استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

إرث أوباما.. ورئاسة ترامب

الاثنين 23 يناير 2017 05:01 ص

في يوم الجمعة الماضي، 20 يناير 2017، وبعد ثمانية أعوام من رئاسة باراك حسين أوباما، أول رئيس أميركي غير أبيض الذي أوصلته حركة آمنت بالتغيير والأمل في عام 2008 وجددت بيعة الأمل والتغيير ذاتها في 2012، حلت لحظة مغادرته البيت الأبيض بعدما ألقى عليه نظرة الوداع من طائرة عسكرية للمرة الأخيرة، ليصبح الآن رئيساً سابقاً. 

في اليوم نفسه استلم الرئاسة دونالد ترامب بعد عام ونصف العام من الصراع والمواجهة في الحملة الانتخابية الأميركية الأكثر شراسة وإثارة للجدل، والتي وصلت فيها شخصنة الخلافات إلى مستويات سحيقة، لم تصلها أي حملة رئاسية سابقة. وهكذا أصبح ترامب هو الرئيس الأميركي الخامس والأربعون، والأول الآتي من خارج المؤسسة التقليدية لصناعة الرؤساء، وهو ملياردير يفتقد الخبرة السياسية، ولم يُنتخب من قبل لتولي أي منصب في أميركا!

ولا حاجة الآن للتذكير بأن موجة التغيير والأمل التي قادها أوباما لم تتجذر ولم تنجح في النهاية! وقد وظف ترامب بذكاء غضب أميركا البيضاء من فساد المؤسسة الحاكمة في واشنطن من كلا الحزبين. ولذلك فقد فاز بأصوات البيض، ضد الأقليات العرقية والدينية! وكانت خسارة كلينتون عملياً خسارة لإنجاز أوباما وفشلاً لخطط الأمل والتغيير! 

ورغم تحسن الاقتصاد إلا أنه زاد حجم الدَّين العام، وتجاهل مدى غضب وانزعاج البيض. كما فشل أوباما أيضاً في جسْر الفجوة بين البيض والسود وبقية الأقليات! والحال أن إرث سنوات أوباما الثماني العجاف هو مزيج من النجاح المحدود والفشل الواضح على رغم نظافة يد وسلوك أوباما الذي تجنب بذكاء الفضائح! ولكن سيكون صعباً وضعه في خانة الرؤساء العظام لأميركا.. ووداعاً أوباما.

وما يؤخذ على ترامب هو استمراره بعد انتخابه في ترداد شعاراته الانتخابية التي لا تسندها تفاصيل للكيفية التي سيغير بها تلك الوعود من شعارات إنشائية إلى واقع بخريطة طريق ممكنة. والراهن أن ترامب وصل للرئاسة وأميركا منقسمة على نفسها، حيث فاز بنسبة 46% فقط من أصوات الناخبين. أما كلينتون ففازت بـ48% بزيادة 3 ملايين ناخب. 

لكن المهم في النظام الدستوري والانتخابي الأميركي هو الفوز بالمجمع الانتخابي، وليس بالتصويت الشعبي. ومع ذلك كله وبرغم عدم امتلاك ترامب بعض التفويض الشعبي إلا أنه يستمر في خطاب قد يزيد من حالة الانقسام الشعبي في أميركا بطرحه الشعبوي والانعزالي والحمائي في عالم يعيش على التداخل والعولمة والاتفاقيات الدولية والتعاون العسكري في تحالفات -يرى ترامب أنها لا تخدم مصالح بلاده حيث يرفع شعار أميركا أولاً، كما كرر ذلك في خطابه الافتتاحي بعد أدائه اليمين الدستورية- ما جعل الداخل الأميركي ينظر بالريبة لإدارة ترامب القادمة. 

وجعل أيضاً القادة حول العالم ينظرون بمزيد من القلق والتشكيك في إمكانية التعامل بأريحية وبمنطق تبادل المصالح المشتركة مع رئيس يجاهر بأن العلاقة مع الخارج يجب ألا ترتكز على دعم جيوش الآخرين وصناعاتهم على حساب أميركا واقتصادها وبناها التحتية.

المفارقة أن ترامب يدخل التاريخ باعتباره الرئيس المنتخب الأقل شعبية بالمقارنة مع أوباما وبيل كلينتون اللذين تجاوزت شعبيتهما عندما دخلا البيت الأبيض 60% بينما لا تزيد شعبية ترامب عن 40% فقط، وهو أول رئيس تنخفض شعبيته بعد انتخابه مباشرة، ما يعني أن هناك شريحة من المستقلين، خاصة ممن صوتوا له في نوفمبر الماضي، نادمون على تصويتهم له! 

المفارقة الأخرى أن شعبية الرئيس السابق أوباما وصلت أعلى من شعبية ترامب، ثم يأتي هذا الأخير في خطابه لينتقد أداء الإدارات السابقة، وينتقد ظواهر فقدان الوظائف وانتشار الجريمة والعصابات والمخدرات وتراجع مستوى التعليم وإقفال المصانع المتفشية في المدن الأميركية! ويقول إنه يريد فتح صفحة جديدة -وكأنه يدين جميع الإدارات السابقة! 

وكان أربعة رؤساء أميركيين سابقين جالسين خلفه يستمعون بدهشة لخطابه الإنشائي الذي انتقد بشده في الإعلام الأميركي، واعتبر من أكثر خطابات تنصيب الرؤساء الأميركيين تشاؤماً ونبرة نقدية، وكأنه يقول لهم فشلتم وهذا حصادكم الذي سأغيره! 

كان لافتاً حجم المظاهرات الغاضبة في شوارع واشنطن، والاشتباك مع رجال الأمن والشرطة في مشهد نادر الحدوث عند تنصيب رئيس أميركي! وأثار ترامب حفيظة النساء أيضاً -وهذه سابقة أخرى- حيث نظمت جمعيات نسائية حول أميركا أكبر مظاهرة احتجاجية في شوارع واشنطن بعد يوم من توليه الرئاسة.

وهناك أيضاً ظاهرة تهجم ترامب وانتقاده المستمر لخصومه على صفحته في تويتر التي يتابعها أكثر من 20 مليون متابع. والآن على حسابه كرئيس لأميركا، حيث يستخدمه كمنصة لمهاجمة خصومه ومنتقديه.

كما أن الأقليات تشعر بقلق من إدارة ترامب القادمة، بعد استعداء المسلمين ببعض التصريحات غير الملائمة خلال الحملة! 

هناك أيضاً استعداء المكسيكيين، أولاً بالحديث عن بناء جدار مع المكسيك، وزاد الطين بِلة أن ترامب لم يرشح أي لاتيني لمنصب وزاري بعكس الإدارات الأميركية السابقة! 

ما أثار غضباً أكبر لدى الأميركيين من أصول لاتينية الذين يشكلون 15% من الشعب الأميركي. كما أن إدارته أيضاً هي الأقل تمثيلًا للسود وبقية الأقليات والنساء، ويغلب عليها الرجال البيض من رجال الأعمال والصقور والعسكريين مثل وزير الدفاع ووزير الأمن الداخلي ومستشار الأمن الوطني.

وجميع تلك الظواهر لا تطمئن على إعادة دمج الداخل المنقسم. ولا تعزز الثقة في الخارج بأن إدارة ترامب يمكن التعامل معها بسلاسة واطمئنان.

هكذا يجد الأميركيون والعالم أنفسهم اليوم بين فشل إرث أوباما في الداخل وتركة انكفائه عن الخارج، وبين إدارة ترامب اللغز القادم الذي يسعى الجميع لتفكيكه ومعرفة الكيفية التي سينجح بها في ترجمة شعاراته ووعوده بجعل أميركا أولًا، وعلى حساب مَن! وهل سيحول تلك الشعارات في النهاية إلى واقع استراتيجي جديد، أم ستبقى سراباً متعذر الإنجاز على أرض الواقع؟

* د. عبد الله خليفة الشايجي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت.

المصدر | الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة أوباما ترامب الانتخابات الأميركية كلينتون