نصر تاريخي جديد للآلة: روبوت يتغلب على 4 لاعبين محترفين في البوكر

الخميس 2 فبراير 2017 09:02 ص

تمكن روبوت ذكاء اصطناعي يسمى«ليبراتوس» من هزيمة أربعة من أفضل لاعبي البوكر في العالم، وذلك في بطولة مرهقة استمرت لمدة 20 يوماً، ليكلل مشواره بالنجاح يوم الإثنين الماضي.

منافسة "العقول ضد الذكاء الاصطناعي شملت أربع لاعبين بشريين محترفين، هم «دونج كيم»، «جاسون ليس»، «جيمي تشو»، و«دانيال مكالي»، وقد قضوا 11 ساعة يومياً كل يوم متسمرين أمام شاشات الكمبيوتر في كازينو ريفر في بطرسبرج، في حرب ضروس أمام برمجية قادرة على لعب بوكر «تكساس هولديم»، وقد هزمهم «ليبراتوس» جميعا، وفاز بأكثر من 1.7 مليون دولار، ولحسن الحظ أنهم لم يكونوا يلعبون بأموال حقيقية.

إنها هزيمة ساحقة للبشرية، لكنها نصر عظيم وتاريخي للذكاء الاصطناعي.

مواقع المراهنات الدولية راهنت على الإنسان.. وخسرت

الآلات أصبحت بالفعل ذكية كفاية لكي تهزم البشر في ألعاب أخرى مثل الشطرنج ولعبة جو الشهيرة، لكن لعبة البوكر كانت خياراً أصعب، لأنها لعبة تعتمد على معلومات ناقصة، ففي الشطرنج ولعبة غو، يستطيع كل لاعب أن يرى اللوحة بكاملها، لكن بالنسبة للبوكر، فإن اللاعبين لا يستطيعون رؤية ما في أيدي اللاعبين الآخرين، وفوق هذا، فإن الذكاء الاصطناعي عليه أن يخدع، ويترجم المعلومات المضللة كي يفوز.

وقد قال الأستاذ «توماس ساندهولم»، الذي قام ببناء ليبراتوس مع تلميذه طالب الدكتوراة «ناعوم براون»، أن هذا التحدي ضخم جداً ومعقد، وأنه كان بعيداً عن منال الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي حتى الآن، ثم أضاف قائلاً: «لم نكن واثقين إطلاقاً أن ليبراتوس سيهزم اللاعبين المحترفين، مواقع المراهنات الدولية كانت تراهن على انتصار الإنسان»، لكنهم لم ينتصروا.

عاد لينتقم

لم يستطع اللاعبون البشريون مضاهاة« ليبراتوس»، والذي طوره «ساندهولم» و«براون» بناء على نموذج سابق يسمى «كلاوديكو»، والذي سبق أن خسر أمام أربعة لاعبين محترفين في الجولة التي حدثت في 2015، ويبدو أن خليفته جاء للثأر.

«ليبراتوس» لم يكن متفوقاً فحسب في القدرات الحاسوبية، بل في الخوارزميات المتطورة المعززة التي استخدمها في اللعب، خصوصاً في الطريقة التي يتعامل بها مع المعلومات الناقصة أو المخفية، وقد علّق السيد «براون» عليه قائلاً: «نحن لم نخبر ليبراتوس كيف يلعب البوكر، لقد أعطيناه القواعد وقلنا له تعلم بنفسك».

الروبوت بدأ اللعب بشكل عشوائي، لكن بعد أن استمر هذا لبلايين البطاقات، فإنه كان قادراً على صياغة أسلوب لعب، حتى وصل إلى استراتيجية للفوز، وفي نهاية كل ليلة بعد أن ينتهي لعب البوكر، يقوم «براون» بوصل «ليبراتوس»، بالكمبيوتر الخارق «Bridges» في بطرسبرغ، لكي يشغل خوارزمياته ويطور نفسه قبل قدوم الصباح، ثم يمارس هذه الاستراتيجيات في اليوم الثاني أثناء اللعب.

في نفس الوقت، يلعب البشر حتى العاشرة مساء، ويتناولون العشاء، ثم ينفقون بعض الساعات في مشاهدة طريقة لعب الذكاء الاصطناعي ويفكرون في كيفية تطوير استراتيجياتهم، ثم يذهبون للنوم بحلول الثانية صباحاً، لقد كان هذا الجدول قاسياً بالنسبة للاعبين البشريين المحترفين.

وقد قال «جاسون ليس»، وهو أحد اللاعبين الذي لعب أمام الروبوت «كلاوديكو» منذ سنتين، أن «ليبراتوس» أظهر قدرات أفضل مما تخيلوا وأن هذا «كان محبطاً»، ثم أضاف قائلاً: «عندما تلاعب بشرياً وتخسر، فإنك تأخذ استراحة، لكننا هنا، حصلنا على هزيمة يومية لمدة 11 ساعة في اليوم، إنها تجربة عاطفية مختلفة عندما لا تكون معتاداً على الخسارة بهذا المعدل».

روبوت فاجأ صناعه أنفسهم

لم يكن الأمر سيئاً تماماً بالنسبة للاعبي الفريق، فهم سوف يقتسمون جائزة قدرها 200 ألف دولار، اعتماداً على مدى مهارتهم أمام الروبوت، وقد تعلموا من ليبراتوس أيضاً، بفضل أسلوب الروبوت العدواني، في الرهانات الكبيرة للفوز بمكاسب صغيرة.

السيد «براون»، قال إن رؤية «ليبراتوس» يفوز، أثارت فيه شعور «الأبوة الفخورة».

وقد أضاف قائلاً: «عندما أرى الروبوت يخدع البشر، فإنني أفكر: أنا لم أقل لك أن تفعل هذا، لم تكن لدي فكرة أنك حتى قادر على فعل ذلك. من المُرضي معرفة أنك صنعت شيئاً يمكنه فعل ذلك».

ما هو أكبر من البوكر.. قادم

الخوارزميات التي يعتمد عليها «ليبراتوس»، ليست مخصصة فقط للعب البوكر، ما يعني أن النظام ستكون له تطبيقات كثيرة، خارج نطاق الألعاب الترفيهية، بداية من التفاوض في الصفقات التجارية، وحتى وضع استراتيجيات عسكرية أو تخص أمن المعلومات، أو حتى تخطط علاجاً طبياً، أي؛ في أي مجال يتطلب تخطيطاً استراتيجياً منطقياً في ظل معلومات ناقصة أو خفية.

السيد «براون» قال: «الناس لديهم فكرة أن البوكر هو لعبة إنسانية جداً، وأن الروبوتات لا يمكنها أن تخادع على سبيل المثال، لكنهم مخطئون تماماً، فالأمر لا يتعلق بقراءة خصمك ومحاولة معرفة ما إن كان يكذب أم لا، بل إنه يتعلق بالبطاقات والاحتمالات».

وأضاف: «على الرغم من إننا نشهد إعادة تقييم للأشياء التي يتفوق فيها الذكاء الاصطناعي، إلا إنني لا أتخيل أن أرى كمبيوتر يكتب رواية تفوز بجائزة في أي وقت قريب».

  كلمات مفتاحية

الذكاء الاصطناعي البوكر روبوت