«ناشيونال إنترست»: حزب الله.. المكاسب والخسائر من الحرب السورية

الخميس 2 فبراير 2017 09:02 ص

في الوقت الذي تقترب فيه الحرب الأهلية السورية من عامها السادس، دمّرت البلاد بدلًا من الإصلاح. وحتّى إن كان المجتمع الدولي يستطيع الاجتماع معًا للتفاوض حول تسوية تجلب نهاية للعنف، فإنّ الضرر الساحق قد تحقّق بالفعل.

ومنذ بدأت الحرب عام 2011، تقول التقديرات أنّ أكثر من 400 ألف سوري قد قُتِلُوا، وفرّ ما يقرب من 5 مليون خارج البلاد، و6 ملايين نزحوا داخليًا. وقد تحوّلت غالبية المدن الكبرى، بما في ذلك السوق التجاري الكبير حلب، تحوّلت إلى رماد.

خسر الكثير في تلك الحرب، لكنّ البعض قد استفادوا، ومن بين هؤلاء جماعة حزب الله الإرهابية الشيعية.

وحزب الله هو ميليشيا لبنانية موالية لشرعية الثورة الإيرانية. وتفخر بقوّة قتالية متطوّرة وتحظى بمقاعد رئيسية في البرلمان اللبناني. وهي من الأمثلة البارزة على التهديد المزدوج، حيث تعتمد على خليط من القدرات العسكرية المتفوقة والتقليدية. ويتمتّع حزب الله أيضًا بشبكة خدمات اجتماعية واسعة في أنحاء لبنان، والتي من شأنها أن تصبح موضع حسدٍ من قبل الدول القومية الصغيرة.

وحافظ حزب الله طويلًا، بقيادة «حسن نصر الله»، على علاقات وثيقة بإيران وسوريا، التي احتلّت أجزاء من لبنان بين عامي 1976 و2005. ولسنوات، كانت سوريا قناة للأسلحة الإيرانية التي تذهب إلى حزب الله وكانت مكانًا لإقامة أبرز قادته.

وشهد حزب الله مهمة زحف في سوريا، خصوصًا بعد أن ساءت ظروف «نظام الأسد» في اللحظات الأولى للصراع. وهرع حزب الله بتقديم دور المساعدة والمشورة بتدريب الميليشيات السورية الموالية للنظام، وقاد هجومًا بريًا في حمص عام 2013. وفي أواخر ديسمبر/كانون الأول، ساعد حزب الله «نظام الأسد» في استعادة حلب.

إذًا، لم أرسل حزب الله جنوده ليقاتلون ويموتون في سوريا، وماذا جنى من وراء ذلك؟

لقد اكتسب حزب الله خبرات هامة في القتال داخل البيئات الحضرية الكثيفة، فضلًا عن القتال ضدّ أعداء مختلفين، إذا ما قرّر القتال ضدّ (إسرائيل). وفي سوريا، احتكت الميليشيات الشيعية بأعداء مختلفين، ومن بينهم «الدولة الإسلامية». وربما كان لحزب الله مصلحة في الدخول لسوريا لمنع توسّع نفوذ الجماعات السلفية الجهادية في المنطقة، وكذلك نمو شعبيتهم في لبنان.

واستفاد حزب الله أيضًا من التحالف الموسّع مع سوريا وإيران ثمّ روسيا فيما بعد (ويوصف تحالف حزب الله وسوريا وإيران بالمحور الشيعي). وفي الواقع، لقد وصل إلى المسؤولين الأمريكيين تقارير تفيد بأنّ قوّات حزب الله على الأرض لم تكن تقاتل جنبًا إلى جنب مع قادة فيلق القدس من الحرس الثوري الإيراني فقط، لكن أيضًا بجانب قوات العمليات الخاصة الروسية. ويعدّ هذا تطورًّا هائلًا ومخيفًا، فاحتكاك قوّات حزب الله مع مثل هذه القوّات النظامية، يطوّر تكتيكاتها ويوسّع من قدراتها وسيطرتها على قوّات تقاتل في مثل تلك البيئة، وهو ما يمكن تصديره إلى أصولها في لبنان.

وفي العام الماضي، قطعت السعودية المساعدات عن لبنان، نتيجة فتح الباب للإيرانيين لبسط نفوذهم في المحور الشرقي الغربي عبر العراق وسوريا ولبنان، وهو الأمر الذي كان صعبًا عندما كانت العراق عدوًا دائمًا. وقد انبنى الصراع على عناصر الحرب بالوكالة، والآن أصبح يلوّن كل جوانب العلاقة السعودية الإيرانية، سواء كانت دينية أو جيوسياسية أو اقتصادية.

وشعبية حزب الله ممتدة، ليس فقط في لبنان وبين الشيعة، لكن في أجزاء من العالم العربي، بعد أدائه في حرب الـ 33 يومًا ضدّ (إسرائيل) قبل 10 سنوات. لكنّ هذه الشعبية انحسرت في الأعوام الأخيرة، على الأقل في الأجزاء السنّية، بعدما ارتفعت لهجة الخلافات الطائفية. ونجد أنّ «نظام الأسد» قد اكتسب دعمًا من الشيعة في أفغانستان وباكستان وأجزاء بوسط آسيا.

لكن بالرغم من أنّ حزب الله هو واحد من الجهات القليلة التي خرجت بمكاسب من الصراع السوري، إلّا أنّه قد خرج بخسائر أيضًا. فقد خسر حزب الله مقاتلين في الحرب السورية أكثر ممّا خسر طوال احتلال إسرائيلي دام 18 عامًا لجنوب لبنان. فقد الحزب أكثر من 2000 مقاتل والعديد من المصابين يقدّر عددهم بحوالي 6000 مقاتل.

ويبقى الأمر لنرى إن كان الأمر قد استحقّ هذه التضحية بالدماء والأموال من حزب الله، ويعتمد ذلك على أمرين. الأول، ما هو مدى تحسين حزب الله لقوّته المقاتلة، وهل يستطيع الحفاظ على هذه الكفاءة عندما لا يكون نشطًا في أعمال عدائية. والثاني، هل سيكون حزب الله قادرًا على ترجمة حنكته الميدانية في قوّته السياسية المحلية عند العودة للوطن.

وعلى الصعيد الداخلي، سيستمر حزب الله في تقديم نفسه في صورة «قوّة المقاومة»، وسيحاول استغلال مشاركته في سوريا سياسيًا داخل لبنان. وفي أواخر أكتوبر/تشرين الأول، انتخب «ميشال عون»، وهو مسيحي ماروني، رئيسًا للبرلمان اللبناني، منهيًا عامين من فراغ المنصب، وكان مدعومًا بشكل جزئي من حزب الله.

كان الجميع على الجانب الخاسر من الحرب السورية. لكن في حين لم يسلم من الخسارة، اكتسب حزب الله الكثير من الزخم في الداخل وفي أنحاء المنطقة. ومن خلال تطوير نفسه من مجرّد ميليشيا إلى منظمة إرهابية عالمية وحزب سياسي في لبنان، عزّز حزب الله من مكانته كلاعب فاعل في الشرق الأوسط.

  كلمات مفتاحية

حزب الله سوريا بشار الأسد لبنان روسيا

«ناشيونال إنترست»: «حزب الله» فقد بالقتال مع «الأسد» أكثر مما خسر خلال 18 عاما