الشفافية الدولية: 85% من سكان العالم يرزحون تحت حكومات فاسدة

الخميس 2 فبراير 2017 08:02 ص

يعرف الفساد بأنه «إساءة استخدام السلطة الموكّلة لمكاسب شخصية»، وذلك كما عرّفته منظمة الشفافية الدولية، والتي دأبت منذ عام 1995 على نشر «مؤشر مدركات الفساد» في العالم، والذي يقوم بإعطاء نقطة معينة من مائة نقطة، لدول العالم من ناحية الفساد، لتقيّم نزاهة القطاع العام فيها، وصحيح أن تقرير عام 2016 يعكس نفس الصورة القاتمة المستمرة منذ عقدين من الزمان، إلا إن الأمر يصبح أسوأ.

ووفقاً للبيانات، فعلى الرغم من وجود وهم الحكومات المنتخبة في نصف دول العالم، إلا إن الديموقراطية تخسر الأرض.

نحو عالم أكثر قتامة.. أكثر فسادا

دولتان فقط حققتا 90 نقطة من مائة هذه السنة، و54 دولة فقط من ضمن 176 دولة تم تقييمها في التقرير (أي 30% من الدول)، حازت على معدّل أعلى من 50%، وهي نسبة ربما تشكل اجتياز حاجز النجاح في اختبارات المدرسة الثانوية، لكن، بالنسبة لحكومة منتخبة، فإن هذه خيانة واضحة للشعب.

المتوسط العالمي هذه السنة في الدرجة منخفض لا يتعدى 43 نقطة، ما يدل على أن الفساد المستشري في القطاع العام للدول أصبح هو البديهي.

الشئ الأكثر إدانة، هو أن معدّلات الدول انخفضت بدل أن تتحسن هذه السنة، ما يسلط الضوء على الحاجة العاجلة لاتخاذ إجراءات لمكافحة الفساد.

تحليلنا لبيانات منظمة الشفافية الدولية، تظهر أن 85% من البشر في عالمنا الحالي محكومون بواسطة حكومات فاسدة، تسجل مؤشراً يقل عن 50%.

تقارير مراقبة الفساد المختلفة تؤكد نفس الحقيقة المرة

هؤلاء الذين يفتقرون للقوة هم الأكثر حرماناً تحت يد الأنظمة الفاسدة، والتي عادة تعزز التمييز بين الجنسين، كما تضاعف العزل السياسي، وإذا توفرت لديها إمكانية شراء الأصوات، فإنها تحرص على عدم تغيير هذا الوضع الذي يحافظ على فقر الجماهير ويثري الفاسدين.

آخر تحديث لوحدة الاستخبارات الاقتصادية التابعة لمجلة إيكونوميست، تم إصداره في نفس اليوم الذي أصدر فيه تقرير منظمة الشفافية الدولية، ويعكس وجهة نظر متطابقة تقريباً، فمؤشر وحدة الاستخبارات الاقتصادية يقوم بقياس حالة الديموراطية في 167 دولة، وقد تدهور المتوسط العالمي من 5.55 من 10 في سنة 2015، إلى 5.52 في 2016، مع 72 دولة سجلت درجة أقل، مقابل 38 دولة فقط أظهرت تحسناً، وتستطيع التسجيل هنا مجاناً وتحميل التقرير.

ما مدى دقة البيانات؟

بالنسبة للذين لم يطلعوا على مؤشر الفساد هذا من قبل، فإن تقرير 2016 اعتمد على 13 مصدرا للبيانات في الـ24 شهراً الماضية، وقد تضمن مصادر فقط توفر درجة بالنقاط لمجموعة من الدول، وتقيس دلالات الفساد في القطاع العام، بناء على منهجية معينة تم نشرها. مؤشر دلالات الفساد لا يتضمن مستوى الفساد في المجتمع، وإنما هو مقياس لتقييم الفساد الإداري والسياسي فقط.

التقرير يستند إلى «تصورات»، لكنها أكثر دقة وعلمية مما يوحي المصطلح عادة، فالفساد شيء غير قانوني، أو غير شرعي، وبالتالي فمن الصعب تقييمه على أساس بيانات عملية دقيقة، والمنهجية المستخدمة في جمع بيانات الدولة للتقرير، تستلزم جمع «تصورات» أولئك الموجودين في وضع يسمح لهم بعرض تقييمات خبيرة لفساد القطاع العام في الدول المعنية.

ومع إنك ستجد بعض الدول التي تشغل ترتيباً معيناً بين دول العالم في مستوى النزاهة والشفافية، إلا إن الرقم الحقيقي الذي علينا أن نعتد به، هو درجة الفساد، وليس الترتيب، ففيما قد تبدو بعض الدول متقاربة، إلا إنها أحسن السيئين فحسب.

التقرير تم بناؤه على معلومات من 13 عملية مسح مختلفة تنظر إلى عوامل مختلفة مثل إنفاذ قوانين مكافحة الفساد، وقدرة الحصول على المعلومات، وتضارب المصالح للسلطة.

يوجد أكثر من 200 دولة ذات سيادة في العالم، وتقرير 2016 للمنظمة لم يشمل إلا 176 فقط منهم، بسب عدم توفر مصادر لبيانات ذات موثوقية، وبالتالي فإن ترتيب الدول الموجودة قد يعلو أو ينخفض بإضافة دول أخرى.

القطاع العام في أعلى الدول سكانا يخدم نفسه

من المثير للاهتمام النظر إلى ترتيب الدول الأكثر سكاناً في العالم، التي يظهر فيها القطاع العام، وكأنه يخدم نفسه، بدلاً من الناس الذين يمثلونهم، مع وجود بعض الاستثناءات طبعاً.

الفساد ليس سبباً للفقر فقط، بل حاجز للتغلب عليه أيضاً، وبالإضافة لحرمان الناس من حاجاتهم الأساسية للبقاء على قيد الحياة، فإنه يجبرهم على إنفاق المزيد من دخلهم على الرشاوى.

أيضاً الدول ذات مؤشر الفساد المرتفعة، تلغى فيها حقوق الإنسان، لأن المحاكمة العادلة سوف تأتى حين ذلك بتكاليف باهظة.

المصدر | نيو أتلاس

  كلمات مفتاحية

الشفافية الدولية مؤشرات الفساد دول استبدادية