في عام 1963 لاحظ طالب تنزاني يدعى «إراستو مابيمبا» شيئًا غريبًا أثناء قيامه بصناعة الآيس كريم في أحد الأنشطة الطلابية المشتركة. فعندما وضع الجميع مثلجاتهم في الثلاجة، كان آيس كريم «إراستو» الأول في التجمد على الرغم من حقيقة أنه كان ساخنًا قبل وضعه، على العكس من جميع المثلجات الأخرى التي كانت في درجة حرارة فاترة أو باردة.

لاحقًا في عام 1969 نشر «إراستو» هذه النظرية في ورقة بحثية، وسميت تلك الظاهرة «بظاهرة مابيمبا». ولكنها ظلت محل تساؤل حتى يومنا هذا، حيث لم يستطع أحد تحديد كيف تحدث تلك الظاهرة تمامًا.

مؤخرًا، نشرت مجموعة من العلماء بجامعة «ساوثرن ميثوديست» بولاية تكساس بالتعاون مع جامعة «نانجينغ» الصينية، ورقة جديدة في دورية «النظرية الكيميائية والحساب» قد تقدم تفسيرًا أخيرًا لظاهرة «مابيمبا».

الروابط هي السبب

رجحت النظرية الأخيرة أن السبب يكمن في الروابط بين ذرات الهيدروجين وذرات الأوكسجين لجزيئات الماء المجاورة، فتلك الروابط وفقًا لـ«ديتر كريمر»، أحد المشاركين في البحث، تتغير عند تسخين المياه.

وأضاف «كريمر» أنه عند ارتفاع درجة حرارة الماء، تزيد نسبة الروابط القوية في جزيئاته، بسبب تكسر الروابط الأضعف، الأمر الذي يكون ما يشبه الشظايا من الجزيئات التي تكسرت روابطها، والتي بدورها تدخل في تكوين البنية البلورية للجليد.

في المياه الأكثر برودة، فإن تلك الروابط يجب أن تتكسر أولًا قبل أن تبدأ عملية تكون الجليد. ولكن مع ذلك، فإن فكرة تجمد الماء الساخن أسرع من البارد، مازالت موضع جدل بين العلماء.

في مقال آخر نشر في دورية «التقارير العلمية» في نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي، توصل الباحثون إلى أنه لا يوجد دليل علمي حقيقي يدعم نظرية «مابيبما»، الاستنتاج الذي بدا أنهم سعداء به للغاية.

مشكلة نظرية «ماميمبا» أنها تتناقض مع الديناميكا الحرارية، الأمر الذي جعل العلماء يبحثون عن أسباب أخرى قد تفسر الظاهرة، كأن تكون كمية الماء الساخن أقل من كمية الماء البارد نتيجة التبخر، الأمر الذي قد يفسر تجمد الثاني قبل الأول، بينما قفز بعض الباحثون الآخرون إلى أن السبب يكمن في تناقص كمية الأملاح المعدنية الموجودة في الماء الساخن بفعل ارتفاع درجة الحرارة وبالتالي ينعدم تأثير هذه الأملاح على عملية التجمد مما يسرع منها.

تلك المعضلة ليست سهلة على الإطلاق، بل ومثيرة للاهتمام للغاية، لدرجة أن الجمعية الملكية للكيمياء عقدت مسابقة عام 2012 لإيجاد أفضل تفسير لتلك الظاهرة.

ولكن ما الذي يحدث تمامًا؟ أو هل تلك النظرية نظرية صحيحة من الأساس، مازال الأمر غير واضح. وعلى الرغم من أن تلك الورقة البحثية الأخيرة قدمت حلًا يبدو مقنعًا بالفعل، إلا أنه قد يكون خاطئًا كالتفسيرات التي سبقته، وأننا مازلنا بعيدين عن معرفة السبب الحقيقي في وقتنا الراهن.