استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الرياض قادرة على تحييد عبثية «ترامب»

الاثنين 30 يناير 2017 06:01 ص

سيظل الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، لغزا محيرا للكثيرين، سواء بسبب الطريقة التي وصل بها إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية بدون ان يخدم في اي منصب حكومي متقدم، ام بسبب خطابه الذي يخلو من الدبلوماسية او اللباقة، ام اجندته التي ليس لها هوية او اتجاه واضحان. 

ومن الصعب التنبؤ بسياساته في الشرق الاوسط خصوصا منطقة الخليج. وقد بادرت المملكة العربية السعودية لاستباق الامور بمحاولات مد الجسور مع ادارته منذ ان اتضح انه سيفوز بالمنصب. مع ذلك فليس معلوما ما إذا كانت سياساته تجاهها ستتغير عما كانت عليه في العقود الاخيرة. ومن الارجح ان تستمر سياسات واشنطن تجاه دول مجلس التعاون محكومة بالمصالح والاعتبارات الاستراتيجية لاسباب عديدة:

أولها ان المؤسسة الحاكمة في أمريكا لها ثقلها في توجيه السياسات الخارجية على وجه الخصوص، وكذلك الصداقات والتحالفات. وما تزال هذه المؤسسة تعتبر منطقة الخليج دائرة نفوذ طالما منعت الاتحاد السوفياتي من الوصول اليها خلال الحرب الباردة.

ثانيا: ان بريطانيا ستضغط على واشنطن لعدم تغيير سياساتها تجاه السعودية، خصوصا ان بريطانيا تستعد للعودة إلى المنطقة بعد تقلص الحضور الأمريكي واتجاه واشنطن نحو بحر الصين والمحيط الهادئ. كما ان الاوضاع الاقتصادية الأمريكية والبريطانية تفرض عوامل اضافية لاعادة تقويم علاقات واشنطن ولندن مع دول مجلس التعاون خصوصا السعودية. فالديون الأمريكية تبلغ حوالي 20 تريليون دولار، بينما تجاوزت الديون البريطانية 1200 مليار جنيه استرليني. وهذه الديون تتصاعد تدريجيا. وفي المستوى المنظور ستبقى دول مجلس التعاون مصدرا للمال الذي تحتاجه أمريكا وبريطانيا. 

ثالثا: ان قانون «جاستا» اصبح سوطا مسلطا على المملكة العربية السعودية، ومن المتوقع ان تستخدمه ادارة ترامب للابتزاز او للحصول على اموال تفوق التصور. فاذا اصرت واشنطن على تفعيله فستطالب السعودية ليس بتعويض القتلى الـ 3000 فحسب بل لدفع كافة التكاليف التي نجمت عن ذلك بما فيها الحرب على العراق. وفي الوقت الذي يسعى ترامب فيه لبلورة اجندة سياسية كبرى مقلقة للكثيرين، فان اعادة رسم خريطة التحالفات في المنطقة خصوصا في ظل التطبيع مع «اسرائيل» اصبح عاملا ضاغطا على التحالف الجديد الروسي الإيراني السوري. وثمة عامل آخر يخفف هذا الضغط يتمثل بما يبدو من علاقة جيدة بين ترامب وبوتين، وانعكاسات ذلك على السياسة الخارجية الأمريكية.

السعودية تسعى لتحقيق امور ثلاثة على صعيد تلك السياسة:

أولها ضمان استمرار الالتزام الأمريكي بامن النظام السعودي،

وثانيها: اعادة الاهتمام الأمريكي بالقضية السورية وتوجيهها لتشمل اسقاط نظام بشار الاسد،

والثالثة وقف اي تقارب بين أمريكا وإيران. ولذلك ما ان صرح وزير الخارجية الأمريكي السابق، جون كيري، منتقدا السياسة الاستيطانية للاسرائيليين حتى تصدت له رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، بالنقد.

ثمة ابعاد مترابطة لاستشراف السياسة الأمريكية تجاه السعودية والشرق الاوسط:

أولها القرار الأمريكي في السنوات الاخيرة بنقل ثقلها العسكري إلى جنوب شرق آسيا لمواجهة النفوذ الصيني الذي يزداد توسعا.

ثانيها: عودة بريطانيا إلى المنطقة وزيادة دعمها لدول مجلس التعاون، وتعميق هذا الحضور من خلال بناء قواعد عسكرية بالاضافة للقاعدة البحرية التي افتتحت قبل شهرين في البحرين.

ثالثها: هذا الدور البريطاني الذي صرح به وزير الخارجية البريطاني السابق، فيليب هاموند، قبل عامين، يحتاج لتوافق مع أمريكا ودعم سياسي مؤسس على صداقات مع دول مجلس التعاون. وكان هاموند قد قال في العام 2014: نظرا لقرار نقل الاهتمام الأمريكي بمنطقة جنوب آسيا والمحيط الهادئ يتعين على بريطانيا وحلفائها القيام بدور اكبر في الشرق الاوسط والخليج». ثالثها: ان السياسات السعودية في السنوات الاخيرة اصبحت اكثر نشاطا، خصوصا بعد ان اصبح عادل الجبير وزيرا للخارجية بعد وفاة الامير سعود الفيصل. من الدول التي تساير السعودية في سياساتها. كما استطاعت السعودية توسيع دائرة التحالف المشارك في الحرب على اليمن. بل ان السعودية حظيت بدعم الولايات المتحدة وبريطانيا في تلك الحرب وترفضان وقف امدادها بالاسلحة المستخدمة برغم تعالي الاصوات المطالبة بذلك.

رابعها: ان دخول الروس على خط الاستقطاب السياسي في المنطقة اضفى على قضايا المنطقة وتوازناتها السياسية والعسكرية بعدا دوليا. وهذا التدويل يمنع أمريكا من الانفكاك تماما عن المنطقة.

خامسها: ان من العوامل التي تزيد الوضع تعقيدا من وجهة نظر الادارة الأمريكية الوضع السوري.

ماذا يعني ذلك في الاطار السعودي؟

بعد بضع سنوات من التغير الذي طرأ على الوضع السعودي الداخلي بصعود الملك سلمان ونجله محمد (ولي ولي العهد) اصبحت السياسة السعودية اكثر جرأة على الصعيدين الداخلي والخارجي. ووصل الاضطراب إلى اوساط العائلة المالكة التي شهدت في العقود السابقة انتقالا سهلا للسلطة من الملك إلى ولي عهده.

هذه المرة تشير المعلومات لاحتمال تنصيب محمد بن سلمان ملكا بدلا من ولي العهد الرسمي، محمد بن نايف. وبموازاة ذلك تضغط قضايا المرأة وحقوقها على نظام الحكم بسبب الدعاية الخارجية واهتمام المنظمات الحقوقية الدولية بهذا القضية. وتكرر اعتقال النساء اللاتي تمردن على قرارات منع السياقة وقوانين الولاية والسفر بدون محرم وسواها.

وبرغم التفاعل الغربي مع هذه القضايا إلا انها لم تصل مستوى الضغط الحقيقي على نظام الحكم ليتفاعل معها عمليا. مع ذلك وفي غياب اي مشروع للاصلاح السياسي فمن الارجح تفاقم المصاعب التي تواجهها المملكة. 

وعلى صعيد المحيط تبرز العلاقات السعودية المصرية إلى الواجهة نظرا لتعقيداتها وتباين وجوهها. ويسعى الطرفان لتجاوز الازمة التي تتفاقم على مستويات عدة.

فعلى الصعيد السياسي يبدو موقف مصر ازاء الازمة السورية اقرب إلى الموقف الإيراني الذي يصر على بقاء الاسد مع استهداف المجموعات المسلحة.

وكان للموقف السعودي بوقف امداد مصر بالحصة النفطية المتفق عليها ليتحول إلى موقف شعبي سلبي تجاه المملكة. ثم جاءت قضية جزيرتي صنافير وتيران، لتعمق الشرخ في العلاقات. وبعد ان قضت المحكمة العليا المصرية بان الجزيرتين أرض مصرية، أصبح تنازل السيسي عنهما صعبا جدا. وهنا لا يمكن التقليل من شأن الرأي العام المصري واثره على السياسات الخارجية للدولة.

وتبقى الحرب على اليمن جرحا نازفا فشلت كافة الجهود في السيطرة عليه. وفي الاسابيع الاخيرة اتخذت الرياض مبادرة عسكرية متميزة، وذلك بالسعي لمحاصرة قوات التحالف اليمني (انصار الله والمؤتمر الشعبي) ففتحت جبهات جديدة على المدن والسواحل الغربية وفي الشرق بالقرب من حضرموت وفي الشمال لتكثيف الضغط على مدينة صعدة.

امام ذلك الاصرار السعودي على حسم الحرب في اليمن ثمة تلكؤ في المبادرات السياسية التي يقودها المبعوث الاممي، ابن الشيخ، للتوصل إلى مخرج سياسي من الازمة التي تعسف بالمنطقة.

٭ د. سعيد الشهابي - كاتب بحريني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة السعودية ترامب حرب اليمن بريطانيا مصر