استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الشعبوية والعولمة

الأحد 29 يناير 2017 05:01 ص

أبدى المجتمعون في ملتقى دافوس اهتماماً بظاهرة الشعبوية الآخذة بالانتشار في العالم الغربي. ولا شك في أن التصويت لمصلحة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، يعتبران تأكيداً لهذه الظاهرة وانتكاسة لطروحات العولمة وقيم اتفاقات «الغات» ومعايير منظمة التجارة الدولية.

كما أن الأمر لن يتوقف عند حدود بريطانيا أو الولايات المتحدة، إذ إن الأحزاب اليمينية في فرنسا وإيطاليا وهولندا وغيرها من بلدان أوروبية بدأت تحصد ثمار الشعبوية السياسية والمتعززة بالأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تواجهها هذه البلدان. مثلت العولمة نقلة نوعية في الاقتصاد العالمي وعززت التعاون بين البلدان والكتل الاقتصادية الأوسع، وأفسحت المجال أمام التجارة وتبادل السلع والبضائع وتعزيز الخدمات المختلفة في قطاعات مهمة مثل الاتصالات والخدمات المصرفية.

ولقد تمكنت بلدان مهمة في أوروبا وآسيا من تأكيد قدراتها التنافسية وتألقها في صناعات تحويلية محددة مثل صناعة السيارات في ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية، أو صناعة الطائرات وأنظمة الكمبيوتر في الولايات المتحدة، ناهيك بتمكن الصين من حصد قدرة تنافسية عظيمة في الصناعات الخفيفة مثل الألبسة والإلكترونيات والأحذية والأثاث وغيرها.

ويجب أن نذكر بأن بريطانيا من أقدر البلدان على المنافسة في قطاع الخدمات، وخصوصاً الخدمات المالية وأصبحت لندن مثابة عاصمة العالم في مجال الخدمات المصرفية والمالية. هناك أيضاً، بلدان سعت لتأكيد ريادتها في السياحة والخدمات العقارية والشخصية.

ماذا حدث إذاً، على مدى ما يزيد قليلاً على الثلاثين سنة منذ بدء عصر العولمة في منتصف ثمانينات القرن الماضي؟ واضح أن أنظمة التجارة الحرة المعتمدة من منظمة التجارة الدولية، أبرزت المزايا النسبية التي تتمتع بها البلدان الأعضاء من انتقال رؤوس الأموال والكثير من الصناعات من بلدان إلى أخرى جرياً وراء الكفاءة والسيطرة على التكاليف، خصوصاً تكاليف الرواتب والأجور.

لذلك فقد الكثير من الصناعات في بلدان مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، قدرات المنافسة وضبط التكاليف نظراً الى ارتفاع تكاليف الإنتاج، خصوصاً الرواتب والأجور. وقد دفع ذلك إلى الاستغناء عن العاملين في مصانع مشهورة مثل مصانع السيارات في ديترويت في ولاية ميتشغن الأميركية، وعانت صناعات أخرى في الولايات المتحدة تبعات عدة.

وقد رفع السياسيون في الولايات المتحدة وعدد من البلدان الأوروبية شعارات تنادي بإعادة النظر في اتفاقات التجارة الحرة والتحرر من تبعات التكتلات الاقتصادية الكبرى مثل منظمة التجارة الدولية أو اتفاقية «النافتا»، لبلدان أميركا الشمالية، أو اتفاقات تكتل بلدان المحيط الهادئ مع البلدان الآسيوية، اذ تحمل هذه التكتلات والاتفاقات التزامات على الدول الأعضاء لتحرير أنظمة التجارة والضرائب والعمل، ما قد يؤثر في المنافع والمزايا التي تتمتع بها اليد العاملة أو أصحاب الأعمال الصغيرة في البلدان الرئيسية.

وكان يفترض أن يعي هؤلاء السياسيون بأن التطور في النظام الاقتصادي الدولي يؤدي إلى تحولات تظهر الرابحين والخاسرين في مختلف البلدان، ما يدفع الى ضرورة تطوير الحياة الاقتصادية ويخفف من عدد المتضررين.

معلوم أيضاً، أن العولمة دفعت إلى تحرير أنظمة الهجرة ومكنت كثيرين من الانتقال من بلد إلى آخر جرياً وراء الرزق. أنظمة الاتحاد الأوروبي دفعت عشرات الآلاف من العاملين والمهنيين للانتقال من بلدان في أوروبا الشرقية إلى دول في أوروبا الغربية حيث الطلب على اليد العاملة الماهرة والأجور المناسبة.

وشهدت ألمانيا وبريطانيا تدفقاً مهماً من هؤلاء الوافدين من بولندا أو هنغاريا ورومانيا والذين باتوا ينافسون عمال أبناء البلدان المضيفة. ربما هذا النوع من الهجرة داخل بلدان الاتحاد الأوروبي دفع الكثير من البريطانيين للتصويت للخروج من الاتحاد الأوروبي.

بطبيعة الحال، إن هذه التوجهات السياسية المنفعلة وغير المواتية تتناقض مع أهداف الاتحاد الأوروبي ومعايير العولمة، لكن يبدو أن المجتمعات ذات الصلة لم تستوعب المتغيرات الاقتصادية في شكل مناسب.

إذاً، هل يمكن أن نستنتج من هذه التطورات السياسية وانتشار الشعبوية أن العولمة باتت تواجه أخطار الانحسار، أو أن العودة إلى مفاهيم اقتصادية انعزالية أصبحت ممكنة؟

لا يمكن العودة إلى الوراء في عملية التطور الاقتصادي وليس بالإمكان تعزيز قدرات البلدان من خلال تبني فلسفة الانعزال، اذ أصبح العالم متشابكاً اقتصادياً على البلدان التي تواجه موجات الشعبوية أن تطور أنظمتها وتعزز البحث والتطوير في مجالات صناعية وخدمية لتأكيد دورها المتميز في هذا العالم، لا الانغلاق والعزلة.

* عامر ذياب التميمي كاتب متخصص بالشؤون الاقتصادية.

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

الشعبوية العولمة الغرب دافوس الخروج البريطاني ترامب الاتحاد الأوروبي