استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

المراهنة على «ترامب»

الاثنين 13 فبراير 2017 04:02 ص

منذ مجيء الخميني إلى إيران وانتصار «ثورته» في العام 1979، والعلاقة بين الولايات المتحدة وإيران ومعها دول أوروبا الغربية تشهد إقحاما وإحجاما وفق ما تمليه مستويات الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، والمصالح الاقتصادية الأمريكية، التي اعتاشت على التوتر الذي أحدثته «الثورة الإيرانية» في علاقاتها مع العرب. وقد انقسمت التحالفات إبان الحرب العراقية -الإيرانية التي نشبت بعد أشهر من عودة الخميني؛ فقد اصطفت دول إلى جانب إيران ودول أخرى إلى جانب العراق، ودول ثالثة كانت انتهازية بشكل مفضوح في دعمها للطرفين العراقي والإيراني. 

ولا يخفى على أحد، وهذا ما أكده أكثر من كتاب عربي وأجنبي، وقوف الغرب والولايات المتحدة الأمريكية ودول عربية إلى جانب العراق، وتقول التقديرات الاستراتيجية إنه لولا ذلك الدعم الغربي والعربي لما استطاع العراق أن يصمد أمام (من عصبوا رؤوسهم واشتروا الشهادة بأن لهم الجنة)، الذين كانوا يزحفون بعشرات الآلاف.

وحين خرج صدام حسين (منتصرا)، أخذته العزة واستدار إلى الكويت ليثبت نفسه قوة عظمى في المنطقة، بالعا الطعم الذي نصبته له الولايات المتحدة وحلفاؤها الذين ساندوه في حربه مع إيران، فاحتل الكويت، وكانت تلك الخطوة (الغبية جدا) هي التي أدت إلى سقوط نظامه بعد عشرين عاما.

لقد كانت إيران تعرف الدعم الذي تلقاه صدام من الغرب ومن أمريكا، فرفعت شعار (الموت لأمريكا)، وعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثين عاما على هذا الشعار، وعلى الرغم من التوصل إلى اتفاق نووي بين أمريكا وإيران، إلا أن الأخيرة لا تزال ترفع الشعار ذاته، فقد انطلقت صباح الجمعة الماضي في طهران ومختلف المدن الإيرانية مسيرات مليونية بمناسبة الذكري السنوية الثامنة والثلاثين «للثورة الإسلامية في إيران» رافعة شعارها الرئيسي «الموت لأمريكا».

يعتقد البعض أن العلاقة الأمريكية ستأخذ منحى جديدا مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ويعتقد كثيرون (متفائلين) أن الساكن الجديد في البيت الأبيض لن يتوانى عن ضرب المفاعلات النووية الإيرانية، الفعل الذي لم يرتكبه سلفه باراك أوباما الذي توصل إلى اتفاق مع إيران، خلافا لكل التوقعات، ذاك الاتفاق هو الذي جعل الحرب في اليمن تزداد عنفا وتأخذ منحى آخر، ويعتقد حلفاء أمريكا العرب أن أوباما لم يكن الحليف الاستراتيجي، و(خانهم)، ولهذا تصرفوا بمنأى عنه وعن سياساته.

لكن أوباما كان الأكثر دهاء من سلفه بوش الابن الذي احتل العراق، وأدخله في أتون الفوضى، إذ أدخل الفوضى إلى سوريا وليبيا ومصر والسودان واليمن وتونس وزادها في العراق. نقول هذا الكلام آخذين في الاعتبار أن السياسة الأمريكية لا يتحكم بها الأفراد، وإنما المؤسسات، وربما نظام خفي من الصعب تحديده، لكن مراقبة ما يحدث منذ اغتصاب فلسطين بمساعدة غربية حتى الآن، والسياسة الأمريكية تعمل على استدامة الصراع والفوضى في المنطقة العربية.

وتبقى إيران التي تحتاج إلى زرع الفوضى فيها حتى تكتمل الحلقة، وتزدهر تجارة السلاح، لكن هذا الأمر يحتاج إلى حسابات دقيقة جدا، فإيران محاطة بدول إسلامية تربطها علاقات عدائية مع أمريكا مثل أفغانستان وباكستان ولها حدود طويلة معهما، ناهيك عن جارتها الشمالية العراق، إضافة إلى إطلالة إيران على مياه الخليج العربي بمساحة طولها 1660 كيلومترا تقريبا، وتتحكم بمضيق هرمز الاستراتيجي، ناهيك عن جبهتها البحرية على بحر قزوين وطولها حوالي 880 كيلومترا، واضعين في الاعتبار أيضا علاقاتها الجيدة مع روسيا والصين. 

يستطيع دونالد ترامب تصنيف إيران كما يشاء بأنها (دولة إرهابية رقم 1)، ويستطيع المتحدث باسم البيت الأبيض «شون سبايسر» الإعلان أن ترامب على استعداد للتحرك ضد إيران (وعلى طهران ألا تنخدع في هذا الصدد)، وأن ترامب لا يستبعد أي احتمال، وهو التصريح ذاته الذي دأبت إدارة باراك أوباما على ترديده مرارا.

ولا بد هنا من التذكير بأن كواليس الإدارة الجديدة للبيت الأبيض تستبعد إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، ولكنها ستسعى إلى إعادة التفكير ببعض شروطها والتشدد فيها. وقد رد الرئيس الإيراني حسن روحاني مطالبا الولايات المتحدة ب(مخاطبة الشعب الإيراني باحترام..).

لقد استبقت «إسرائيل» ترامب في تحميله للنوايا الحربية، وسربت تقريرا في 14 نوفمبر الماضي، يحمل تمنيات «إسرائيلية»، بأن (أول عمل عسكري سيقوم به الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، هو الهجوم على إيران وقصف مفاعلاتها النووية وقواعد صواريخها البالستية المثيرة للجدل)، وأورد موقع «ديبكا» الأمني «الإسرائيلي»، في تقريره أن تكون أحد أهداف ترامب هو قصف مفاعل «أراك» الذي يعمل بالماء الثقيل، فيما يكون الهدف الثاني القواعد العسكرية للصواريخ الباليستية الإيرانية..)، وكأن الكيان الصهيوني يضع خطة مسبقة لترامب. 

أعتقد أن على المراهنين على مغامرات ترامب تجاه إيران أن يقللوا من تفاؤلهم، وأن يتصرفوا وفق ما تمليه مصالحهم السيادية والاقتصادية والأمنية، وخططهم التنموية، فمن المستبعد اشتعال حرب بين أمريكا وإيران، لأن هذه الأخيرة تستنزف قدراتها في العراق وسوريا واليمن، وهذا مطلب أمريكي بامتياز.

* د. عبدالله السويجي - كاتب سياسي من الإمارات

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة إسرائيل إيران إدارة ترامب اتفاق النووي الإيراني