في ذكرى الثورة المصرية .. قادتها الشباب يتمسكون بـ«الأمل» رغم «الانكسار»

الخميس 26 يناير 2017 12:01 م

ست سنوات مرت على ثورة 25 يناير/ كانون ثان 2011، التي استمرت 18 يوما يعتبرها «محمد القصاص»، أحد الشباب الذين شاركوا فيها، الأفضل في سنوات عمره الـ40 رغم ما وصفها بحالة «الانكسار» التي تمر بها الثورة ورموزها حاليا.

«القصاص»، وغيره 3 من قادة مجموعات يناير الثورية، قيموا في أحاديث منفصلة لوكالة «الأناضول»، ثورة الشباب وتحدثوا عن أوجاعهم التي يأتي في مقدمتها أن هذه الانتفاضة التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق «حسني مبارك» (2011-1981) لم تحكم للآن، بخلاف آمال للتغيير يتمسكون بها، ويعتبرونها ورادة في ظل الأحوال الاقتصادية الصعبة للمصريين.

لا تحكم

«القصاص»، الذي كان متحدثا باسم «ائتلاف شباب الثورة» الذي حل نفسه عقب الانتخابات الرئاسية في 2012، قال لـ«الأناضول» إن «ثورة يناير الآن في تراجع سياسي؛ لأنها لم تحقق أيا من أهدافها أو الشعارات التي نادت بها (عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية)»، وأصبح من يحكم البلاد ويتصدر المشهد من وصفهم بـ«أصحاب الثورة المضادة».

وأضاف أن «شعارات الثورة تحولت إلى قهر اجتماعي وقمع للحريات وغياب للعدالة الاجتماعية وإهدار للكرامة الإنسانية»، متسائلا: «أين شباب الثورة الآن»، قبل أن يجيب: «العديد منهم يقبع حاليا خلف السجون، ومن نجا من جحيم السجن يلاحق أمنيا أو خارج وطنه، أو يعاني من التضييق على حريته والعمل السياسي»، على حد قوله.

وجاء اسم «محمد القصّاص» ضمن الشخصيات المدرجة على قائمة الإرهابيين التي أعلنت عنها محكمة مصرية قبل أيام وتشمل أكثر من 1500 شخصية مصرية من بينهم اللاعب السابق صاحب الشعبية الواسعة «محمد أبو تريكة» وأكاديميون ورجال أعمال، وهو ما اعتبره «ضمن وسائل التضييق على شباب الثورة والانتقام منهم».

وأرجع «القصاص» ما وصفه بـ«انكسار» الثورة إلى «الأخطاء التي وقعت فيها القوى المشاركة بها، وسعي بعضها وراء مكاسب سياسية، وعدم رغبة السلطة العسكرية التي تولت قيادة البلاد في إحداث تغيير حقيقي، ومحاربتها للثورة والقوى التي شاركت بها».

انكسار يحتاج لمراجعة

واتفق «شادي الغزالي حرب»، عضو ائتلاف شباب الثورة، مع «القصّاص»، في أن الثورة حاليا تمر بمرحلة من «الانكسار»، وأن ما يحدث في عهد الرئيس المصري الحالي «عبد الفتاح السيسي»، الذي تولى قيادة البلاد في عام 2014 بعد عزل «محمد مرسي» أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، هو «انتصار للثورة المضادة»، مدللا على ذلك بعودة رموز نظام «مبارك» لصدارة المشهد السياسي والإعلام المصري.

وخلال الانتخابات البرلمانية التي جرت نهاية عام 2015، تمكن نواب سابقون للحزب الوطني (الحاكم في عهد مبارك) من السيطرة على ربع مقاعد مجلس النواب الجديد (596 إجمالي المقاعد)، فيما عادت بعض قيادات الحزب السابقة، لمواقع وزارية، مثل «خالد عبدالعزيز» وزير الشباب الحالي، و«إبراهيم محلب» مستشار «السيسي» حاليا ورئيس الحكومة السابق، و«فايزة أبو النجا» مستشارة «السيسي» ووزيرة التعاون الدولي سابقا.

ورأى «الغزالي حرب»، أنه يجب على قوى الثورة مراجعة أخطائها والاعتراف بها وعقد جلسات للتقييم الذاتي، لمحاولة استعادة انتصاراتها، منوها إلى أن «جزء من هذه الأخطاء كان نتيجة قلة الخبرة لدى من قاموا بالثورة لعدم تمكنهم من ممارسة السياسة إبان حكم مبارك».

وعلمت «الأناضول» من مصادر مطلعة بأحد الأحزاب المصرية المعارضة، رفضت الإفصاح عن اسمها، أن عددا من القوى السياسية والشخصيات العامة تعقد منذ عدة أشهر جلسات خاصة للنقد الذاتي فيما بينها، تُجرى خلالها مناقشات حول الأخطاء التي وقعت فيها قوى الثورة، ومحاولة للتقريب بين هذه القوى بعدما سادت بينها حالة من الانقسام والخلافات، بدء من صعود جماعة الإخوان المسلمين لسدة الحكم وحتى بعد الإطاحة بهم في 30 يونيو/حزيران 2013.

وأشار «حرب» إلى أن بعضا من هذه الأخطاء ما وصفه بـ«التصرف بحسن نية» مع جماعة الإخوان المسلمين والمجلس العسكري، اللذين اتهمهما بـ«سرقة» الثورة لتحقيق مصالحهما الخاصة، وكذلك عدم التوحد في كيان قوي يقف أمام كل من يريد الانقضاض على الثورة، في مقابل نفي مستمر من كل من الجماعة والمجلس العسكري لمثل هكذا اتهامات.

ثورة مضادة

فيما اعتبر «شريف الروبي»، القيادي بحركة شباب 6 أبريل المعارضة، أن «المجموعات الثورية والأحزاب والكيانات التي شاركت في الثورة هم من أفسدوها».

وأضاف موضحا: «هم لم يتحدوا حول مرشح واحد، أو حول رؤية واحدة تُطرح على الشعب تمكنهم من الوصول إلى الحكم».

«خالد عبد الحميد»، أحد شباب الثورة وعضو مؤسس حركة «شباب من أجل العدالة والحرية» المعارضة، رغم اتفاقه مع «الغزالي» و«القصّاص» و«الروبي» في أن «الثورة المضادة تمكنت من العصف بثورة 25 يناير ومن كل الذين شاركوا فيها أو تبنوا رؤية للتغيير»، إلا أنه اختلف معهم فيما يتعلق بـ«النقد الذاتي».

وقال «عبد الحميد»، إنه «لا يوجد ما يسمى بأخطاء القوى المشاركة في التغيير، ولكن كانت هناك ثورة حقيقية تحمل بين طياتها ثورة أخرى مضادة، دفع ثمنها بشكل فادح قوى الثورة الحقيقية»، مشيرا إلى أنهم حاليا »يعيشون لحظات هزيمة وآخرون في السجون، وقلة تعافر من أجل البقاء».

مسار معقد وآمال تغيير

واعتبر «عبد الحميد» أن «»الثورة حاليا تعاني من مسار سياسي معقد، ولكنها تمر بمراحل صعود وهبوط، فرغم الفشل في تحقيق أهدافها، إلا أنها أنهت حكما استبداديا دام 30 عاما»، مؤكدا أنها «حتما ستنتصر في نهاية المطاف».

ووافقه الرأي «شادي الغزالي حرب»، منوها إلى أنه «برغم انكسار الثورة المصرية إلا أنه سيأتي يوم وتصل فيه إلى الحكم».

واعتبر أن «الحكم القضائي بمصرية جزيرتي تيران وصنافير أحد انتصارات القوى الثورية في معركتها مع السلطة الحالية، من أجل الحفاظ على الأرض التي أرادت السلطة التفريط فيها لتحقيق مصالحها»، بحد قوله.

ومنتصف الشهر الجاري، قضت محكمة القضاء الإداري في حكم نهائي ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي وقعتها الحكومة المصرية مع السعودية، في أبريل/نيسان الماضي، والتي قضت بنقل تبعية جزيرتي «تيران وصنافير» الواقعتين في البحر الأحمر إلى المملكة والتي شهدت خروج مظاهرات رافضة لها.

ومع تلك الانتصارات أشار «شريف الروبي»، إلى أن «الأوضاع في مصر باتت أكثر سوءً مما كانت عليه قبل ثورة 25 من يناير، سواء على المستوى الأمني أو الاقتصادي»، لافتا إلى أن «الفقراء ازدادوا فقرا وتزايدت معدلات البطالة، فضلا عن القمع الذي يتعرض له كل معارض للنظام الحاكم».

وتشهد القاهرة أزمة اقتصادية أثرت بشكل كبير على المواطنين وسط موجة ارتفاع كبيرة في الأسعار تثير حالة من السخط بالشارع المصري.

وعادة ما تنفي السلطات المصرية الاتهامات الواردة في التصريحات السابقة وتقول إنها تتعامل وفق القانون.

ومن أبرز النشطاء الذين شاركوا في ثورة 25 يناير/كانون الثاني، وغادروا خارج البلاد، «خالد السيد»، و«محمد كمال» و«وائل غنيم»، بينما لايزال الناشطان «أحمد دومة»، و«علاء عبد الفتاح» محبوسين على ذمة قضايا، فيما يبقى «أحمد ماهر» مؤسس حركة 6 إبريل، و«محمد عادل» القيادي بالحركة، تحت المراقبة الشرطية 3 سنوات بعدما مكثا 3 سنوات في السجن بتهمة التظاهر بدون إذن.

المصدر | الخليج الجديد+ الأناضول

  كلمات مفتاحية

ثورة يناير مصر شباب أمل السيسي