واشنطن تنتقد مشروع قانون «اليهودية»

الأربعاء 26 نوفمبر 2014 09:11 ص

كما أن افتتاحية صحيفة «نيويورك تايمز»، التي خصصت لهذه المسألة، انتقدت بشدة حكومة بنيامين نتنياهو، ودعتها إلى سحب هذا القانون لأنه «عنصري» و»مدمر للمجتمع الإسرائيلي» ويشبه قوانين العبودية التي كانت منتهجة في أميركا. وردّ نتنياهو على هذه الانتقادات مؤكدا أن إسرائيل «نموذجية في ديموقراطيتها. هكذا كانت وستبقى».

وعلّق نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جيف ريبكا، على إقرار «قانون القومية» في الحكومة الإسرائيلية، بالقول «نحن ننتظر من إسرائيل مواصلة الوفاء بالتزاماتها تجاه المبادئ الديموقراطية». واعتبر أن واشنطن ترى في إسرائيل «دولة يهودية وديموقراطية، ينبغي أن يتمتع فيها كل مواطنيها بالمساواة في الحقوق».

ومنذ إقرار القانون في الحكومة الأحد الماضي أشارت أوساط ديبلوماسية إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لن يمرا مرور الكرام على هذا القانون الذي يكرّس العنصرية في إسرائيل ويعتبر الدولة حقاً حصرياً فقط لليهود و»الوطن وطنا قوميا لليهود فقط». ومن المنطقي الافتراض أن الانتقاد الأميركي لإسرائيل بهذا الشأن سيشجع دولاً أخرى على رفع وتيرة الانتقاد لهذه الخطوة.

وأشارت افتتاحية «نيويورك تايمز» إلى أن القانون، الذي تسعى الحكومة الإسرائيلية لإقراره في الكنيست، «هو قانون عنصري ومدمّر للمجتمع الإسرائيلي، وقد ينطوي على أبعاد مشابهة لقوانين العبودية التي كانت سارية في الولايات المتحدة».

وجاء في افتتاحية، بعنوان «إسرائيل تقلّص ديموقراطيتها»، أنه «منذ إنشائها، استند وجود إسرائيل ـ الذي احتضنته الولايات المتحدة وأمم العالم - على مبدأ الديموقراطية لكل سكانها». وأضافت «فيما يزعم نتنياهو أن القانون ضروري بسبب المخاطر الموجّهة ضد وجود إسرائيل، فإنه يصعب تخيّل كيف أن القانون، بذاته، يمكنه المساعدة في وقفها». بل إن المقالة قالت إن «المعركة السياسية» الجارية من أجل إقرار القانون، «قد تسقط الحكومة».

وأوضحت الصحيفة الاميركية أن «وثيقة استقلال إسرائيل في العام 1948 وعدت بأن تلتزم إسرائيل بالمساواة التامة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لكل مواطنيها، بغضّ النظر عن الدين والعرق والجنس»، و»لذلك، من المحزن أن تقرّ الحكومة الإسرائيلية قانوناً مثيراً للجدل، يعرّفها رسميا بأنها وطن ودولة اليهود، ويحافظ على الحقوق القومية لهم فقط».

واعتبرت الافتتاحية أن «المصادرة المنهجية لحقوق الأقليات تلحق ضرراً فادحاً»، وأن المخاوف من القانون ليست نظرية «ففي أفضل الأحوال لن يكون للقانون مغزى عملي، وفي أسوأ الأحوال سيثير غضب الأقلية العربية (فلسطينيي 48) الغاضبة أصلاً، ويضعف مكانة إسرائيل بين الأمم الديموقراطية في العالم». وربطت بين هذا القانون وقوانين العبودية التي سادت في جنوب الولايات المتحدة والتي ألحقت ضرراً كبيراً بأميركا.

ولم يتأخر الردّ الإسرائيلي على الانتقادات الأميركية. فقد أعلن نتنياهو أن «الاعتراف بالدولة اليهودية هو أساس أي اتفاق سلام». وتساءل «لماذا يرفضون كون إسرائيل دولة يهودية ونحن ندافع عن هذا الحق، إلى جانب ضمان حقوق كل مواطنيها. سنواصل فعل ذلك من أجل التوضيح أننا دولة يهودية وديموقراطية. إسرائيل هي دولة ديموقراطية مثالية.

هكذا كانت وسوف تبقى. وإسرائيل هي الديموقراطية الأشد حيوية التي أعلم عنها، وهذه الديموقراطية مضمونة. هناك من يعلنون التحدي لكون إسرائيل دولة الشعب اليهودي ولذلك فإننا نرسّخ ذلك في قانون، إلى جانب الحفاظ على الحقوق الفردية والمدنية لكل إنسان». وأوضح أن إسرائيل تتعامل مع أخطار مشتركة على رأسها الإسلام المتطرف، مشدداً أن الخطر الأكبر ليس تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»-»داعش» وإنما التطرف الشيعي.

ولكن الردّ الأقوى جاء من رئيس الائتلاف الحكومي زئيف ألكين الذي حمل بشدة على أميركا، طالباً منها أن تزيح القلق عن نفسها «فنحن قادرون على حماية أسس الديموقراطية أيضا من دون عون شريك ما وراء المحيط».

وقال ألكين «إنني أشكر حلفاءنا في وزارة الخارجية الأميركية، الذين وجدوا هذه الأيام تحديدا وقتا للراحة من جهود منع المشروع النووي الإيراني، والمواجهة مع الإسلام المتطرف، وتكريس انتباههم للمشكلة الأشد سخونة في الشرق الأوسط وفي العالم بأسره: تعليم الجمهور الإسرائيلي بعض الديموقراطية.

كنت سأفرح لو أنهم شجعونا على أن نتبنى في دولتنا الصغيرة الواقع الأميركي: ففي كل مدرسة يقسمون يمين الولاء كل صباح لعلم الدولة، وفي مدارس كثيرة ينشدون النشيد الوطني مرة في الأسبوع على الأقل. وعندما يتم تبني هذا النموذج الأميركي في الشرق الأوسط، في الطيبة ووادي عارة، سيكون لنا بالفعل أساس فعلي لبحث مشترك حول ضرورة قانون القومية».

ودانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الفلسطينية تصويت الحكومة الإسرائيلية لصالح مشروع «قانون القومية» الذي يهدف إلى تعزيز الطابع اليهودي لاسرائيل.

وذكرت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، في بيان، أن «هذا القانون يهدف إلى القضاء على حل الدولتين، عن طريق فرض مشروع إسرائيل الكبرى ويهودية الدولة على ارض فلسطين التاريخية». وأضافت «في حال سريان هذا القانون، فإن ذلك سيلغي حق عودة اللاجئين إلى ديارهم التي شُرِّدوا منها قسراً في العام 1948، كما يعفي الاحتلال الإسرائيلي من مسؤولياته عن المآسي الإنسانية والنكبات المتلاحقة والجريمة التاريخية التي اقترفها بحق اللاجئين الفلسطينيين وتشريدهم منذ العام 1948 حتى يومنا هذا».

وأعلنت الحكومة، في بيان، أن إقرار هذا القانون «إعلان صريح عن تبني الحكومة الإسرائيلية لنظام الفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني، وسيكون مقدمة لسن العديد من القوانين العنصرية، لا سيما في ظل استشراء التطرف والعنصرية في إسرائيل». 

المصدر | حلمي موسى، السفير

  كلمات مفتاحية

العراق فلسطين بنيامين نتنياهو داعش الدين وزارة الخارجية الأميركية يهودية الدولة

مستجدات الهجرة اليهودية المعاكسة