استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الإرهاب المتطرف لا دين له

الخميس 2 فبراير 2017 12:02 م

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في خطاب التنصيب، إنه «سيحارب الإرهاب الإسلامي المتطرف حتى يمحوه من الأرض». ولم تكن تلك زلة لسان، ولكنها «زلة عقل»، تورط فيها رئيس أكبر دولة وأقواها وأغناها على وجه الأرض، حين أصر على أن يصف الإرهاب بصفة دينية ويربطه بالإسلام تحديدا، بينما الإرهاب لا دين له، والإرهابيون إذا مارسوا الجرائم يعاقبون على ما اقترفوه من جرم، لا لأنهم ينتسبون إلى أحد الأديان، فدينهم لا علاقة له بالجرائم التي يقومون بها.

لذلك فإن وصف الإرهاب المتطرف بأنه إسلامي ينطوي على دلالة واحدة لا يمكن تأويلها أو التدليس عليها، هي أن الإسلام دين الإرهاب يدعو إليه ويحض عليه ويرتبط به. وهذا افتراء باطل، لأن الإسلام، بريء براءة تامة من الإرهاب حتى لو كان الأفراد أو الجماعات التي تمارس الأعمال الإرهابية مسلمين، فإن أفعالهم الإجرامية لا صلة لها بالإسلام من قريب أو بعيد وفي جميع الأحوال

وهذه ليست المرة الأولى التي يطلق فيها الرئيس ترامب هذه الاتهامات المجانية، فقد دأب خلال حملته الانتخابية، على الإدلاء بآراء عنصرية ضد المسلمين والسود والمكسيكيين، واتجه في تصريحاته إلى شيطنة المسلمين واضطهاد السود وذوي الأصول اللاتينية، متورطا بذلك في ممارسة العنصرية والتمييز ضد المواطنين الأمريكيين الذين تساوي بينهم القوانين الأمريكية، وهو ما اعتبر في جميع الأحوال، انتهاكا صارخا لمبادئ القانون الدولي وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

فوصف الإرهاب بأنه إسلامي هو تكريس للإسلاموفوبيا وللعنصرية وللتمييز الديني، مما يعد وفق المعايير الأخلاقية والقانونية والسياسية، انحيازا للتطرف ودعما للإرهابيين.

وإذا كان الإعلام الغربي، ومعه أيضا قطاع واسع من الإعلام العربي، يروج لمثل هذه المفاهيم الزائفة بربط الإرهاب والتطرف بالإسلام، فإن صدور مثل هذه الأقوال الباطلة من رئيس الدولة الأولى في العالم التي من المفترض أنها تحتكم إلى الدستور والقوانين الأمريكية وإلى قيم الحرية والديموقراطية حالة شاذة شديدة الخطورة، تمهد لمرحلة صعبة سيواجه فيها العالم تحديات جساما بدأت ملامحها تظهر في الأفق.

فهذا الرئيس الذي جاء بما يعكر الأجواء في بلاده، ويثير الزوابع في العالم، خصوصا في معسكر حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية، لا يتورع عن الهجوم على الإسلام وعلى المسلمين بهذا الأسلوب الفج الذي يتنافى والقواعد المرعية في مثل هذا المنصب، مع الانحياز المطلق إلى إسرائيل وتأييدها بلا حدود في سياستها الاستيطانية الإرهابية، والإعلان الصريح المستفز عن الرغبة في نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس التي هي مدينة فلسطينية محتلة بحكم قرارات مجلس الأمن الدولي.

هذا التحدي المفرط في العنصرية، وفي العنجهية أيضا، من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للمسلمين في العالم أجمع، وليس للمسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية فحسب، هو في حقيقة الأمر، إشهار للعداوة للإسلام خدمة للمصالح الصهيونية الإسرائيلية في المقام الأول، وللاستعمار الجديد الذي له عدة وجوه، منها الوجه الأمريكي في الإدارة الجديدة.

فثمة أهداف مشتركة بين هذه الأطراف تلتقي حول تأجيج الفوضى العارمة في دول العالم الإسلامي، وإدامة أمد الأزمات الناشبة والنزاعات المحتدمة والمشاكل القائمة، وهو الأمر الذي يؤسس لوضع خطير للغاية ستكون له انعكاسات بالغة التأثير على الأوضاع الدولية بصورة عامة.

فليس بهذه الطريقة يحارب الإرهاب في العالم ويتصدى للتطرف اللذين يهددان الأمن والسلم الدوليين. وليس بمثل هذه التصريحات المزيفة للحقائق والمتطاولة على دين يؤمن به بليون ونصف البليون مسلم في العالم، تخدم أهداف السلام العالمي. فتحميل الإسلام مسؤولية الإرهاب واتهام المسلمين بأنهم يؤمنون بدين يدعو إليه، من شأنهما أن يزيدا الوضع الدولي تأزما، وأن يؤديا إلى استفحال الأزمات في مناطق شتى من العالم.

إن إطلاق شعار «محاربة الإرهاب الإسلامي المتطرف» له مفهوم مضاد ومفعول معاكس تماما. فالإرهاب لا يرتبط بأي دين، والإرهابيون موجودون في عدة مجتمعات مختلفة الأديان والثقافات.

ولن يكون الهدف منه سوى إذكاء نيران التطرف وتوسيع دائرته حتى يفسح المجال للإرهاب ليصول ويجول ويدمر بدلا من أن يؤدي إلى بناء السلام في الأرض.

ومن المفارقات المذهلة أن تصريحات ترامب المتطرفة، ووجهت برفض واسع النطاق في الولايات المتحدة، وعلى مستويات مختلفة، كما رفضها عدد كبير من قادة الدول الأوروبية وكندا ودول أمريكا اللاتينية، مما يدل على تهافتها وانحرافها عن مبادئ حقوق الإنسان وقيم الديموقراطية.

* د. عبدالعزيز التويجري - أكاديمي سعودي الأمين العام للمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم (إيسيسكو)

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

أمريكا ترام الإرهاب التطرف الإسلام