معرض القاهرة للكتاب 48: بين الثقافة والرتابة والاستهلاك (الاحتواء والافتتاح)

السبت 4 فبراير 2017 12:02 م

كان يحلو للشاعر المصري الراحل «محمد التهامي» (10 من فبراير/شباط 1920 ـ 19 من فبراير/شباط 2015) القول بأن معرض القاهرة الدولي للكتاب عبارة عن «عرس ثقافي» تشهده مصر كل عام، فهل مايزال المعرض في دورته الـ48 يمثل عرساً أو حتى مجرد بسمة ثقافية؟

بدأ معرض هذا العام دورته الـ48 في يوم الخميس قبل الماضي الموافق 26 من يناير/كانون الثاني ليستمر حتى 10 من فبراير/شباط/ مع احتمالية مده لأيام، كما هو متبع في دورات سابقة، وغير بعيد عن اختيار المغرب كضيف شرف لهذا العام، أو الاحتفاء بالشاعر الراحل «صلاح عبد الصبور» فقد كان المعرض ينقسم إلى شقين بارزين لكل منهما عبيره والقه الذي لا يقل عن الآخر.

الشيخ «محمد الغزالي»، الدكتور «محمد عمارة»، المستشار «طارق البشري»، الشاعر السوري «نزار قباني»، الشاعر الفلسطيني «محمود درويش»، الكاتب «محمد حسنين هيكل»، الروائي «يوسف إدريس»، الدكتور «أسامة الباز»، الشاعر «محمد الماغوط»، الشاعر العراقي «عبد الرزاق عبد الواحد»، الكاتب «فهمي هويدي»..المستشار «عصمت سيف الدولة»، الشاعر «سيد حجاب»،  والشاعر «عبد الرحمن الأبنودي»، أسماء مختلفة رحلت أم بقت،  في جميع مجالات الثقافة والفكر والأدب فضلاً عن الدين من مختلف أرجاء الوطن العربي، بالإضافة إلى وزراء، ومسئولين كبار في نافذة كانت تفتح سنوياً عبر ندوات وفعاليات المعرض، التي توسعت منذ نهاية الثمانينيات من القرن الماضي.

كان الوطن العربي كله حاضراً بمثقفيه في مختلف الاتجاهات أيام الرئيس المخلوع «محمد حسني مبارك»، لتتغلب إدارة المعرض على الأمر هذا العام باستضافة المغرب والسماح بمشاركة أكثر من ستين مفكرًا وأديبًا وشاعرًا، من بينهم الباحث والناقد «سعيد يقطين»، والشاعر «محمد بنيس»، والناقدة «زهور كرام»، والأديب «أحمد المديني»، والروائيان «محمد برادة، و«عبد الكريم جويطي».

وهكذا صار أفق الانفتاح الواسع الأعم الأرحب محكوماً بأفق رسمي ترشحه دولة واحدة، عبر نظامها الحكومي، فتختار ما يعبر عن توجهها، مع إتاحة الفرصة لمشاهير بها، ولكن آفاق الحرية التي كانت تعم جميع أرجاء الوطن العربي، عبر المعرض، غابت تحت مسمى استضافة المغرب!

وبالتالي فإن قاعة الاحتفالات الرئيسية في المعرض التي كان يدير جزءً كبيراً من الفعاليات المُقامة بها الراحل «سمير سرحان»، إبان رئاسته الهيئة العامة للكتاب، بالإضافة إلى سوق عكاظ، والمقهى الثقافي، وغيرها من مخيمات وقاعات الإبداع، كل هذه صارت مقصورة على فعاليات لأسماء مُوالية للدولة المصرية، وللنظام الحالي، ولا داعي لطرح قضايا كبرى أو ما شابه، ويكتفي النظام القائم في مصر بتناول الطفل والمرأة، في المُطلق، وفق وقال وزير الثقافة إن المعرض «لديه اهتمام خاص هذا العام بالأطفال من خلال جناح خاص يحتوي على إصدارات خاصة للأطفال وورش فنية وأدبية لهم، إلى جانب تخصيص محور خاص للمرأة»، ضمن عام المرأة الرسمي المعلن من قبل النظام.

غياب الرئيس

أقيمت 10 دورات من معرض الكتاب في حياة الرئيس الراحل «جمال عبد الناصر»، كان يقام عادة  في نادي الجزيرة في وسط القاهرة، ولم يحضر واحدة منها!

وعلى خطاه سار الرئيس الثالث لمصر «محمد انور السادات» عبر 11 عاماً مدة حكمه، حتى جاء الرئيس «محمد حسني مبارك»، فسار على درب سابقيه في الدورات الخاصة بأعوام 1982، و1983، و1984، و1985، ولكنه منذ عام 1986م وحتى نهاية حكمه فيما عدا دورات 2004م، إذ أناب رئيس الوزراء «عاطف صدقي» بدلاً منه، و2009م إذ أناب عنه رئيس الوزراء «أحمد نظيف»، و2011م إذ تعطل المعرض لقيام الثورة، غير السنوات الثلاث، ومنذ عام 1986،  سنّ «مبارك » سُنّة كانت حسنة في وقتها، مضى عليها الرئيس المنتخب لمصر «محمد مرسي» في يناير/كانون الثاني 2013م بافتتاحهما المعرض، وخالفها الرئيس الحالي «عبد الفتاح السيسي» .. وهو ما ستناوله في التقرير المقبل بإذن الله.

المصدر | الخــــــــليج الـــجديد

  كلمات مفتاحية

معرض الكتاب الثقافة الرتابة الاستهلاك الافتتاح الفعاليات