قوانين «السيسي».. ترسانة من أدوات القمع وحماية «على بابا والأربعين حرامي»

الثلاثاء 21 فبراير 2017 07:02 ص

أكثر من 500 قرار وقانون، أصدرها الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» منذ توليه رئاسة الجمهورية في يونيو/حزيران 2014، يعد القاسم المشترك فيما بينها ما توفره من أدوات قمع للمعارضين من جانب، وحماية المفسدين من أتباع «على بابا والأربعين حرامي».

و«علي بابا، والأربعون لصا» إحدى أشهر القصص والشخصيات ذات الملامح الشرقية، وهي إحدى القصص الخيالية المعروفة التي ألهمت الكتاب والفنانين في أنحاء العالم، وتم تحويلها إلى فيلم سينمائي في مصر عام 1942، قام ببطولته الفنان الكوميدي الراحل «علي الكسار».

ويؤمن وجود الرئيس المصري السابق «عدلي منصور» على رأس المحكمة الدستورية العليا في البلاد، قوانين «السيسي» من أحكام البطلان وعدم الدستورية، فضلا عن تمريرها بأغلبية كاسحة داخل مجلس النواب المصري، الذي يسيطر عليه تركيبة أغلبها من ضباط ولواءات تابعين للشرطة والجيش.

وطالت ترسانة القوانين التي أقرها النظام المصري منذ الانقلاب العسكري على «محمد مرسي» أول رئيس مدني منتخب في البلاد، في 3 يوليو/تموز 2013، قطاعات واسعة من المصريين، واستهدفت بالأخص الشباب والعمال، الذين كانوا وقود ثورة 25 يناير/كانون ثان 2011 .

منع التظاهر

يعد من أخطر القوانين التي استهدفت لجم الشباب، وصدر بعد مرور 3 أشهر على ارتكاب مجزرتي «رابعة والنهضة»، في عهد الرئيس المصري السابق «عدلي منصور» الذي أصدر قرارا بقانون رقم 107 في نوفمبر/تشرين ثان 2013 والخاص بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية والمعروف بقانون تنظيم التظاهر.

وينص القانون على ضرورة إخطار وزارة «الداخلية» المصرية كتابة بأي اجتماع عام أو مظاهرة بمشاركة أكثر من عشرة أشخاص قبل الموعد بثلاثة أيام عمل على الأقل.

ويتضمن القانون عقوبات بالسجن تصل إلى خمس سنوات لمن يخالف أحكامه التي تتضمن العديد من القيود على التظاهر والاحتجاج. ويمنح قوات الأمن الحق في تفريق المظاهرات غير المرخصة باستخدام مدافع المياه والغاز المسيل للدموع وطلقات الخرطوش.

وينص القانون على أنه «يعاقب بالحبس والغرامة من 50 ألفا إلى 100 ألف جنيه كل من ارتكب المحظورات، التي نص عليها القانون، كما يعاقب بالغرامة من ألف إلى 5 آلاف جنيه من قام بتنظيم مظاهرة أو موكب دون الإخطار عنها».

ويمنع القانون الاقتراب 50 أو 100 متر من مقار الرئاسة والبرلمان والحكومة والشرطة، مع إعطاء الحق للداخلية بإلغاء التظاهرة، والحبس وغرامة 300 ألف جنيه لمخالفي قواعد الإخطار والمنتفعين ماليا من تنظيم التظاهرات.

ومنذ صدور القانون، زج بالآلاف من المواطنين المصريين في السجون، ودفع بالعديد من الأحزاب والمجموعات والحركات السياسية والشبابية، والمنظمات الحقوقية الدولية إلى إعلان رفضها والمطالبة بإلغائه.

قانون «جنينة»

مفارقتان تضمنتهما قوانين «السيسي»، الأولى ولوأد الغضب الجامعي تجاه حكمه، عدل قانون الجامعات ليصبح تولي المناصب الجامعية بـ«التعيين» من قبل رئيس الجمهورية بعدما كان بالانتخاب، وقانون تنظيم العمل بجامعة الأزهر، ليسمح بفصل المتورط في أعمال تضر بالعملية التعليمية وما سمي النيل من هيبة الجامعة، وجراء ذلك فٌصل 44 أستاذا وأوقف 137 آخرين عن العمل وفصل مئات الطلاب.

وفي مقابل قانون التعيين، مرر «السيسي» قانون العزل، لكن هذه المرة للإطاحة برئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة، وهو ما عرف في الإعلام المصري بـ«قانون جنينة».

القانون الذي أصدره «السيسي» في يوليو/تموز الماضي، يجيز له إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، إذا قامت بشأنه دلائل جدية على ما يمس أمن الدولة وسلامتها، وإذا فقد الثقة والاعتبار، وإذا أخل بواجبات وظيفته، بما من شأنه الإضرار بالمصالح العليا للبلاد، أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، وإذا فقد أحد الشروط الصحية للمنصب الذي يشغله لأسباب صحية.

وبموجبه القانون، وفي أول تطبيق له، عُزل مؤخرا «جنينة» من منصبه، بسبب تصريحه بأن الفساد بمؤسسات الدولة بلغت قيمته 600 مليار جنيه (67.6 مليار دولار)، وأحيل للمحاكمة التي قضت بحبسه عاما مع إيقاف التنفيذ ودفع غرامة مالية قدرها 20 ألف جنيه.

مغارة الفساد

وأقر «السيسي» قوانين اعتبر معارضون له أنها تفتح أبواب الفساد بالدولة. فبموجب تعديل قانون تنظيم الطعون على عقود الدولة، منع المواطنين من الطعن في أي عقود تبرمها الدولة كعقود بيع القطاع العام لرجال الأعمال، ليصبح حق الطعن في يد أطراف التعاقد فقط.

وأجرى تعديلا على قانون العقوبات بخصوص الاعتداء على المال العام، وبموجبه قلل صفة المال العام، وخفف عقوبة جرائم التربح واختلاس المال العام، بحسب «الجزيرة نت».

ودون الإعلان عن أوجه صرف أمواله ووسائل مراقبته، أصدر الرئيس المصري قرارا بإنشاء صندق «تحيا مصر» لجمع تبرعات بهدف ما سماه إعادة بناء الدولة، وتداولت وسائل الإعلام أن أحد مقارّ التبرع تم تجهيزه بمبلغ خمسة ملايين جنيه (563 ألف دولار).

ودون إبداء أسباب أصدر «السيسي» قرارا يسمح لوزارتي الدفاع والداخلية بإنشاء شركات خاصة لحراسة المنشآت ونقل الأموال.

كما أصدر قرارا يستثني وزارتي الدفاع والداخلية وجهازي الاستخبارات من إلزام أجهزة الدولة بتفضيل المنتجات المحلية فى إبرام العقود الحكومية، كما عدل قانون الشرطة ليختص القضاء العسكري دون غيره، بالفصل في الجرائم التي تقع من المجندين الملحقين بخدمة الشرطة.

وفي مقابل فرض حزمة ضرائب على دخول المصريين، قانون «الضريبة المضافة» نموذجا، تم إقرار زيادة معاشات العسكريين ثلاث مرات خلال حكمه.

الخدمة المدنية

في أكتوبر/تشرين أول الماضي، أقر البرلمان المصري، قانونا معني بتنظيم عمل الموظفين بالجهاز الإداري للدولة، والذين يبلغ عددهم نحو 6.5 مليون موظف، رغم الانتقادات الموجهة له من قطاع كبير من العاملين.

وتضمن قانون «الخدمة المدنية» آليات جديدة للترقية الوظيفية في السلم الإداري للدولة، وللتقييم الوظيفي الذي قد ينتهي بصاحبه إلى الفصل أو تخفيض دخله إلى 50%، تبعا لتقارير الكفاءة الدورية التي يصدرها المدراء.

وأثار القانون جدلا واسعا في الشارع المصري، وذلك بالتوازي مع مظاهرات نظمتها قوى عمالية احتجاجا عليه.

ويقول المعترضون على القانون إن مواد «الخدمة المدنية» تستثني عددا كبيرا من موظفي الدولة، وأنه يطبق فقط على شريحة الدخل المحدود، وأن التغييرات لا توفر الحماية الوظيفية الكافية للعاملين في الدولة، ولا تضمن لهم زيادة سنوية تلائم تضخم الأسعار. أما مؤيدوه فقالوا إنه سيضبط حالة الفساد المستشري، وسيقلل حجم الوظائف الوهمية.

«قانون الإرهاب»

ومن أخطر القوانين التي مررها «السيسي» في أغسطس/آب 2015، «قانون مكافحة الإرهاب»، الذي «يؤسس لدولة الفرد ودولة الخوف»، وفق معارضين.

وتعرض القانون لانتقادات من قبل حقوقيين وسياسيين قالوا إنه يكرس لحالة طوارئ دائمة، ويحد من الحريات، ويفتح الباب لمزيد من القبضة الأمنية، وينتهك حقوق المواطنين التي ضمِنها الدستور، ويؤسس لدولة الفرد ودولة الخوف، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

كما رأى منتقدو القانون أن مواده ونصوصه فضفاضة، ويمكن استخدامها ضد أي شخص يعارض السلطة، وتهدف إلى القضاء على أي معارضة لـ«السيسي».

وعارض مشروع القانون: «نقابة الصحفيين»، و«مجلس القضاء الأعلى»، و«المجلس القومي لحقوق الإنسان»، وعدد من المنظمات الحقوقية.

وينص القانون ضمن مواده على إنشاء محاكم متخصصة للنظر في جرائم ما يوصف بالإرهاب بدلا من الدوائر المعمول بها حاليا، كما ينص على عقوبة الإعدام لمن يتزعم «جماعة إرهابية» أو يمول «أعمالا إرهابية»، ويجرم القانون نشر أي رواية تتناقض مع الرواية الرسمية بشأن هجمات الجماعات المسلحة.

وبموجب المادة 35 من القانون يُعاقب الصحفيون وغيرهم بغرامة تتراوح من 200 ألف إلى 500 ألف جنيه مصري إذا قاموا بنشر «أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أعمال إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع».

وتنص المادة 29 من القانون على عقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمس سنوات لكل من أنشأ أو استخدم موقعا الكترونيا «بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية». وينتقد معارضون هذه المادة ويقولون إنها فضفاضة، وقد تستخدم ضد أي شخص ينتقد الحكومة في الفضاء الالكتروني.

قانون الجمعيات الأهلية

في 29 نوفمبر/تشرين ثان الماضي، وافق مجلس النواب المصري، بشكل نهائي على قانون الجمعيات الأهلية.

وقال رئيس المجلس «علي عبد العال»، إن «حجم الأموال التي تعمل بها الجمعيات الأهلية في مصر يبلغ 60 مليار جنيه».

وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، قالت إن «صيغة جديدة وضعها البرلمان المصري لقانون الجمعيات الأهلية تحظر بشكل كبير الجماعات غير الحكومية في مصر، عن طريق إخضاع عملها وتمويلها للمراقبة من قبل السلطات بما في ذلك الأجهزة الأمنية».

ووفقا للقانون الجديد يجب على الجمعيات الأهلية الحصول على موافقة مسبقة على أي تبرعات تتجاوز عشرة آلاف جنيه. وإذا لم تمنح الموافقة خلال 60 يوما يعتبر الطلب مرفوضا تلقائيا. وإذا لم يتم إخطار السلطات قد يعاقب المسؤولون عن ذلك بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات وبغرامة تصل إلى مليون جنيه.

ويمنح القانون الحكومة المصرية سلطة تقرير من يحق له تأسيس جمعية أهلية وأهدافها. ويلزم الجمعيات بالعمل وفقا «لخطط الدولة للتنمية» وهو ما يضع قيودا شديدة على العمل الذي قد تقوم به في مجالات لا تعتبرها الحكومة ذات أولوية.

ويمكن أن يحبس رؤساء الجمعيات والمنظمات الذين ينقلون مقر كياناتهم بدون إبلاغ السلطات لمدة سنة، وفق القانون.

ويرى نشطاء المجتمع المدني أن الجمعيات والمنظمات الأهلية تتعرض لهجمة حكومية بهدف تقييد الحريات من خلال تمرير هذا القانون المقيّد لتنظيم عملها، بحسب قولهم.

لائحة السجون

مع بدايات عام 2017، فاجأ النظام المصري، معارضيه، بـ 4 تعديلات على مواد اللائحة الداخلية للسجون في مصر، أقرها وزير الداخلية المصري اللواء «مجدي عبد الغفار»، تحمل المزيد من إجراءات التعسف والقمع ضد المحبوسين، وصولا إلى تقنين انتهاكات وجرائم ترتكب بحقهم.  

وشملت تعديلات القرار رقم 344 لسنة 2017، مادة الحبس الانفرادي، التي نصت على «يكون من حق السجن توقيع عقوبة الوضع بغرفة خاصة شديدة الحراسة علي المسجون تتوافر فيها الشروط الصحية لمدة لا تزيد على ستة أشهر» بعدما كانت 15 يوما فقط.

وطبقا للتعديل الجديد لم يعد وجود هذه الغرفة قاصرًا على الليمانات التي يودع فيها المحكومين بأحكام مشددة، وهو ما يعني السماح بالحبس الانفرادي في كل السجون لمدة 6 أشهر، بدلًا من 15 يومًا فقط في السجون شديدة الحراسة كما كان الوضع سابقًا، بحسب صحيفة «المصريون».

وسمح التعديل الجديد الذي أجراه وزير الداخلية المصري لأعضاء «المجلس القومي لحقوق الإنسان»(حكومي) بزيارة السجون وتفقد مرافقها وتلقي شكاوى المسجونين طبقا لأحكام المادة 73 من قانون تنظيم السجون، ولكن بشروط، منها الحصول على إذن مسبق من النائب العام، محددا به السجن المصرح بزيارته، وأسماء الزائرين من الأعضاء، بالإضافة إلى تقديم التسهيلات اللازمة لتنفيذ تلك الزيارات، وذلك في المواعيد التي تحددها إدارة السجن وخلال فترات العمل الرسمية، وهو الأمر الذي يلغي تماما ما كان يعرف مسبقا بـ«الزيارات المفاجئة» و«الجولات التفتيشية».

وشملت التعديلات المثيرة للجدل، إعطاء الحق لإدارة السجن بمنع الزيارة عن المسجونين مطلقا، وذلك مع مراعاة الأحكام الواردة بالمادة 42 من قانون تنظيم السجون، التي تجيز منع الزيارة مطلقا أو مقيدا، بالنسبة إلى الظروف في أوقات معينة لأسباب صحية أو متعلقة بالأمن.

ومن أخطر تعديلات «عبدالغفار»، منح رجال الأمن الحق في استخدام القوة ضد المسجونين طبقا للتعديلات التي أقرها، وشملت محددات استعمال القوة مع المسجونين دون الإخلال بحق الدفاع الشرعي.

ومن العقوبات التي تضمنها التعديل، توجيه الإنذارات الشفهية المسموعة من مأمور السجن أو أقدم ضابط عامل في السجن، ثم استخدام خراطيم المياه، فاستخدام الغاز المسيل للدموع، ثم استخدام الهراوات البلاستيكية، وأخيرا إطلاق الخرطوش.

وينظر البرلمان المصري خلال الشهور المقبلة حزم تشريعية جديدة، منها قانون الإدارة المحلية، وقانون العدالة الانتقالية، وقانون اتحاد المهن الطبية، وقانون التأمين الصحي، وقانون الإيجار القديم، واتفاقية «تيران وصنافير»، وهي في مجملها ألغام تشريعية تحمل مخاوف من زيادة الأعباء المعيشية على المصريين، وتمس حقوق المواطن، ومبدأ السيادة على الأرض.

  كلمات مفتاحية

عبدالفتاح السيسي قانون الجمعيات الأهلية قانون التظاهر قانون الخدمة المدنية مجلس النواب المصري قانون الإرهاب