انقسام ببرلمان مصر حول إسقاط الجنسية عن «البرادعي».. والأخير: «فاشية»

الثلاثاء 10 يناير 2017 04:01 ص

لا يزال حوار الرئيس الأسبق لوكالة الطاقة الذرية نائب رئيس الجمهورية المصري السابق «محمد البرادعي»، محور الاهتمام في مصر، بعد بث حلقته الأولى من برنامجه على تلفزيون «العربي».

فبعد اتهامه بالخيانة والعمالة، والمطالبة بسحب قلادة النيل منه، اشتعلت أزمة إسقاط جنسيته، داخل البرلمان، بين مطالبين بها، ومشككين في نجاحهم في ذلك لعدم وجود صلاحيات لهم، ومنتقدين لتسريب مكالمته الشخصية.

الحلقة الأولى، التي حل فيها «البرادعي»، ضيفا، مساء السبت، في أول ظهور إعلامي له على شاشة عربية منذ حوالي 3 سنوات، أعلن فيها عودته للعمل العام، بعد ما أسماه «ابتعاد لمدة 3 سنوات»، دون أن يوضح طريقة تلك العودة.

وحول توقيت ظهوره الإعلامي، قال «البرادعي»: «ابتعدت عن العمل العام 3 سنوات بعد 16 سنة عمل عام منها 12 في الوكالة الدولية للطاقة الذرية (1997: 2009) و4 سنوات في مصر (2010: 2013) حاولت خلالها نقلها من حكم سلطوي لحكم حر».

وبشأن عودته للظهور إعلاميا والعمل العام، قال: «لابد الآن (..)، أن يتحدث كل شخص وبخبرته يساعد (..) لن ينصلح الحال في مصر ولا العالم العربي إلا بالتوافق على العيش معا، دون ذبح وشيطنة الآخر».

 

وتجاوب «البرادعي» الحائز على جائزة نوبل للسلام سنة 2005، مع حديث المحاور في أن يكون له دورا في التغيير لاسيما في مصر خلال الفترة المقبلة، مستدركا: «لكن لست وحدي».

يحرض على مصر

الحلقة ومحتواها، دفعت عدد من أعضاء مجلس النواب، للتقدم بطلبات إحاطة وبيانات عاجلة للدكتور «على عبدالعال» رئيس مجلس النواب، طالبوا فيها بإسقاط الجنسية عن «البرادعي»، على خلفية تصريحاته التليفزيونية لإحدى القنوات الفضائية.

النائب «مصطفى بكري»، قال في بيانه العاجل، إن مطالبته بإسقاط الجنسية عن «البرادعي»، وسحب قلادة النيل التي نالها من الرئيس الأسبق «حسني مبارك»، في فبراير/ شباط 2006، جاءت بسبب الأحداث الماضية التي أثبتت، ولاتزال تؤكد، أن «البرادعى يلعب دورا خطيرا فى التحريض على مصر والإساءة إلى سمعة مؤسسات الدولة لدى العديد من الهيئات والمؤسسات الدولية».

وأضاف: «أعلن البرادعى منذ فترة عن تحالفه مع جماعة الإخوان الإرهابية في التحريض على الفوضى داخل البلاد، ما يؤكد عمالته وخيانته، وتنفيذه لمخطط تآمرى يدخل ضمن أجندة الشرق الأوسط الجديد، كما قام مؤخرا بتسجيل عدد من الحلقات التليفزيونية في إحدى القنوات المعادية والتابعة لقطر، في مقابل مبلغ مالي كبير».

يشار إلى أن تلفزيون «العربي»، نفي أن يكون «البرادعي» قد حصل على أي مبلغ مقابل ظهوره على شاشتها.

وأشار «بكري» إلى أن لديه كافة الوثائق والفيديوهات التي تؤكد ارتكاب «البرادعي» لجريمة الخيانة العظمى، ما يتوجب إسقاط الجنسية المصرية عنه، استنادا إلى المادة 16 من قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975، باعتباره تحالفا مع جهات خارجية للإضرار بالأمن القومى للبلاد.

كما طالب «بكري» بسحب قلادة النيل التى نالها «مبارك»، عقابا على خيانته وتآمره ضد البلاد.

واتفقت معه النائبة «مارجريت عازر» عضو لجنة حقوق الإنسان، التي طالبت القيادة السياسية بسرعة إصدار قرار بسحب الجنسية المصرية وقلادة النيل من «البرادعي»، ووقف كل ما يتحصل عليه من خيرات هذا البلد، مشيرة إلى أن «من يخطط لإسقاط مصر ويهين شعبها ويحرض على الفوضى لا يجوز له أن يكون مصرياً، ولا يجوز لمصر أن تٌكرمه، ولا يأخذ من خيرها».

وقالت: «منذ أن عرفت البرادعي وحضرت معه لقاء فى 2010 وهو يأكل عقول الشباب، وكان يحرضهم ضد التجنيد الإجبارى ليكونوا ضد الجيش، والآن ظهر للجميع أنه ضد مصر ويخطط لإسقاط النظام، حيث إنه كان يجلس مع النظام ليعرف أسراره وينقلها للخارج».

فيما قالت النائبة «لميس جابر» إن سحب قلادة النيل من «البرادعي» لا يمكن من تنظيم جنازة عسكرية له، ورفضت استمرار الأموال التى يحصل عليها شهريا من الدولة، كما وصفت جائزة «نوبل» التى حصل عليها بـ«المزيفة».

ليس من حقنا

وفي الوقت الذي تحدد لإسقاط الجنسية «البرادعي»، الاثنين المقبل، قلل قلل عدد من نواب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية في مجلس النواب، من الدعوات المطالبة بسحب الجنسية عنه، مؤكدين أن قانون إسقاط الجنسية لا يمنح البرلمان صلاحيات سحب الثقة من أي مصري، وخصص تلك الصلاحيات لمجلس الوزراء فقط وفقًا لقرار مسبب بإحدى الحالات السبع التي لخصتها المادة 16 من القانون 26 لسنة 1975.

وأكد النائب «بهاء الدين أبوشقة» رئيس لجنة الشئون الدستورية والتشريعية في مجلس النواب، أنه ليس للبرلمان صلاحية إسقاط الجنسية عن أي مصري مهما كان انتماؤه، لأنه حق أصيل للقضاء.

لكنه نوه في الوقت نفسه، بأنه يجوز للبرلمان تعديل قانون الجنسية الحالي، حال تقدم أحد الأعضاء بذلك لكن بعد موافقة أغلبية النواب.

وأضاف «أبوشقة»، أن الدستور يجيز إسقاط العضوية عن أي مصري طالما ثبتت إدانته في قضايا تهدد الأمن العام عقب رفع دعوى أمام القضاء، لأنه هو المنوط به إسقاط الجنسية عن المتهمين في تلك القضايا أو ما شابهها.

أما النائبة «سوزي عدلي ناشد» عضو اللجنة، فقالت إن أمر إسقاط الجنسية عن أي شخص لا يتعلق بالبرلمان لأنه من اختصاصات القضاء، لكن حين يتعلق الأمر بتهديد أمن البلاد فمن الممكن أن يتدخل البرلمان بصفته التشريعية لتعديل القانون بما يتراءى مع ما تقتضيه الحاجة وهذا لا يتم سوى بأغلبية الأعضاء.

وأضافت «ناشد»، أن هناك 7 حالات لإسقاط الجنسية عن أي مصري حددتها المادة 16 من قانون إسقاط الجنسية رقم 26 لسنة 1975، ويتم ذلك بقرار مسبب من مجلس الوزراء فقط.

واتفق معهم، أستاذ القانون الدستوري «شوقي السيد»، حين قال إن إسقاط الجنسية عن أي مواطن مصري هو من اختصاص مجلس الوزراء وليس البرلمان.

وأضاف «السيد»: «الدستور أعطى اختصاص إسقاط الجنسية لمجلس الوزراء، على أن يكون مسببا. والبرلمان ليس من اختصاصه إسقاط الجنسية عن أي مواطن».

وتابع: «البرلمان يحق له بالطبع مناقشة أي قضية، بما فيها إسقاط الجنسية عن مواطن، ولكنه ليس صاحب القرار، غير أنه يمكنه مطالبة الحكومة بذلك».

وأوضح «السيد» أن «إسقاط الجنسية يجب أن يستند لأسباب موضحة بالدستور، مثل الخيانة العظمى مثلا، ولكنه ليس ملزم بانتظار حكم قضائي نهائي في حق المواطن الذي تسقط عنه الجنسية».

البرادعي يرد

من جانبه، انتقد «البرادعي»، دعوات إسقاط الجنسية المصرية عنه.

وقال في تغريدة كتبها باللغة الإنجليزية، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، الاثنين: «الاقتراح الذي يتم تداوله في مجلس النواب والدعوات القضائية التي تطالب بتجريدي من الجنسية المصرية، ردًا على ما عرضه أحد البرامج، يعكس مدى الخطأ الذي نسير فيه.. الفاشية تزداد».

تسريبات مسيئة للوطن

على صعيد آخر، أبدى النائب «محمد أنور السادات» عضو لجنة حقوق الإنسان، ورئيس حزب «الإصلاح والتنمية»، استياءه من عرض تسريبات لمكالمات مسجلة لأى شخصية، أيا كان الموقف منها، عبر وسائل الإعلام، باعتبار أن التنصت على المكالمات الهاتفية يعد انتهاكا لحرمة الحياة الخاصة، وأيضا انتهاكا للدستور الذى ألزم بضرورة مراعاة خصوصية الناس فى مكالماتهم التليفونية وأيضا مراسلاتهم، وفي حرمة منازلهم وكل ما يتعلق بشؤونهم الخاصة، إلا بإذن قضائى، وهناك قواعد لكل ذلك تتم وفقاً لقانون الاتصالات.

وقال «السادات»: «لم ألتقى البرادعى ولم أحادثه في حياتي، حتى لا يعتقد أحد أنني أدافع عنه أو مستاء من عرض تسريبات له، لكن ما يحدث يعطي صورة سيئة عن الدولة المصرية وأنظمتها، وأؤكد أن أى تجاوز يصدر من أى مصرى فى الداخل أو الخارج فى حق بلده أو جيشه فلابد أن يحاسب عليه وفقا للعدالة والقانون».

واتفق معه النائب «أحمد الطنطاوى» عضو تكتل «25-30»، حين قال إن تسجيل مكالمات للمواطنين دون إذن النيابة العامة يعد جريمة من الناحيتين القانونية والأخلاقية، وإذاعتها عبر أى وسيلة إعلامية أو تداولها انتهاك للخصوصية، يستوجب المحاسبة.

وأضاف «الطنطاوي»: «يجب التصدى لتلك الخروقات حتى لا نفاجأ فى يوم من الأيام بإذاعة تسجيلات مكالمات لسياسيين مع زوجاتهم أو أولادهم».

فيما قال النائب «السيد حجازي»، إن الدستور والقانون يجرم انتهاك الحريات والخصوصيات والمكالمات الهاتفية مصونة، وبالتالي من يقوم بإذاعتها يتعرض للمساءلة القانونية، وعلى أي متضرر اللجوء للقضاء حفاظا على أمن المجتمع، وطالب بتفعيل ميثاق الشرف الإعلامى فى هذه القضية.

وبالتزامن مع ظهوره الإعلامي الأول منذ نحو 3 سنوات، هاجم الإعلام المصري، «البرادعي»، بشدة، لدرجة بث 13 مكالمات شخصية مسربة ومنسوبة له بإحدى الفضائيات المصرية الخاصة، حول علاقاته ودوره في مصر عقب ثورة يناير/ كانون الثاني 2011.

وقال الإعلامي «أحمد موسى»، الذي سرَّب تلك المكالمات عبر فضائية «صدى البلد» (خاصة)، إنها «تكشف توجيه البرادعي اتهامات وسباب للمؤسسة العسكرية ولسياسيين وإعلاميين، ومسؤولين مصريين سابقين»، بينهم «عمرو موسى» الأمين العام الأسبق للجامعة العربية، والقيادي اليساري وقتها «حمدين صباحي» (الذي ترشح لاحقا لانتخابات الرئاسة 2012 و2014)، و«سامي عنان» رئيس أركان الجيش المصري الأسبق، ونائب رئيس المجلس العسكري الذي كان يقود المرحلة الانتقالية عقب الثورة المصرية.

ولم يتسن، التأكد من صحة تلك المكالمات المسربة من عدمها من مصدر مستقل، غير أن «البرادعي» وفق تغريدة له، قال إنها «محرفة»، دون مزيد من التفاصيل.

و«البرادعي»، وُصف في مطلع عام 2010، بـ«المُخلص من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك»، حيث استقبله مئات النشطاء والشباب بمطار القاهرة في فبراير/شباط 2010، وقاد بمشاركة الإخوان المسلمين، الجبهة الوطنية للتغيير (جمعت طيف كبير من المعارضة آنذاك)، وبرز اسمه بقوة عقب الإطاحة بمبارك في 11 فبراير/ شباط 2011.

وقاد منذ 5 ديسمبر/ كانون أول 2012 جبهة الإنقاذ الوطني، المعارضة لحكم «محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، وألقى كلمة حين أطاح قادة الجيش بالأخير، في انقلاب عسكري يوم 3 يوليو/ تموز 2013.

وتولى منصب نائب رئيس الجمهورية المؤقت وقتها «عدلي منصور»، قبل أن يستقيل من منصبه منتصف أغسطس/آب 2013، احتجاجا على فض اعتصامات مؤيدي «مرسي» بالقاهرة بالقوة مما خلف مئات القتلى والمصابين.

ويدور الخلاف الرئيسي بين «البرادعي» والنظام الحالي حول إدارة ملف الأزمة مع «الإخوان»، التي صنفتها السلطات جماعة إرهابية.

وفي بيان سابق، قال «البرادعي» إنه فضل الابتعاد عن العمل السياسي عام 2013 بعد أن «تلقى رسائل تحذيرية من أجهزة سيادية، تُخبرُه أن هجوم الصحافة والتلفزيون عليه كان مجرد تحذير، وأنها ستدمره إذا استمر في محاولات العمل للتوصل إلى فض سلمي للاعتصامات في (رابعة) وغيرها، أو صيغة للمصالحة الوطنية».

وسبق أن دعا «البرادعي» إلى مصالحة عامة، تشمل «الإخوان»، بينما ويتخوف مؤيدو النظام الحالي من عودته وقيادته انتفاضة جديدة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

البرادعي إسقاط جنسية مصطفى بكري مجلس النواب الحكومة قلادة النيل