«عائشة التركية»: فنانة تشكيلية تتحدى الإعاقة بأصابع قدميها

السبت 4 فبراير 2017 01:02 ص

عائشة ترسم نفسها وهي ترسمرغم فقدها لذراعيها وهي ماتزال في العقد الرابع  من عمرها، جرّاء حادث أليم، لم تكن الحادثة بالنسبة للفتاة التركية «عائشة إيشيق» (31 عاما) محطة وقوف وانكسار، بل شكلت لها انطلاقة جديدة اكتشفت فيها معاني جديدة للحياة.

الفتاة «عائشة» فقدت ذراعيها بسبب آلة حصاد القمح، حادث مروع كان كفيلًا بانهيار الفتاة واستسلامها لعجزها الذي باتت عليه، لكن إصرارها وعزيمتها جعلاها تتغلب على كل الصعاب، وتفتش عن القدرات المدفونة لديها لتعوض ما ينقصها عن أقرانها الأسوياء، بحسب «الأناضول».

وجدت الفتاة الملكومة ضالتها في أصابع قدميّها، حيث اكتشفت وهي في رحم المعاناة قدرتها على الرسم بها، فاتخذت من تلك الأصابع وسيلة لإضفاء لون جديد على حياتها، وبها تمكنت من رسم مئات اللوحات التي شاركت بها في 32 معرضًا فنيًا مختلفًا.

تروي «عائشة» قصتها قائلة: «وقع الحادث حينما كنت في الخامسة من عمري، وفي ذلك اليوم كنا عائدين من عطلتنا في مدينة مرسين في الجنوب (المطلة على البحر المتوسط) إلى بيتنا بولاية أدي يمان (جنوب أيضاً) ».

وتابعت «عندما عدنا كان أبي في الحقل، وكنت مشتاقة لرؤيته، فذهبت إليه، وكانت الحصادة تعمل، ولم يكن هو بجوارها».

واستطردت «اعتقدتُ أن الحصادة لعبة، قمتُ برش حفنة من القمح في داخلها، فسحبت ذراعي على الفور، أردت أن أرجع جسمي بيدي الأخرى فالتهمتها أيضًا؛ بقيتُ على إثرها عامًا كاملًا لا أخرج من البيت».

أما عن كيفية استعمال أصابع قدميها لتلبية احتياجاتها في البداية، ومن ثم استخدامها في الرسم فيما بعد، فأشارتْ إلى أن لوالدتها فضل في ذلك.

وأردفت «كانت تخرج أمي لتلبية احتياجاتنا، وأنا أظل في المنزل جائعة حتى ترجع، وعندما تعود أغضب غضبًا شديدًا، ولذلك قررت حينها تعليمي طريقة استخدام قدمي كي ألبي احتياجاتي البسيطة».

وأضافتْ: «كنت أغضب في البداية من هذه الطريقة، وأقول لوالدتي أنت لا تحبيني».

وتواصل «عائشة» سرد القصة، مشيرة إلى إصرار أمها وإجبارها على استخدمها أصابع قدميها، والمعاناة التي كابدتها في الصفين الأول والثاني من المرحلة الابتدائية.

وأكملت: «عندما وصلت الصف الثالث، كنت قد تعلمتُ كيفية تلبية كافة احتياجاتي بواسطة قدمي، لكن رغم ذلك كنت أشعر بالوحدة في قريتي؛ لعدم وجود أي معاقين غيري».

واستدركت «عائشة»: «لكن عندما انتقلنا وأنا في الصف الحادي عشر إلى إسطنبول، سنحت لي الفرصة للالتقاء بكثير من ذوي الاحتياجات الخاصة في المدينة، وعلمت من خلال رفقتي لهم أن لنا وجودًا ودورًا في هذه الحياة».

وحول تعلمها الرسم بأصابع قدميها تقول «عائشة»: «وأنا طالبة كنت أحب دروس الرسم كثيرًا، فضلاً عن شغفي بالطبيعة والتجوال، بلغتُ التسعة عشر عاماً من العمر، ولم يكن أحد يقبلني للعمل عنده، كان الأمر يؤلمني كثيرًا ويشعرني بأني عالة على المجتمع، لا فائدة مني، ومن هذه اللحظة قررت تطوير نفسي بنفسي».

وتضيف: «وبعدها بقيت طيلة عام كامل أتعلم الرسم بهذه الطريقة، ومن ثم نظّمت أول معرضٍ لي عام 2002».

وأعربت «عائشة» عن شغفها برسم لوحات تحاكي الطبيعة وخصوصًا الأزهار، إلى جانب رسم المجسمات، لافتة إلى أنها وصلت فيما بعد لمرحلة من التشبع بهذا الفن دفعها لإعطاء دروس فيه للآخرين.

والآن تشعر «عائشة» بـ«الفخر لأنها منتجة في المجتمع».

غير أن هناك ما يزعجها وهو« وجود مُعاقين آخرين غير منتجين، تخجل أسرهم من الخروج معهم، وهذا أمر غير صائب، فعلى العائلة أن تمهد الطريق أمام أبنائها من هذه الفئة لكي ينطلقوا في رحاب الحياة، ولا شك أن الدعم الكبير يأتي من الأب والأم».

وأشارت إلى أنها دُعيت لحضور الكثير من معارض الرسم، ونظمت 32 معرضًا، كما أنها تحرص على حضور كافة الفعاليات التي تخص ذوي الاحتياجات الخاصة «لتبعث فيهم الأمل».

وتذكر «عائشة» في حديثها أنها وجّهت دعوة للرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، حينما كان رئيسا للوزراء، من أجل حضور معرضها، قائلة: «بالفعل لقد لبى دعوتي وحضر المعرض، وقام بدعوتي إلى رئاسة الوزراء، وقبل ذهابي قمت برسمه ثم أهديتُه اللوحة».

وتمضي «عائشة» مؤكدة «لم يصدق الرئيس أني رسمتها، بأصابع قدمي، ثم قمت برسم لوحة أمامه، فغمرته الفرحة لرؤيته لي وأنا أرسم».

أما عن طموحها فختمتت «عائشة إيشيق» كلماتها  بالقول: «أريد الوصول إلى كافة ذوي الاحتياجات في العالم، وأن أصبح قدوة لهم في الإقبال على الحياة».

  كلمات مفتاحية

عائشة التركية الإعاقة أصابع القدمين