مؤرخ أمريكي بارز: روسيا أخمدت خططا لإشعال 3 جبهات حولها.. واحتمال الحرب كبيرة

الاثنين 23 يناير 2017 09:01 ص

قال مؤرخ وخبير سياسي أمريكي، إنه يلمس أكثر من أي وقت مضى، احتمال نشوب حرب حقيقية بين روسيا والولايات المتحدة.

جاء ذلك، خلال حديث للخبير السياسي الأمريكي «ستيفن كوهين» تحدث فيها عن خطة أمريكية، كانت تريد بها إشعال ثلاث جبهات تطوق بها روسيا، في القرم، والقوقاز، وأوكرانيا، وآسيا الوسطى، فتيلها النازيون وتنظيم «الدولة الإسلامية».

وقال «كوهين» وهو البروفسور والمؤرخ والخبير السياسي المخضرم الذي همشته وسائل الإعلام الأمريكية، إنه «علم بخطط وضعها فريق من كبار المسؤولين الأمريكيين تهدف إلى إشعال مواجهات مسلحة مباشرة مع روسيا، تثيرها أوكرانيا وتركيا وممالك الشرق الأوسط، التي سلحتها واشنطن حتى آذانها، على أن يكون تنظيما الدولة الغسلامية والقاعدة رأس الحربة الأولى في هذه الجبهات».

خطة المسؤولين الأمريكيين، كانت تقتضي حسب «كوهين» مهاجمة روسيا على ثلاثة محاور هي أوكرانيا، والقوقاز الروسي عبر تركيا، وآسيا الوسطى، حديقة روسيا الخلفية منذ عهد الإمبراطورية الروسية وإبان الاتحاد السوفيتي.

وأوضح «كوهين»، بحسب ما نشرته «روسيا اليوم»، أنه ومن أجل إنجاح خطتهم، اختار الأمريكيون سوريا منطلقا لتنيظم الدولة الإسلامية، ودبروا انقلابي أوكرانيا وتركيا، وشرعوا في القضاء على حكومة «بشار الأسد»، إلا أن مخططهم لم ينجح إلا جزئيا ليتحقق في كييف، ويفشل في أنقرة.

روسيا تعلم

وأعاد «كوهين» إلى الأذهان في هذا الصدد، ما صرح به الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» في فبراير/ شباط 2014، خلال مؤتمر صحفي عقده في سوتشي التي كان يتابع أحداثها الأولمبية، حيث قال: «لقد بدأوها قبل أوانها»، وهذا يعني حسب «كوهين»، أن «موسكو كانت على علم بخطط الإطاحة بالنظام الشرعي في أوكرانيا عبر الانتخابات مطلع 2015، بما يخفف على الجانب الأمريكي إشعال الجبهة الأوكرانية في خاصرة روسيا، التي كانت لهذه المخططات بالمرصاد».

ومضى «كوهين» بالقول، إن «الولايات المتحدة تمكنت رغم ذلك من إنجاح الانقلاب في أوكرانيا، لكن موسكو استغلت انعدام شرعية نظام الانقلابيين الدموي في كييف، وأقدمت على ضم القرم إلى قوامها بلا تردد، وانتزعت مفتاح البحر الأسود بما يتيح لها تغطية المنطقة بالصواريخ وصولا إلى البوسفور، وميناء أوديسا الأوكراني، ومرافقه وحرمان الأسطول الأمريكي من أي ملاذ آمن يقدر منه على دعم قوات الانقلابيين في كييف، إذا ما هاجموا روسيا».

وأشار «كوهين» كذلك، إلى أن الخطة الروسية المضادة في أوكرانيا، تجسدت في دعم موسكو لانتفاضة جنوب شرق أوكرانيا على كييف، وفي تكبيلها الكتائب القومية الأوكرانية بما خلص إلى تصفية دماء نظام «أحفاد ستيبان بانديرا»، راعي النازيين الأوكرانيين الذي صفاه الجيش الأحمر، وقضى على فلول قواته التي كانت تأتمر مباشرة من قادة «هتلر» العسكريين ومخابراته، بحسب قوله.

واعتبر «كوهين» أن الضربة الروسية القاضية والأخيرة على الحلبة الأوكرانية، كانت سياسية بحتة وتمثلت في «اتفاق الاستسلام غير المشروط» في إطار خطة «مينسك» للتسوية التي بادرت إليها برلين وباريس استرضاء لموسكو وحقنا للدماء في أوروبا قريبا منهما.

ولفت النظر إلى أن تغيب الولايات المتحدة عن تسوية «مينسك» لم يأت من فراغ، بل جاء نتيجة لافتقادها أدنى حقوق المشاركة في هذه المفاوضات بعد أن أعدت لحرب شعواء على روسيا في ثلاث جبهات.

الاتحاد الأوروبي لاعب

وذكر «كوهين»، أن الإفصاح عن حرب كبرى ضد روسيا، جاء على لسان الرئيس الفرنسي «فرانسوا هولاند»، خلال مفاوضات الاستسلام التي عقدها والمستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» مع «بوتين»، ليكشف الاتحاد الأوروبي بذلك عن محاولة إقحامه في حرب مدمرة، ويخرج عن طاعة واشنطن وبشروط مجزية لموسكو.

وذكّر «كوهين» بتصريح للسيناتور الأمريكي «جون ماكين» المعروف بمواقفه المعادية لروسيا، حينما أعرب عن سخطه الشديد في أعقاب مفاوضات «هولاند- ميركل- بوتين»، قائلا: «ما الذي حمل ميركل وهولاند على الطيران إلى موسكو؟».

والملفت في اتفاقات «مينسك» حسب «كوهين»، أنها تشهد على استعداد روسيا للحرب، حيث أنها جاءت في أعقاب مقاطعة «بوتين» لمؤتمر ميونخ الأمني الأمر الذي عزز من مخاوف «هولاند» و«ميركل» وحملهما على تقديم التنازلات لبوتين تفاديا للتصعيد في منطقة النزاع جنوب شرق أوكرانيا.

تركيا في الصورة

بالوقوف على الجبهة التركية في خطة واشنطن لضرب روسيا، أشار المؤرخ الأمريكي، إلى أن الوصفة الناجعة التي أعدت لقلب الوضع هناك تمثلت أولا في تنظيم ثورة ملونة في ميدان «تقسيم» وسط اسطنبول سنة 2013، وفي الانقلاب العسكري الفاضح والمباشر على السلطة في تركيا، الذي لما صمد في وجهه «رجب طيب أردوغان» لولا دعم موسكو، بحسب قوله.

وأكد «كوهين»، أن روسيا هي التي حذرت الرئيس التركي حسب مصادر دبلوماسية إيرانية، من أن هذا الانقلاب ومن مواجهة مصير الزعيم الليبي «معمر القذافي»، الأمر الذي حمله على الخلوص إلى ضرورة التقارب مع روسيا وإيران على الساحة السورية.

وأضاف «كوهين»، أن «أردوغان» كزعيم تركي يتحلى بالمسؤولية، أدرك الجهة التي أرادت الإفادة من اندلاع النزاع بين بلاده وروسيا وحقيقة أن الجانب الأمريكي أفرد لتركيا في خططه هذه دور كبش الفداء، وهذا يعني أن «أردوغان» رفض الحرب على روسيا ودفع الثمن مرتين.

ولم يتجاهل «كوهين» في حديثه المتلفز، إسقاط الجانب التركي القاذفة الروسية شمال غرب سوريا، والتي غدرت بها المقاتلات التركية وطعنتها في الظهر منطلقة من قاعدة «إنجرليك» التي تحولت لاحقا إلى نقطة قيادة أدير منها الانقلاب الفاشل على «أردوغان»، وذلك بعد رفض «أردوغان» الانصياع لقرار إقحام بلاده في الحرب مع روسيا.

الحرب في سوريا

وأعاد «كوهين» إلى الأذهان على الجبهة السورية، قرار موسكو إرسال قواتها الجوية إلى هناك لمؤازرة «بشار الأسد»، الذي صمد في وجه تنظيم تنظيم «الدولة الإسلامية» والزمر الإرهابية الأخرى، لتخلص الخطة الروسية المضادة في سوريا إلى دحر الجماعات الإرهابية وانفراد موسكو وأنقرة وطهران في رعاية التسوية بلا أي دور لواشنطن، بحسب قوله.

وأضاف أنه ستتم دعوة الولايات المتحدة إلى مفاوضات أستانا لمتابعة مفاوضات الضامنين الجدد للتسوية، مشيرا إلى أن «موسكو بذلك تكون قد أحبطت الهجوم عليها على جبهتين وجمدته على الثالثة في أوكرانيا»، منبها لمدى خطورة الوضع هناك، حيث أن «القادة الأمريكيين والغربيين قد وطدوا للزمر النازية هناك».

ودعا «كوهين» القادة الغربيين إلى الكف عن دعم جميع القوى التي تبرر النازية تفاديا لنزاع خطر، مستذكرا في هذه المناسبة ألمانيا النازية في بداياتها والتي حازت حتى على إعجاب أفراد العائلة الحاكمة في بريطانيا آنذاك، الذين كانوا يرفعون أيديهم للتحية على الطراز الفاشي.

وختم «كوهين» بالقول: «لم يعلّقوا ضربتهم العسكرية لروسيا إلا بفضل حزم بوتين، وبعد أن ولّت تركيا وجهها شطر روسيا، وزالت الغشاوة عن أعين قادة الناتو عندما تعرفوا على قدرات القوات الجوية الفضائية الروسية، معربا عن أمله في أن يتبنى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "نهج إزالة التوتر الذي يخيم على العلاقات بين واشنطن وموسكو"، فيما على روسيا "التعويل على قواتها الجوية وأسطولها وعلى حكمة قيادة أركان جيشها».

من هو «كوهين»؟

يشار إلى أن «ستيفن كوهين» هو الأكاديمي الملهم (mentor) لصاحب الصلات الوثيقة بالمؤسسة الأمنية ودوائر صنع القرار في دولة الإمارات العربية المتحدة، «جمال سند السويدي»، رئيس مركز الإمارات للأبحاث والدراسات.

وقد دأب «السويدي» ومركزه على استضافة «كوهين» منذ أواخر التسعينات، ونشروا له بالعربية أبحاثا وتقديرات استراتيجية عديدة شكلت جزءا هاما من العقيدة الاستراتيجية لمركز الإمارات والدوائر الرسمية المتصل بها.

وكان الكاتب الراحل «محمد حسنين هيكل» قد ذكر في كتابه «الاتصالات السرية بين العرب و(إسرائيل)» أن الرئيس المصري الراحل «أنور السادات» استدعى السفير «سعيد كمال» مندوب فلسطين (آنذاك) بالجامعة العربية، عندما قاطعت منظمة التحرير الفلسطينية والدول العربية نظام السادات عقب زيارته القدس وتوقيعه معاهدة كامب ديفيد ومعاهدة السلام مع الكيان الصهيوني.

وأبلغ الرئيس «السادات»، السفير «سعيد كمال» بضرورة أن تتصل منظمة التحرير الفلسطينية بالمؤسسة الصهيونية في الولايات المتحدة، وأن قناة الاتصال هو «ستيفن كوهين».

جدير بالذكر أيضا أن كثيرا من العارفين ببواطن الأمور في الخليج العربي، يعلمون أن «جمال سند السويدي» ينحدر من أصول بلوشية (من بلوشستان)، وقد تجنست أسرته بجنسية الإمارات في مرحلة ما، لكنهم يستغربون ادعاءه لقب عشيرة «السويدي» العربية العريقة والتي ينتمي إليها رجل الدولة (الظبياني) «أحمد خليفة السويدي» أول وزير خارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة والمستشار البارز للراحل الشيخ «زايد بن سلطان آل نهيان».

ويرجح كثير من المراقبين أن «جمال سند السويدي» منظرا وثيق الصلة بالشيخ «محمد بن زايد» ولي عهد أبوظبي والرجل القوي في البلاد، للتحول الجذري لموقف الإمارات من القضايا العربية المصيرية خاصة القضية الفلسطينية، وقيام علاقات أو اتصالات سرية وعلنية مع الكيان الصهيوني، وتغول النفوذ الغربي الأمريكي والأوروبي، سياسيا وأمنيا ودبلوماسيا وعسكريا، في الإمارات العربية المتحدة.

بل وصل الأمر إلى دعوة فرنسا لإقامة قاعدة عسكرية بحرية على أرض الإمارات.

لكن الأسوأ كان عندما تبنت وقادت ومولت دولة الإمارات جهود الثورة المضادة في أقطار الربيع العربي، أطاحت بعملية التحول الديمقراطي والإصلاح، وجلبت ديكتاتورية عسكرية شرهة للسلطة والقمع والمال العام والفساد.

داخليا، شنت حملة قمع هائلة ضد الإصلاحيين ودعوة الإصلاح وجمعية الإصلاح الاجتماعي في الإمارات وتعهدت انتهاكات مشهودة دوليا لحقوق الإنسان والحقوق المدنية والحريات الأساسية وأقامت دولة بوليسية بل دولة الخوف.

كما زجت بعشرات الأكاديميين والدعاة والشخصيات العامة والخبراء والبيروقراطيين الأكفاء في المعتقلات وحكمت عليهم بالسجن لفترات بالغة الطول بالإضافة إلى سوء المعاملة والتعذيب وانتهاك الكرامة الإنسانية بهدف سحقهم وتصفيتهم.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

روسيا بوتين القرم أردوغان تركيا أوكرانيا أمريكا ستيفن كوهين