«إيكونوميست»: الانقسام السني الشيعي في البحرين يزداد عمقا

السبت 21 يناير 2017 01:01 ص

حبلٌ مرتخي ومتاريس عشوائية وبعض الخوف، هو كل ما فعلته البحرين لحصار قرية الدراز، أكبر القرى الشيعية بالبلاد، والواقعة تحت الحصار طوال الـ 7 أشهر الماضية، مع وجود نقطتي تفتيش على مداخل القرية، في حين أن المحتجّين الذين تجمّعوا سابقًا لسماع خطبة الجمعة من رجل الدين الشيعي البارز «عيسى القاسم»، يبقون الآن في منازلهم. ويقول أحد رجال الدين في إحدى القرى المجاورة: «إنس الآلاف الذين اعتادوا الانضمام للمسيرات»، مشيرًا إلى التظاهرات التي اندلعت بعد سحق الدبابات لمظاهرات سلمية كانت تدعو للديمقراطية عام 2011. ويضيف: «لا يمكننا اليوم أن نجد حتّى 10 أشخاص. فمن يريد المخاطرة بـ 5 سنوات من السجن والتعذيب مقابل 10 دقائق من المجد؟».

وعلى الرغم من صغر حجمها، واحتياطياتها النفطية على وشك الانتهاء، واعتمادها المتزايد على الدول الخليجية الأكبر، فقد جسّدت البحرين كيف سحق المستبدّين العرب مطالب الصحوة العربية من أجل تمثيلٍ أكبر. وبعد 6 سنوات من القمع، تشعر المعارضة الشيعية بالإحباط. وبالإضافة لاتهامها بأنّها مخلب إيران الذي يهدّد حكم السنّة في البحرين، يوجد الآن أكثر من 2600 سجين سياسي، وهو عدد كبير في مملكة يبلغ تعداد سكّانها 650 ألف نسمة فقط. ويقول عضو سابق في البرلمان عن حزب الوفاق الشيعي الذي تمّ حظره العام الماضي، أنّ الكثير من المعتقلين هم من الأطفال. وتمّ نفي المئات، ومنع المئات من السفر، وتجريد الجنسية عن 300 معارض، ومن بينهم الشيخ «قاسم». بالإضافة إلى إعدام 3 بحرينيين في 15 يناير/كانون الثاني، وهو الإعدام الأول خلال 20 عامًا.

وتمّ تعليق «الحوار الوطني» الذي تبنّاه ابن الملك ولي العهد «سلمان بن حمد». فالعديد من المحاورين المفترض حضورهم للحوار يقبعون في السجن بتهم إرهابية لا تصدّق. وتمّ حظر النسخة الإلكترونية لآخر صحيفة يومية مستقلّة في 16 يناير/كانون الثاني. ومع وجود الكتابات على جدران القرية تعلن «الموت لحمد»، يخاطر بعض الشباب بالتجمع قبل حضور الشرطة وإطلاق النار. وقالت قائدة للاحتجاجات، موجودة في المنفى الآن: «كان لدينا ثورة، وقد خسرنا».

وينبغي أن تتشارك المجتمعات السنّية والشيعية العديد من المظالم. فكلاهما مستاء من الأسرة الحاكمة التي تستحوذ على المناصب الوزارية. ويعدّ عمّ الملك، «خليفة بن سلمان»، واحدًا من أقدم رؤساء الوزراء في الخدمة في العالم، وهو يشغل منصب رئيس الوزراء منذ 46 عامًا، والملك نفسه يحكم منذ وفاة والده عام 1999. ورغم احتكار آل خليفة للسلطة، فإنّهم بنشرون آلام التقشّف. وعلى خطى رؤية 2030، وضعت ماكينزي للاستشارات برنامجًا اقتصاديًا للبحرين، قلّصت من خلاله الدعم على أساسيات مثل اللحم. وحتّى ذلك ليس كافيًا، فالبحرين تحتاج إلى أن تصبح أسعار النفط ضعف ما هي عليه من أجل معادلة ميزانيتها. وكانت وكالة ستاندرد أند بورز قد صنّفت سندات ديون البلاد كغير مرغوب بها.

وقد تركّزت الإجراءات الحكومية الأكثر قسوة على الشيعة. وقد ضخّت دول الخليج المليارات في البلاد كمساعدات، لكنّ أغلبها صرف في بناء الإسكان للسنّة والأجانب. قصور جديدة وتجمّعات سكنية وكتل سكنية شاهقة تطل على قرى شيعية متهدّمة. ومشاريع تجميل بطول الكورنيش للمناطق السنّية، مع إهمال مناطق الشيعة الذين يمثّلون 60 بالمائة من سكّان البحرين. وقد تمّ فتح الباب للاجئين السوريين من السنّة، وزادت أعداد الأجانب في البلاد بشكلٍ متزايد، في الوقت الذي يعاني فيه الشيعة من الاضطهاد، وحتّى إنّ أسرة آل خليفة الحاكمة جاءت إلى البلاد من قلب الجزيرة العربية عام 1783، أي إنّهم من الأجانب أيضًا.

ويبقى التوتّر الطائفي أقل حدّة في المناطق التي يعيش بها السنّة والشيعة معًا. ومع ذلك، فإنّ الطوائف التي تشاركت من قبل الشوارع في المدن الجديدة التي بنيت في الثمانينات من القرن الماضي، يتحركون الآن بشكلٍ منفصل. وترى أعلام أولياء الشيعة تتدلى من المنازل على جانب واحد من الطريق، ومن الجانب الآخر ترى الأعلام البحرينية من السنّة الموالين للحكومة. وحتّى الزواج المختلط بين الجانبين أصبح نادرًا، وزادت الانقسامات، وأصبحت القرى الشيعية بالنسبة للسنّة الآن، مناطق محظورة.

وقد بثّت «الدولة الإسلامية» الشهر الماضي مقطع فيديو لمدة ساعة لمنظّر بحريني من نفس قبيلة العائلة المالكة في البحرين، يناشد ويشجّع السنّة على تنفيذ عمليات انتحارية ضد الشيعة في الجزيرة. وفي أول أيام العام الجديد، اقتحم شيعة متشدّدون سجنًا شديد الحراسة، وحرّروا 10 منشقّين، الأمر الذي دفع المعارضة للتساؤل عمّا إذا كان العمل تحت الأرض أكثر فعالية. وقال «جاسم حسين»، عضو البرلمان السابق عن حزب الوفاق: «نحن في حاجة ماسّة إلى عملية سياسية. فالبلد لا يمكنها تحمّل أي شيء أقل من ذلك».

المصدر | إيكونوميست

  كلمات مفتاحية

البحرين المعارضة الشيعية عيسى القاسم جمعية الوفاق الانقسام السني الشيعي