميركيين باستخدام حق النقض (فيتو) لمنع التصديق على مسودة القرار وأنهم طلبوا منه التدخل. وقال مسؤولان غربيان إن إدارة أوباما كانت تعتزم الامتناع عن التصويت، بحسب «رويترز».

وأرسل «ترامب» بعد ذلك تغريدة يدعو فيها لاستخدام «الفيتو» الأميركي وتحدث هاتفياً مع الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» الذي اتخذ خطوة مفاجئة حين طلب من الوفد المصري تأجيل التصويت الذي كان مقررا أمس على مسودة القرار التي طرحها.

كان مصدر دبلوماسي غربي قال في وقت سابق إن التصويت على مشروع القرار قد تأجل ربما لأجل غير مسمى، بحسب «أصوات مصرية».

وقال دبلوماسيون، إن نيوزيلندا وفنزويلا وماليزيا والسنغال أبلغت مصر بأنها إن لم توضح ما إن كانت تعتزم الدعوة لإجراء تصويت على مشروع قرار يطالب (إسرائيل) بوقف البناء الاستيطاني فإن هذه الدول تحتفظ بحق طرح هذه الدعوة.

وقالت الدول الأربع في مذكرة لمصر، «في حال قررت مصر أنه لن يمكنها المضي في الدعوة لإجراء تصويت في 23 ديسمبر أو إذا لم تقدم ردا قبل انقضاء ذلك الموعد فإن هذه الوفود تحتفظ بالحق في تقديم المشروع، والتحرك لإجراء تصويت عليه بأسرع ما يمكن».

وكان الفلسطينيون طرفا أيضا في المذكرة التي قالت «هناك شعور قوي بخيبة الأمل» لعدم تصويت مجلس الأمن على النص يوم الخميس كما كان مزمعا.

وأثار طلب مصر تأجيل التصويت على مشروع قرار قدمته بنفسها لـ «مجلس الأمن» الدولي يدين الاستيطان (الإسرائيلي) موجة غضب واستنكار واسعة.

إلى ذلك، قال دبلوماسي (إسرائيلي) إن مسؤولين من مكتب رئيس الوزراء (الإسرائيلي) «بنيامين نتنياهو» تحدثوا مع مسؤولين مصريين، الخميس، بشأن تأجيل تصويت بمجلس الأمن الدولي على مشروع قرار يطالب بوقف بناء المستوطنات (الإسرائيلية).

وأضاف الدبلوماسي ـ الذي طلب من رويترز عدم نشر اسمه ـ أن «زعماء يهودا آخرين غير إسرائيليين لهم اتصالات جيدة مع مصر أثاروا المسألة أيضا».

ووزعت مصر مسودة القرار، مساء الأربعاء، وكان من المقرر أن يصوت المجلس المؤلف من 15 دولة عليها في الساعة الثالثة مساء (2000 بتوقيت جرينتش) الخميس.

وأرجع دبلوماسيون قرار مصر (العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن) بتأجيل التصويت على مشروع القرار إلى أجل غير مسمي إثر ضغوط مارستها (إسرائيل) على المستويات السياسية في القاهرة، حسب قولهم.

وذكروا أنه على الرغم من اللغة المخففة التي صيغ بها مشروع القرار، إلا أن مصر اضطرت إلى إرجاء التصويت نظرا للمعارضة الشديدة التي أبدتها له إسرائيل والرئيس الأمريكي المنتخب «دونالد ترامب».

وفي وقت سابق الخميس، دعا الرئيس الأمريكي المنتخب، «دونالد ترامب»، في تدوينة له على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي، واشنطن إلى استخدام الفيتو ضد مشروع القرار المصري، فيما وصف مندوب (إسرائيل) الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير «داني دانون»، مشروع القرار بأنه «يمثل ذروة النفاق ويعد مكافأة لسياسة التحريض والإرهاب التي ينتهجها الفلسطينيون»، على حد قوله.

وكان الباحث في الشؤون الإسرائيلية «سلطان العجلوني» قال إن العلاقات المصرية الإسرائيلية في عهد «السيسي» تجاوزت مرحلة التحالف إلى مرحلة الحب بين «السيسي» ورئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو»، مضيفا أن «السيسي» يريد من وراء تصريحاته الدافئة بشأن (إسرائيل) استمرار الدعم الأمريكي والأوروبي لنظامه من خلال البوابة الإسرائيلية.

الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني الشهير «ياسر الزعاترة» علق على موقف مصر عبر صفحته الشخصية على تويتر، قائلا «فضيحة الفضائح. نظام السيسي ينقذ الكيان الصهيوني، ويعطل قرارا ضد الاستيطان. هذا نظام لم يعد يخجل من التواطؤ مع الصهاينة ومع عدوان إيران»، مضيفا «حتى في أجمل أحلامه، لم يتخيل نتنياهو أن يحصل على نظام في القاهرة بهذا المستوى من التواطؤ معه. لا مبارك ولا السادات فعلا ذلك».

وتابع «الوجه الآخر للفضيحة التي نحن بصددها هي فضيحة خامنئي وأدعياء الممانعة، فما دام السيسي معهم في عدوانهم، فكل ما يفعله في حب نتنياهو مغفور!!».

وزاد «الزعاترة» «لن نسمع من قيادة السلطة أي انتقاد لما فعله نظام السيسي، فعباس معني بكسبه ضد دحلان، وليس لصالح القضية. هنا تتقزم القضايا الكبرى لصالح شخص».

واختتم تغريداته بقوله «سيصمت أدعياء القومية والثورية كما صمتوا من قبل على إسناد السيسي للصهاينة. يا شرفاء مصر: هذا النظام يسيء لكم ولبلدكم. لا تصمتوا».

وفي السياق ذاته، انتقد مدير المركز العربي للأبحاث «عزمي بشارة» عبر «تويتر» الموقف المصري، قائلا: «لجأ نتنياهو إلى السيسي لأنه لم يكن واثقا أن أوباما سوف يستخدم حق النقض ضد قرار مجلس الأمن الداعي لوقف الاستيطان. فطلب الأخير تأجيل التصويت!!».

ويحتاج مشروع القرار لتمريره تسعة أصوات مؤيدة وعدم استخدام أي من الأعضاء الخمسة الدائمين، وهم (الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا وبريطانيا والصين) حق الفيتو.

المصدر | الخليج الجديد + صحف

  كلمات مفتاحية

عبدالفتاح السيسى بنيامين نتنياهو الاستيطان الإسرائيلي مجلس الأمن الأراضي المحتلة