بالخرائط.. «الدولة الإسلامية» والصراع في العراق وسوريا

الخميس 2 فبراير 2017 11:02 ص

فقدت الدولة الإسلامية ما يقرب من ربع الأراضي التي كانت تسيطر عليها في العراق وسوريا خلال العام الماضي.

ويسيطر المسلحون الآن على حوالي 60400 كيلومتر مربع (23300 ميل مربع) بنهاية ديسمبر/ كانون الأول عام 2016، مقارنة مع حوالي 78000 كيلومتر مربع (30100 ميل مربع) في بداية العام. ويقارن هذا مع خسارة قدرها نحو 14٪ عن العام 2015.

وقد انتبه العالم إلى تنظيم الدولة في يونيو/حزيران 2014، عندما اجتاحت الجماعة الموصل في العراق ثم انتقلت جنوبا نحو العاصمة بغداد، مهددة بالقضاء على الجيش العراقي وعلى الأقليات العرقية والدينية الكثيرة البلاد.

وفي ذروتها، تحكمت« الدولة الإسلامية» في نحو 10 ملايين شخص يعيشون في المناطق الواقعة تحت سيطرتها. ومع ذلك، اقترح تقرير كونفلكت مونيتور أن الرقم كان أقرب إلى ستة ملايين في أكتوبر 2016.

وقد كان التركيز الحالي للمعركة منصبا على السيطرة على الموصل، آخر معقل حضري رئيسي للجماعة الجهادية في العراق.

وقد حققت القوات الخاصة العراقية وبقية وحدات الجيش تقدما مطردا في النصف الشرقي من المدينة، بينما إلى الغرب تتواجد مجموعات من مقاتلي القوات شبه العسكرية التي يسيطر عليها الشيعة الذين يمنعون «الدولة الإسلامية» من إعادة تزويد قواتها.

وقال «كولومب ستراك»، كبير المحللين في كونفلكت مونيتور:«نحن نتوقع أن تسترد قوات الحكومية العراقية الموصل قبل النصف الثاني من العام».

بعد الموصل، ربما تركز الحكومة العراقية اهتمامها على الجيوب المتبقية محول الحويجة، التي يستخدمها الجهاديون كقاعدة لحملة من الهجمات الإرهابية المستمرة في بغداد.

كيف انتشرت «الدولة الإسلامية» عبر العراق وسوريا؟

قام الجهاديون باستغلال الفوضى والانقسامات داخل كل من سوريا والعراق.

نشأ التنظيم على أنقاض ما كان يسمى تنظيم القاعدة في العراق، والذي تم تشكيله من قبل المسلحين السنة بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، وأصبح قوة رئيسية في التمرد الطائفي في البلاد.

وفي عام 2011، انضم الى مجموعة التمرد ضد الرئيس السوري «بشار الأسد» في سوريا، حيث وجدت ملاذا آمنا وسهولة في الحصول على الأسلحة. وفي الوقت نفسه، استفاد التنظيم من انسحاب القوات الأميركية من العراق، فضلا عن غضب السنة من السياسات الطائفية للحكومة التي يقودها الشيعة في البلاد.

في عام 2013، بدأت المجموعة سيطرتها على الأراضي في سوريا وغيرت اسمها إلى الدولة الإسلامية في العراق والشام. وفي العام التالي، اجتاحت داعش مساحات كبيرة من شمال وغرب العراق، وأعلنت إنشاء «الخلافة». وقد تقدمت في المناطق التي تسيطر عليها الأقلية الكردية في العراق، وقتلت وهجرت الآلاف من أعضاء الجماعة الدينية اليزيدية، وبعدها قام التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بشن ضربات جوية على مواقع في العراق في أغسطس/آب 2014.

وتقول الأمم المتحدة أن 6878 مدنيا على الأقل قتلوا في أعمال عنف في العراق في عام 2016، على الرغم من أن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى من ذلك. وقد وصل إجمالي عدد القتلى المدنيين في العراق منذ أغسطس/آب 2014 حتى الآن أكثر من 19700 قتيل.

ولم تعد الأمم المتحدة تحافظ على تتبع أرقام الضحايا في سوريا نظرا لعدم إمكانية الوصول إلى العديد من المناطق والتقارير المتضاربة من مختلف الأطراف في الحرب هناك.

وقد أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو مجموعة مراقبة مقرها المملكة المتحدة، في سبتمبر/أيلول 2016 أن أكثر من 300000 شخص، بما في ذلك 86000 من المدنيين، قد قتلوا منذ مارس/أذار 2011.

وحذر المرصد من أن عدد القتلى الفعلي يمكن أن يكون أكثر بحوالي 70000 من الرقم الموجود، كما أن العديد من الجماعات المسلحة لم تبلغ عن عدد القتلى.

من يقاتل تنظيم الدولة؟

نفذت قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة أكثر من 10000 ضربة جوية ضد أهداف في العراق منذ أغسطس/آب 2014.

وقد أطلقت المملكة المتحدة الغارات الجوية الأولى على الجماعة في العراق في الشهر التالي. وقد ضمت قائمة الدول الأخرى المشاركة أستراليا، بلجيكا، الدنمارك، فرنسا، الأردن، وهولندا.

وفي سوريا، بدأت الحملة الجوية التي تقودها الولايات المتحدة في سبتمبر/أيلول عام 2014. ومنذ ذلك الحين، تم تنفيذ حوالي 6000 ضربة من قبل قوات التحالف، والتي تشمل أستراليا، البحرين، فرنسا، الأردن، هولندا، السعودية وتركيا والإمارات و المملكة المتحدة.

لم تكن روسيا جزءا من التحالف، ولكنها بدأت غاراتها الجوية ضد ما وصفته بـ «الإرهاب» في سوريا في سبتمبر/أيلول 2015.

هناك القليل من المعلومات من مصادر رسمية حول الضربات الجوية الروسية. ومع ذلك، فإن معهد دراسات الحرب يشير بالأدلة إلى أن الطائرات الروسية استهدفت عمق الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة، وساعدت قوات الحكومة السورية لاستعادة السيطرة على مدينة حلب في ديسمبر/كانون الأول 2016.

ومنذ ذلك الحين، واصلت روسيا قصف قوات المعارضة السورية، وكذلك المقاتلين حول تدمر ، على الرغم من أن معهد دراسات الحرب يقول أن هذا كان من أجل الدفاع عن قاعدة جوية قريبة، تعتبر القاعدة الرئيسية لعمليات روسيا في وسط سوريا الروسي.

ومع إعلان الخلافة في نهاية يونيو/حزيران عام 2014، أشار زعيم التنظيم «أبو بكر البغدادي» إلى نيته الانتشار خارج العراق وسوريا.

 وقد جاء الرد بسرعة من المسلحين الجهاديين الموالين في ليبيا، وخلال عام واحد أصبح له أتباع في خمسة بلدان، وكان له موطئ قدم في أكثر من بلد.

ويعتقد الآن أن التنظيم يعمل في 18 بلدا في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أفغانستان وباكستان، ووفقا للأدلة التي اطلع عليها المركز الوطني لمكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة فقد وجدت دلائل على ما وصفته بـ«فروع طامحة» في مالي ومصر والصومال وبنجلاديش وإندونيسيا والفلبين.

خلال عام 2016، شن التنظيم هجمات في عدد من البلدان بما في ذلك تركيا وإندونيسيا وفرنسا وبلجيكا وألمانيا والولايات المتحدة وبنغلاديش.

كما أثار إعلان الخلافة طفرة في عدد المقاتلين الأجانب الذين سافروا إلى سوريا والعراق للانضمام إلى التنظيم.

وقد قدر تقرير صدر في ديسمبر/كانون الأول 2015 من قبل شركة للاستشارات الأمنية ومقرها نيويورك أن المجموعة التي يقدر عددها بـ 27000 من الجهاديين الأجانب قد جاءت من 86 بلدا، أكثر من نصفهم من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ما الذي تم استعادته؟

ترك الصراع أبرز المدن والبلدات في العراق وسوريا في حالة خراب. وقطعت مناطق أخرى من قبل المسلحين، وترك سكانها يعتمدون على توصيل المساعدات والإمدادات الغذائية عبر السوق السوداء.

كان واحدا من أول الانتصارات الكبيرة في المعركة ضد التنظيم هو الاستيلاء على بلدة كوباني شمال سوريا من قبل مقاتلين أكراد في أوائل عام 2015. وخلفت المعركة أكثر من 1600 قتيل. ولكن منذ ذلك الحين، طردت القوات الكردية المسلحين من آلاف الكيلومترات المربعة في شمال سوريا.

عانت محافظة الرمادي في غرب العراق أيضا من دمار واسع النطاق خلال الهجوم الذي استمر لشهور من قبل القوات العراقية والميليشيات الموالية للحكومة والتي شهدت الإطاحة بالمتشددين من المدينة في يناير/ كانون الثاني عام 2016، بعد ثمانية أشهر من سيطرتهم عليها.

وإذا نجح الهجوم على الموصل، فسوف يتحول الانتباه إلى عاصمة محافظة الرقة في شمال سوريا.

كانت تدمر في سوريا واحدة من العديد من المواقع الأثرية التي تم نهبها وهدمها. وأشاد الرئيس «الأسد» باستعادة قوات الحكومة السورية لها بمساعدة الضربات الجوية الروسية في مارس/أذار 2016 وقال إن ذلك «إنجاز مهم» في «الحرب على الإرهاب».

لكن أعضاء تنظيم الدولة استولوا على المدينة في ديسمبر/ كانون الأول مع تحول انتباه القوات الحكومية و حلفائها لمحاربة قوى المعارضة المحلية في حلب ودمشق.

كيف تحصل داعش على التمويل؟

كان النفط أكبر مصدر للدخل عندما استولت المجموعة على العديد من حقول النفط في سوريا والعراق، وباعت النفط في السوق السوداء.

ولكن الإنتاج انخفض منذ بدأ التحالف بقيادة الولايات المتحدة والضربات الجوية الروسية باستهداف البنية التحتية للنفط.

ووفقا لمركز تحليل الإرهاب، فإن التنظيم يفتقر إلى التكنولوجيا اللازمة لصيانة المعدات القديمة، والآبار الناضبة، مما يجعل استخراج النفط أكثر صعوبة .

وقد وجدت لجنة مناهضة التعذيب أن الابتزاز هو المصدر الرئيسي للتمويل في عام 2015. فالأموال التي جمعت من الضرائب والرسوم والغرامات والمصادرات تمثل 33٪ من الدخل للمجموعة، وقد شهدت ارتفاعا بحوالي 12٪ في العام السابق.

وكذلك تم فرض رسوم على الخدمات مثل المياه والكهرباء، وضرائب ورسوم مفروضة على منتجات مثل القمح والقطن، وكذلك تم مصادرة بضائع وممتلكات، والتي يتم بيعها بعد ذلك.

وقد جاء في تقرير هافينغتون بوست في يوليو/تموز 2016 أنه لم يعد من المرجح لدى التنظيم القدرة على توليد ما يكفي من الإيرادات لتمويل عملياته.

أين هم اللاجئون؟

وقد فر أكثرمن 4.8 مليون من السوريين للخارج هربا من القتال في سوريا، ووفقا للأمم المتحدة. فقد انتهى الامر بمعظمهم في الجوار في تركيا ولبنان والأردن.

ومنذ ذلك الحين تم التوصل الى اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا للحد من تدفق المهاجرين عبر البحر الأبيض المتوسط ، ولا يزال السوريين يشكلون أكبر مجموعة من طالبي اللجوء في أوروبا. فقد تلقت ألمانيا أكثر من 740000 طلب لجوء في عام 2016، كان منها 268866 من اللاجئين السوريين، وذلك وفقا لوزارة الداخلية.

وتقدر الأمم المتحدة أن هناك أكثر من ثلاثة ملايين من العراقيين الذين أجبروا على مغادرة منازلهم هربا من الصراع ونزحوا داخل البلاد.

وقد حذرت المنظمة من أن المعركة من أجل السيطرة على الموصل ربما تشعل هجرة جماعية لمليون شخص آخر.

المصدر | بي بي سي

  كلمات مفتاحية

العراق سوريا الدولة الإسلامية بشار الأسد الأكراد