استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«أمريكا أولا».. ماذا تعني؟

الثلاثاء 24 يناير 2017 04:01 ص

فاجأ دونالد ترامب المراقبين مجددا في أن خطاب تنصيبه كان متطابقا إلى حد كبير مع مجمل خطبه خلال حملته الانتخابية. كان بعض التوقعات اعتقد أنه سيوازن بين شعارات سبق أن رفعها وبين «رؤية» اعتاد الرؤساء الأمريكيون تضمينها الخطوط العريضة لسياستهم الدولية.

ولم يعن إصرار الرئيس الجديد على ترديد أفكاره، رغم ما أثارته من استهجان وجدل، سوى أنه متمسك بالمد الشعبوي الذي يدين له بوصوله إلى البيت الأبيض، وبالتالي فإن الانطباعات الأولى التي أعطاها عن سياساته المرتقبة مثلت على الأرجح توجهات أقرب إلى الرسوخ.

لعل المخيف في هذه الشعبوية أنها ماضية في نمط أدلجة غير مألوف في أمريكا التي اعتادت أن تنتقد «قومية» الحكومات أو حتى الشعوب الأخرى. لكن ما كان يسمى قومية كان تعبيرا عن شوفينية أو وطنية، وهو ما ترجم أخيرا في كثير من البلدان بشعار بديهي: «نحن أولا»...

فمن الطبيعي أن تحتاج دول وشعوب صغيرة أو ضعيفة هذا الشعار لصقل تماسكها في الملمات، أو حتى دول كبرى مثل فرنسا لتوحيد مواطنيها ضد خطر الإرهاب، أما أن يرفعه فلاديمير بوتين لشد عصب شعبه بعد فرض العقوبات على روسيا، فإنه يوظف الوطنية في خدمة سياسته العدوانية ضد أوكرانيا.

لكن ما حاجة دونالد ترامب إلى هذا الشعار، خصوصا أن العالم كله مستعد لأن يشهد بأن «أمريكا أولا» كان ولا يزال هدفا لواشنطن منذ كانت هناك سياسة خارجية أمريكية.

كان شعار ترامب في حملته «أمريكا عظمى مجددا» وبدا شعاره الآخر «أمريكا أولا»، في خطاب تنصيبه، كما لو أنه شرح للأول. ففي ذهنه أن السياسات، داخلية أو خارجية، لم تعد مجدية، وقادت إلى تراجع مالي واقتصادي، وإذ لم يعد يرى ترجمة لعظمة أمريكا وقوتها في أرقام التجارة والأعمال فقد فهم ذلك على أنه أفول أمريكي شامل. لكنه قدم فهما شخصيا جدا لأسباب الأزمة ولمعالجاتها، واضعا ملفات السياسة والاقتصاد والأمن والاجتماع في سلة واحدة.

ربما يشارك رجال الأعمال زميلهم في هذا التشخيص لكنه افترق عنهم بكونه صمم على خوض معترك إدارة الدولة، ومع أنه تجرأ مثلهم في المجازفات «البزنسية»، فإن كثيرين منهم قد لا يشاركونه ما هو معلن من خياراته «الإصلاحية» التي تعتزم إجراءات، كتشديد الحمائية والسياسات الضريبية، ومن شأنها أن تنسف كل ما دافعت الولايات المتحدة عنه لتكريس حرية السوق.

أصبح مؤكدا أن لحظة ترامب ستمثل نقطة الافتراق عن العولمة، التي اخترعتها أمريكا، لكن وجدت أن الصين هي التي استفادت منها في نهاية المطاف، بل باتت تنافس أمريكا نفسها. وبمقدار ما عنت العولمة انفتاحا بمقدار ما تعد «أمريكا أولا» بالانغلاق ومعاودة تضييق الحدود.

وقد أجمعت مداخلات مسؤولين وخبراء في منتدى دافوس الاقتصادي وتقارير لمراكز أمريكية على التحذير من اضطرابات في الأسواق، خصوصا إذا تأكدت توجهات ترامب إلى سحب الولايات المتحدة من اتفاقات التجارة الحرة، واتخاذ إجراءات الحماية، بالتزامن مع انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. والمفارقة أن هذه التحذيرات تتوقع مزيدا من «السيطرة» الصينية على التجارة العالمية، وهذا بالضبط ما يريد ترامب أن يقاومه.

يترافق هذا الهوس بتغيير قواعد الحركة التجارية في مفهوم ترامب لـ«أمريكا أولا» مع توجه إلى تعديل معايير العلاقات الدولية (إقامة تعاون جديد مع روسيا، اختصام الاتحاد الأوروبي وتحبيذ تفككه، تغذية أجواء التحدي والعداء مع الصين...).

وفي هذا السياق يضع ترامب سياسته للهجرة ويربطها بمتطلبات الأمن ومكافحة الإرهاب، كما يطرح منهجه لاستراتيجية دفاعية غير مكلفة لأمريكا خارجيا، إذ إن تأكيده الالتزام بمحاربة الإرهاب، مثل إصراره على بناء جدار مع المكسيك، مرتبط بإلزام الدول الأخرى دفع الأكلاف.

من شأن ذلك تجريد السياسة الخارجية الأمريكية نهائيا من ثوب أو قناع المبادئ والقيم والأخلاقيات التي تغلف أحيانا كثيرة أهدافا مريبة أو مخالفات بينية للقوانين الدولية، كما كان حالها دائما في الشأن الفلسطيني الإسرائيلي، على سبيل المثال.

بل إن ترامب يبدو مندفعا للذهاب أبعد في مأسسة ثقافة تهميش قضايا الشعوب وحقوقها. وما كان يؤخذ على باراك أوباما، بأنه يرتب «انسحابا» أمريكيا من المنطقة العربية قبل حل النزاعات التي كانت لأمريكا يد في إشعالها، قد يصبح نهجا ثابتا مع ترامب، فكلاهما اعتمد «أمريكا أولا» ولكن بأسلوب مختلف.

* عبدالوهاب بدرخان - كاتب صحفي لبناني

المصدر | الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية

أمريكا ترامب العولمة الصين الاتحاد الأوروبي