صحيفة إسرائيلة تكشف «فضيحة لافون» للتجسس على مصر

السبت 21 يناير 2017 06:01 ص

كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن كتاب نادر، تناول أدق تفاصيل فضيحة فشل عملية تجسس إسرائيلية على مصر، جرت في خمسينيات القرن الماضي.

جاء الكشف عن الفضيحة التي عرفت بـ«فضيحة لافون» أو «عملية سوزانا» أو «الأعمال السيئة»، بعد 63 عاما حاولت فيها (إسرائيل) إخفاءها.

وقالت الصحيفة إن العملية كان من المفترض أن تتم بسرية في مصر، إلا أن فشلها أدى إلى استقالة رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك «ديفيد بن غوريون».

ونقلت الصحيفة أنه تم العثور على الكتاب النادر، لدى «باروخ فيلاح»، وهو مؤرخ متعدد التخصصات وباحث أكاديمي، قام بشراء كمية من الكتب من تاجر تحف، وكان من ضمنها هذا الكتاب المثير الذي لا يحمل أي علامات تدل على مكان نشره أو مؤلفه.

وتشير الصحيفة إلى أن الكتاب عبارة عن كتيب صغير، يضم اعترافات بخط اليد لمجموعة من الجواسيس الإسرائيليين، الذين قبض عليهم الأمن المصري، بالإضافة لبعض صورهم، مرجحة أن يكون إصدار الكتاب تم عبر «حزب النهضة الوطنية» المصري، بتمويل من المخابرات المصرية.

ويؤكد «باروخ»، بحسب الصحيفة، أن الكتاب يكشف عن معلومات سرية دقيقة، كما أن تلك النسخة هي الوحيدة من هذا الكتاب المثير.

و«فضيحة لافون» هي عملية سرية إسرائيلية فاشلة، كان من المفترض أن تتم في مصر، وتتمحور حول تفجير أهداف مصرية وأمريكية وبريطانية في مصر، خلال صيف عام 1954، بهدف تخريب العلاقات بين مصر وهذه الدول، ولكن هذه العملية اكتشفتها المخابرات المصرية وسميت بهذا الاسم نسبة إلى وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك «بنحاس لافون» الذي أشرف عليها.

وتوضح الصحيفة أن الموساد الإسرائيلي، قام بتجنيد يهود مصريين كجزء من «وحدة 131» التابعة للموساد، والتي كانت مهمتها شن عمليات تخريبية في الدول العربية، وكان هدفها الأول إسقاط الملك «فاروق» في مصر، الذي كان معاديا لـ(إسرائيل)، وإلى تخريب العلاقات المصرية البريطانية عبر الهجمات.

وحوكم أعضاء الخلية وقضت المحاكم المصرية عليهم بالسجن المشدد وانتحر أحدهم داخل زنزانته.

وشدد «باروخ فيلاح»، الذى يملك الكتاب في حديث له مع «يديعوت أحرونوت» على أن الكتيب «يضم أسماء الجواسيس، وصورهم، والمرافق البريطانية، وطرق وضع المتفجرات، ووصف دقيق للعمليات وصور لضحايا العمليات والمواقع المستهدفة».

ولفتت الصحيفة إلى أن الكتيب سيباع في المزاد العلني في 24 يناير/ كانون الثاني الجاري، بينما ستنطلق حملة بيع واسعة في 31 يناير/ كانون الثاني الجاري بـ200 دولار للكتيب.

بداية القصة

يشار إلى أن مؤرخين مصريين، قالوا إن أول من كشف هذه الفضيحة، صحفي مصري، تنبه إلى خبر نشرته صحيفة إسرائيلية عام 1975 عن حضور «جولدا مائير» و«موشي ديان» حفل زواج فتاة في الخامسة والأربعين من عمرها تدعى «مارسيل نينو»، فاندهش من حضورهما حفل زفاف سيدة مجهولة ولا تربطها بهما أى صلة قرابة.

سعى الصحفي لمقابلة العروس وأجرى معها حوارا صحفيا لتنكشف له أحداث عملية تخريبية في مصر خطط لها وزير الدفاع الإسرائيلي، في فترة الخمسينات.

وكانت «فضيحة لافون»، السبب الرئيسي في تأسيس المخابرات السرية المصرية، وبدء هجرة اليهود من مصر.

وطبقا لعدد سابق من صحيفة «روزاليوسف» المصرية، فقد وضعت المخابرات العسكرية في الجيش الاسرائيلي، خطة للتخريب والتجسس في مصر، تقوم باعتداءات على دور السينما والمؤسسات العامة، وبعض المؤسسات الأمريكية والبريطانية، على أمل أن تؤدي هذه الأعمال إلى توتر العلاقات المصرية الأمريكية، وعدول بريطانيا عن إجلاء قواتها من السويس.

وأرسل «لافون» رجل المخابرات الإسرائيلي «إفرى إلعاد» الشهير بـ«جون دارلنج» إلى مصر لتجنيد عدد من الشباب اليهودي، ونجح بالفعل في ضم خلية انضم إليها الضابط الإسرائيلي «ماكس بنيت» والذى كان يتجسس على مصر وقتها.

كانت التعليمات تصل من (إسرائيل) إلى الخلية التخريبية من خلال (راديو إسرائيل)، وبالتحديد من برنامج منزلي يومي، وفى أحد حلقات البرنامج «طريقة عمل الكيك الإنجليزى» أطلقت (إسرائيل) كلمة السر «اختيار ربة البيت» لبدء العملية.

والتعليمات كانت واضحة بتفجير سيارات الدبلوماسيين والرعايا الإنجليز، والمؤسسات الإقتصادية، والمراكز الثقافية والإعلامية.

في 2 يوليو/ تموز 1954، كانت أولي العمليات الإرهابية للشبكة نجحوا فيها بتلغيم مكتب البريد الأمريكي في مدينة الإسكندرية، بطرد صغير الحجم في البداية، مما أسفر عن حريق المكتب وعدد من الضحايا.

وفي 14 يوليو/ تموز من نفس العام، نفذت الشبكة عمليتها الثانية، عندما زرعت قنابل حارقة في مقر المكتبة الأمريكية بالقاهرة والإسكندرية، في توقيت واحد مما أدي لحرائق وإصابات بين العاملين والمترددين علي المكتبتين، وتعاملت الصحافة وقتها مع هذه الحوادث باعتبارها ماس كهربائي.

وفي 23 يوليو/ تموز «احتفالات ذكرى الثورة»، كان من المفترض وضع متفجرات في محطة القطارات، ومسرح «ريفولي» بالقاهرة، وداري السينما «مترو» و«ريو» في الاسكندرية، غير أن سوء الحظ لعب دوره وأشتعلت احدى المتفجرات في جيب العميل «فليب ناتاسون»، المكلف بوضع المتفجرات بدار سينما «ريو» فأنقذه المارة، ولسوء حظه تواجد رجل شرطة في المكان تشكك في تصرفاته، فاصطحبه إلى المستشفى بدعوى إسعافه من أثار الحريق، وهناك قال الأطباء أن جسم الشاب ملطخ بمسحوق فضي لامع، وإن ثمة مسحوق مشابه في جراب نظارة يحمله في يده، ورجح الأطباء أن يكون الاشتعال ناتج عن تفاعل كيميائي.

وبتفتيش الشاب عثر معه على قنبلة آخرى عليها أسم «مارون أياك» صاحب محل النظارات.

تم اعتقال العميل الإسرائيلي، وقال أن أسمه «فيليب ناتاسون» يهودي الديانه وعمره 21 عاما، وجنسيته غير معروفه، واعترف بأنه عضو في منظمة إرهابية هي المسئولة عن الحرائق، وعثر في منزله على مصنع صغير للمفرقعات ومواد كيميائية سريعة الإشتعال وقنابل حارقة جاهزة للاستخدام وأوراق تشرح طريقة صنع القنابل.

وبناء على اعترافات «ناتاسون» تم القبض على عدد من أعضاء الخلية.

في 11 ديسمبر/ كانون الأول1954، جرت محاكمة أفراد الشبكة في محكمة القاهرة العسكرية التي أصدرت أحكامها متراوحة بين الإعدام والسجن من 7 إلى 25 عاما لأعضاء الخلية، فيما قضت ببراءة 3، ومصادرة أجهزة اللاسلكي والأموال وسياراة «ماكس بينيت» الذي انتحر داخل محبسه، وأعيدت جثته لـ(إسرائيل) بعد ذلك بأعوام.

المصدر | الخليج الجديد + وكالات

  كلمات مفتاحية

تجسس مصر إسرائيل فضية لافون