خبراء: المصالح المشتركة تفرض تقاربا بين مصر و«حماس»

الأربعاء 4 يناير 2017 07:01 ص

قال خبراء فلسطينيون إن «العلاقة بين مصر وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، المسيطرة على قطاع غزة، تشهد تقاربا ملحوظا، يؤسس، لفتح صفحة جديدة من العلاقات الثنائية، تفرضها لغة المصالح المشتركة».

واعتبروا أن مصر معنية بتحقيق فوائد اقتصادية، عبر تصدير بضائع إلى غزة، وسياسية بالحفاظ على وضعها كراع رئيس للملف الفلسطيني، وأمنية عبر ضبط الحدود، مقابل سعي «حماس» إلى تحسين الوضع المعيشي في القطاع المحاصر، لاسيما في ظل تراجع مواردها المالية، إثر إغلاق وتدمير السلطات المصرية للأنفاق الحدودية.

ومن جانبه، يرى «طلال عوكل»، الكاتب السياسي في صحيفة «الأيام» الفلسطينية الصادرة من الضفة الغربية، أن «هناك العديد من الإشارات لتحسين العلاقة بين مصر وحماس».

وتابع «السلطات المصرية تدرك جيدا أن العلاقة مع حماس المسيطرة على غزة، ستحمل للقاهرة آثارا إيجابية على الصعيد الاقتصادي والأمني والسياسي، وبدورها قدمت حماس إشارات على أنها معنية بعلاقة جيدة مع السلطات المصرية وفض الاشتباك القديم».

وأكد أن «الاقتصاد يلعب دورا مهما في تحسين العلاقة بين الجانبين، فحماس تسعى إلى لتحسين الوضع المعيشي والإنساني لسكان القطاع (قرابة مليوني نسمة) المحاصرين للعام العاشر على التوالي، وفي الوقت نفسه من شأن الانفتاح التجاري على غزة ن ينعكس إيجابا على اقتصاد مصر».

أما «أحمد يوسف»، رئيس «مركز بيت الحكمة للاستشارات وحل النزاعات» في غزة، فيقول «هناك مؤشرات واضحة على استعداد القيادة المصرية لتطوير علاقتها مع حركة حماس».

وأشار إلى أن «الأيام القليلة المقبلة قد تشهد تطورا ملحوظا في العلاقة بين الجانبين.. مصر لها ثقلها ووزنها السياسي في المنطقة، وهي تريد أن تبقى الراعية للملف الفلسطيني، وتدرك جيدا أن غزة بوابة سياسية واقتصادية وأمنية».

ومنذ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة صيف 2014، تعتبر مصر الراعي الرئيس لمفاوضات التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما أنها الراعي الرئيس لملف المصالحة الفلسطينية الداخلية.

ووفق الخبير الفلسطيني، فإن «عام 2017 قد يحمل إرهاصات الانفتاح المصري على غزة وحركة حماس، ما سينعكس على زيادة أيام فتح معبر رفح البري، والتبادل التجاري..الطرفان لديهما مصالح مشتركة ما يدفعهما إلى التقارب وتحسين العلاقة الثنائية، وطي صفحات الخلاف».

وأكد أن «التقارب بين السلطات المصرية والقيادي المفصول في حركة (التحرير الوطني الفلسطيني) فتح، محمد دحلان، قد يكون له دور في تحسين العلاقة بين القاهرة وحماس، فدحلان يدرك جيدا أن تعزيز نفوذه يبدأ من غزة، وقد تنعكس علاقاته الإيجابية مع النظام المصري على أوضاع القطاع وحركة حماس».

بجانب الفوائد الاقتصادية، قال «عدنان أبو عامر»، الكاتب السياسي، عميد كلية الآداب بجامعة الأمّة (خاصة) في غزة، إن «مصر تسعى إلى تحسين العلاقة مع حماس، لضبط الأوضاع الأمنية على الحدود».

وتابع «صحيح أن الجانب الاقتصادي والسياسي يلعب دورا كبيرا في تحسين العلاقة بين الطرفين، لكن السلطات المصرية ترى في ضبط الحدود أمرا بالغ الأهمية».

قبل أيام، صرح المتحدث باسم «حماس»، «حازم قاسم»، بأن عضو المكتب السياسي للحركة، «موسى أبو مرزوق، وصل القاهرة قبل أيام (لم يحدد التاريخ)، وعقد لقاء إيجابيا مع مسؤولين مصريين (لم يذكر أسماءهم)».

وأضاف بأن «تلك الزيارة جاءت ضمن لقاءات مستمرة مع الجانب المصري، تحرص عليها حماس وتسعى إلى تطويرها»، دون مزيد من التفاصيل. 

وبحسب مواقع إلكترونية مقربة من «حماس»، من المقرر أن يلتقي «إسماعيل هنية»، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، بقيادة جهاز المخابرات المصرية، في طريق عودته إلى غزة، من زيارته خارجية بدأها في 5 سبتمبر/أيلول الماضي.

وإضافة إلى اللقاءات الثنائية، شهد معبر رفح البري، الواصل بين غزة ومصر، تحسنا في فترات عمله في الربع الأخير من العام الماضي، حيث فتحته السلطات المصرية مرات عدة، على فترات متقاربة، بعد أن كانت تغلقه بشكل شبه كامل منذ يوليو/ تموز 2013.

وتحدثت وسائل إعلام محلية في غزة عن توجّه جديد لدى مصر يقضي بتصدير البضائع إلى القطاع رسميا، عبر معبر رفح. لكن السلطات المصرية والفلسطينية في غزة لم تؤكد أو تنفي الأمر.

ونهاية الشهر الماضي، سمحت السلطات المصرية بإدخال 40 مركبة حديثة إلى غزة، من خلال المعبر، بموجب اتفاق بين رجال أعمال فلسطينيين ومصريين.

كما تسمح القاهرة، خلال فترات، بإدخال كميات من الأسمنت والخشب ومواد دهان وتعبيد للطرقات.

فيما نشرت صحيفة «الأهرام» الرسمية المصرية، الأحد الماضي، تقريرا حول «مكاسب مصر من إنشاء منطقة حرة مع قطاع غزة»، قالت فيه إن مكاسب مصر ستبلغ 2.5 مليار دولار تجارة، مع استثمار 9.5 مليار دولار ودائع.

التقرير وصف غزة بأنها تمثل «كنزا اقتصاديا وإستراتيجيا لمصر حال نجاحها في تحويل القطاع، الذي يصل عدد سكانه لمليوني نسمة، إلى سوق للمنتجات المصرية، بديلا عن إسرائيل التي توفر نحو 60% من احتياجاته، وتركيا والصين اللتان تستأثران بحجم كبير من تجارة الملابس والجلود».

ووفق التقرير «تتشكل حاليا إرهاصات إنشاء منطقة تجارية حرة بين مصر وغزة، لتصبح نافذة لترويج المنتجات المصرية في القطاع، وخلق الآلاف من فرص العمل للمصريين».

وبحسب المركز الفلسطيني للإحصاء، فإن أكثر من ثلث السكان الفلسطينيين، البالغ عددهم 4.8 مليون نسمة، يقيمون في قطاع غزة، الذي لا تتجاوز مساحته 360 كيلو مترا مربع. 

وكانت دراسة للمعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، نشرت في نوفمبر/ تشرين ثان الماضي، أفادت بأن المنطقة التجارية الحرة ستكون حلا للعديد من المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها أهل شبه جزيرة سيناء المصرية (شمال شرق) الحدودية مع غزة، وإنها قد توفر دخلا لمصر يقدر بحوالي 2.5 مليار دولار سنويا، ما سيضاعف من حالة الضمان والأمان الاقتصادي بمصر.

وفي عام 1998، وقعت مصر وفلسطين اتفاقية تجارة ساهمت في رفع حجم الصادرات المصرية إلى فلسطين بين عامي 2005 و2015 إلى حوالي 209%.

وقبل أيام، قالت الإذاعة الإسرائيلية إن مصر أدخلت إلى قطاع غزة خلال العامين الأخيرين، حوالي 100 ألف طن إسمنت، وعشرات الأطنان من مواد بناء أخرى.

وأشارت إلى عدم وجود رقابة على مواد البناء التي يتم إدخالها للقطاع، وأنها في حقيقة الأمر تستخدم لبناء أنفاق هجوم ضد (إسرائيل).

وأضافت أن الحديد المسلح، الأخشاب، والزلط كانت من بين مواد البناء للقطاع التي تم إدخالها عبر معبر رفح في أقل من 100 يوم خلال العامين الماضيين.

وأضافت الإذاعة، أن «التقارب الأخير بين حركة حماس والقاهرة يزيد الطين بلة، خاصة بعد تصريح أبو مرزوق لجريدة العربي الجديد، أنه يتم التخطيط مع قادة المخابرات المصرية لزيارة القاهرة عما قريب، ليكون من بينهم القيادي بحركة حماس إسماعيل أبو هنية».

وكان  تقرير عبري، حذر من احتمالية المصالحة بين حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، والنظام المصري، معتبرا أن هذه الخطوة مفاجئة لـ(إسرائيل).

ووصفت الإعلامية (الإسرائيلية) «شيمريت مئير»، رئيس تحرير موقع «المصدر»، زيارة القياديين البارزين بالحركة «إسماعيل هنية» و«موسى أبومرزوق»، إلى القاهرة؛ لمقابلة مسؤولين مصريين، بأنه «تقارب حمساوي سيساوي»، وفق تعبيرها.

وقالت «مئير»، إن الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسى» سينهى المقاطعة مع «حماس»، خلال أيام، زاعمة أن الحركة قررت تبريد العلاقات مع «تنظيم الدولة» في سيناء، كـ«مهر» لمصر من أجل تحسين العلاقات مع النظام المصري، بحسب «بوابة القاهرة».

وتعاني «حماس» في غزة من عجز مالي هائل وضائقة اقتصادية، ولذلك فهي تحتاج بسرعة إلى مساعدة اقتصادية، قد تلبيها مصر إذا فتحت معبر رفح، وفق التقرير.

وتابعت أنه من جهة حماس، قد تؤدي المصالحة مع نظام «السيسي» إلى مشاكل مع الإخوان المسلمين في مصر، ولكن يبدو أن الخيارات أمام الحركة قليلة في الراهن، أما من جهة مصر، تبدو هذه الخطوة مفاجئة، خاصة أن علاقاتها مع (إسرائيل) الآن أفضل من أي وقت مضى.

وتختتم «مئير»، مقالها بالقول إن «السيسي يرغب في تحقيق تأثير وسيطرة أكبر على ما يحدث لدى الفلسطينيين، لاسيما في ظل التقديرات أن نهاية ولاية الرئيس محمود عباس باتت وشيكة».

  كلمات مفتاحية

مصر حماس المصالح المشتركة قطاع غزة دحلان الحدود المشتركة الفوائد الاقتصادية