هل يستطيع المبدعون العرب الاعتراض على ترجمة (إسرائيل) لأعمالهم؟

الاثنين 20 فبراير 2017 11:02 ص

انتشرت فى الآونة الأخيرة، على صفحات الإنترنت برامج تقول للقارىء: «إن كنت تحتاج إلى مترجم العربية إلى العبرية عبر الإنترنت، فقد وجدت أفضل مترجم من العربية إلى العبرية متوفر فى السوق»، ثم يذكر الموقع اسم برنامج.

 ربما مجموعة جمل مثل هذه لو حدثت منذ سنوات كانت كفيلة بجعل الدنيا تقوم ولا تقعد مرة أخرى، لكننا ونحن نعيش زمن «انفتاح الميديا» لم نعد قادرين على التحكم فى هذا الأمر، لذا ننتاول في هذا التقرير تاريخ الترجمة العبرية بخاصة للأدب العربى، بحسب «اليوم السابع».

فى عام 1962 أسست (إسرائيل) معهد ترجمة الأدب العبرى الذى قدم الدعم المالى لدور نشر تترجم الأعمال الأدبية بصورة مستقلة، وذلك بهدف نشر الثقافة (الإسرائيلية) فى كثير من الثقافات الأخرى، وفى المقابل قامت تل أبيب بترجمة العديد من الروايات العربية للغة العبرية.

الأمر الأخير  عادة ما يثير الكثير من الضجة، لكن تعود الأمور هادئة مرة أخرى، بخاصة بعد أن يؤكد المبدع، الذي تمت ترجمة أعماله، ألّا علاقة له بهذه الترجمة، لكن السؤال  الذى يفرض نفسه: بعد انتشار ترجمة الروايات المصرية للعبرية.. هل تحتاج فكرة التطبيع خاصة «الثقافى» إلى مراجعة؟

الأحداث الأخيرة

تبيّن من خلال فحص أُجري فى هذه الفترة أنه خلال العامين 2012-2013 هنالك نتاج جيد نسبيًا، إذ تمت ترجمة عشرة كتب من اللغة العربية تقريبًا.

وبرز من بين هذه الترجمات كتاب تراثي واحد، وهو «قصص الأنبياء» الذى قامت بترجمته «أبيبه شوسمان، وكذلك كتاب «كارلا برونى عشيقتى السرية»، وهو عبارة عن مجموعة قصص قصيرة من تأليف  الأديب «علاء حليحل»، من ترجمة «بروريا هوربيتس»، والذى يحمل فيه بشدّة على (الإسرائيليّين) من اليهود والعرب على حدٍّ سواء.

 بالإضافة إلى مجموعة قصص شعبية من شمال (إسرائيل) «حكاية قرية: حكايات القرى الواقعة على سفوح الجليل ومن أرجاء الوديان»، وهو، الجزء الأخير فى مشروع الراحل «يورام ميرون، الذى أزمع وأعدّ نفسه لتجميع وترجمة حكايات شعبية عربية من جميع أنحاء  البلاد، ولم يفلح فى إتمام مهمته؛ وكذلك الحضور غير الكبير لعدد من المختارات الأدبية المكتوبة بالعبرية بالأصل أو المنقولة من العربية.

آخر هذه الترجمات كانت لرواية «عمارة يعقوبيان» للكاتب المصري «علاء الأسوانى»، والتى أثارت الكثير من الجدل فى الشارع الثقافى، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعى، وسارع مكتب المؤلف بتصريح بأنه لم يتعاقد مع أى دار نشر (إسرائيلية) لترجمة الرواية، وأعلن القائمون على الترجمة أنهم حصلوا على إذن الترجمة من الدار الأمريكية المتعاقد معها «الأسوانى».

لكن علينا أن نلاحظ أن تاريخ الترجمة للعبرية طويل قبل «عمارة يعقوبيان»، وسوف نتوقف عند أبرز ما فيه:

كذلك فإن رواية «عزازيل» للمصري «يوسف زيدان» تُرجمت فى (إسرائيل) عام 2009.

«محفوظ» و«صالح» و«درويش»

«نجيب محفوظ»  تُرجم له إلى العبرية «زقاق المدق» بواسطة «إسحاق شريبر»، و«عام عوفيد» وصدرت فى 1969، أما «اللص والكلاب» فترجمها «مناحيم كابليوك» و«سفريات بوعاليم» وصدرت فى 1970، وكذلك «حب تحت المطر» التي ترجمها «يوأب جفتى»، وصدرت فى عام1976، و«الشحاذ» التي ترجمها «جحيتا برنر» وصدرت فى 1978، و«بين القصرين» التي ترجمها «سامى ميخائيل»، و«سفريات بوعاليم» 1981، و«ثرثرة على النيل» التي ترجمها «مايكل سيلع»، وصدرت فى 1982، و«ميرامار» التي ترجمها «إسحاق شنيوم»، وصدرت فى 1983، و«قصر الشوق» التي ترجمها «سامى ميخائيل» و«سفريات بوعاليم» وصدرت عام 1984، و«السكرية» ترجمة «سامى ميخائيل» و«سفريات بوعاليم» وصدرت سنة 1987، وهى السنة السابقة على حصول «نجيب محفوظ» على جائزة «نوبل»، إذ حصل عليها فى 12 اكتوبر/تشرين أول عام 1988 ، كما قام «دافيد سجيف» بترجمة رواية «أولاد حارتنا».

وهناك بعض الروايات العربية أيضا تمت ترجمتها إلى العبرية ومنها رواية «موسم الهجرة إلى الشمال» للسودانى «الطيب صالح»، و«الأرواح المتمردة» للبنانى «جبران خليل جبران»، و«حكاية زهرة» للبنانية «حنان الشيخ»، و«باب الشمس» للقاص اللبنانى «إلياس خورى»، و«نمر من ورق» للكاتب السورى «زكريا تامر»، كما قامت دار النّشر «توبى بريس» بنشر التّرجمة العبريّة لرواية «بنات الرّياض» للكاتبة السّعوديّة «رجاء الصّانع»، من ترجمة «جاى هرلينج»، وديوان «جغرافية بديلة» للمصرية «إيمان مرسال» إلى العبرية عن دار النشر (الإسرائيلية) «الكيبوتس الموحد».

ولم تقتصر الترجمة على الأدب العربى المعاصر، بل تعدتها إلى الكتب القديمة، على غرار أعمال «الفارابى»، و«أبوالعلاء المعرى»، و«القزوينى»، وغيرهم.

كما اهتمت الجامعات العبرية بترجمة الأدب الفلسطينى إلى اللغة العبرية ومنها قصائد «محمود درويش»، وأعمال «إيمل حبيبى»، و«غسان كنفانى» لدراسة المجتمع الذى يعيشون معه.

وفى عام 2016 فى الدورة الماضية من معرض القاهرة الدولى للكتاب، أثيرت ضجة أكبر بسبب ترجمة كتاب (إسرائيلى) فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، قابلتها حفاوة (إسرائيلية)، الكتاب هو «ألف ليلة دوت كوم» ترجمة «عمرو زكريا»، الذى تعرض لانتقادات شديدة.

آراء متباينة

من جانبه قال الدكتور «أنور مغيث»، رئيس المركز القومى للترجمة، إنه يجب أن نميز بين اللغة والدولة، لإنه على المستوى الفعلى هناك فارق بين الجانبين، لذا فإن اختلافنا مع الدول لا يعنى أن نختلف مع لغتها، طالما كنا بعيدين عن المؤسسات.

وأضاف «مغيث»، أنه فيما يتعلق باللغة العبرية سواء أكانت الترجمة منها أو إليها، فمن حقنا ترجمة النصوص الجيدة والمفيدة ما دمنا لن نتعامل مع المؤسسات (الإسرائيلية)، ولو أصبح لزاما علينا التعامل مع المؤسسات هنا نتوقف ولا داعى للترجمة.

أما الكاتب «عمار على حسن»، فقال إنه من الصعب السيطرة على الترجمة المتبادلة بين العربية والعبرية سواء فى الأعمال الأدبية أو غيرها، مشيرًا إلى حرص (الإسرائيليين) على ترجمة الأدب العربى لتعميق معرفتهم بالحالة التى وصلت إليها المجتمعات العربية.

وتساءل «حسن»: ماذا بوسع أى أديب أن يفعل حين يجد رواية له أو ديوان شعر أو مجموعة قصصية أو مسرحية مترجمة إلى العبرية من وراء ظهره؟ موضحا أنه فى هذه الحالة يجد من يتهمونه بالتطبيع مع (إسرائيل) مع أنه لا يد له فيما جرى، فهو لم يتفق مع دار نشر هناك ولا مترجم.

وتابع «حسن» إذا فكر هذا الأديب فى رفع دعوى فى تل أبيب ضد دار النشر (الإسرائيلية) التى ترجمت عمله ونشرته سيرحب (الإسرائيليون) بمثل هذا التواصل المباشر، لأنهم يريدونه، وبالتالى ليس أمامه سوى أن يصمت، منتظرا سهام بعض المتسرعين الذين يتهمونه بالتطبيع دون تدقيق.

ولفت «حسن» إلى ترجمة بعض أعمال كُتّاب (إسرائيليين) على رأسهم «عاموس» عوز إلى العربية، وإلى وجود كتاب (إسرائيليين)، لاسيما من التيار اليسارى، يرفضون بعض سياسات الإدارات المتعاقبة فى (إسرائيل) ويبدون تعاطفًا أحيانا مع مواقف فلسطينية وقال على الجانب الآخر وجدنا فى العامين الأخيرين ست روايات لشباب مصريين تحمل حالة من الحنين إلى العهد الذى كان اليهود يعيشون فى مصر قبل 1952 ورواية واحدة تدينهم.

وتابع «حسن» مايزال (الإسرائيليون) الذين عاشوا فى مصر مرتبطين بالثقافة المصرية، والذين عاشوا فى العراق مرتبطين بالثقافة العراقية، وهكذا، سواء فى الأغانى أو الأمثال والحكم وطقوس الأفراح والأتراح أو غيرها.

وفيما يخص التطبيع قال «حسن» أغلبية المثقفين المصريين يرفضون أى تواصل ثقافى مع (إسرائيل) ويستهجنون كل من يقدم على هذه الخطوة، وهناك أصوات ترى العكس، وتستند أحيانا فى موقفها هذا على تجربة تاريخية أدى فيها التواصل والتفاعل إلى ذوبان الإمارات الأربع التى أنشأها الغرب فى بلاد الشام وفلسطين إبان الحروب الصلبيبة، لكن هذه الأصوات خافتة ومعزولة، وهناك من يتواصلون تحت لافتات السلام والنزوع الإنسانى ورفض الحروب أو من بباب العمل فى ركاب الدولة التى أبرمت اتفاق سلام مع (إسرائيل) وتحرص على استمراره.

المصدر | اليوم السابع

  كلمات مفتاحية

مبدعون عرب ترجمة إسرائيل أعمال