استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عالم «ترامب».. نحو نظام عالمي جديد!

الاثنين 6 مارس 2017 05:03 ص

أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال أسابيع من رئاسته الكثير من اللغط، وتسبب في كثير من القلق والجدل حول قراراته وبرنامجه في الداخل اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا، وكذلك حول موقفه من المهاجرين واللاجئين. وعلى المستوى الدولي، دخل في اشتباكات مبكرة مع دول وأنظمة من الحلفاء والخصوم، من الصين إلى أوروبا ومن المكسيك إلى إيران، واللافت هو هوس ترامب، في كل مناسبة، بترديد تصميمه على هزيمة الإرهاب الإسلامي الراديكالي! وحصره الإرهاب في الإسلام المتطرف!

وفي المقابل يثير موقف ترامب من بوتين وروسيا التي ينظر إليها في مؤسسة الدولة العميقة الأمريكية، Establishment، على أنها خصم ومصدر رئيسي لتهديد الأمن الوطني الأمريكي، الكثير من اللغط حول سياسة ومواقف ترامب والعلاقة المرتكبة مع الرئيس بوتين وروسيا. وقد أشاد ترامب ببوتين كقائد قوي واعتبره أفضل من أوباما.

لكن يبدو أنه سيثير غضب بوتين وروسيا بإصراره على زيادة «تاريخية» لميزانية الدفاع والتسلح الأمريكية، بما فيها الترسانة التقليدية والنووية. وكان من اللافت تعيين ترامب في وزارة الدفاع والاستخبارات المركزية ومجلس الأمن الوطني لشخصيات تنظر عادة بالريبة لسياسة روسيا، وخاصة بعد اتهام الاستخبارات الأمريكية للحكومة الروسية بالتجسس والقرصنة الإلكترونية والتدخل للتأثير على نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية.

وقد أدى الاتصال بالروس لإسقاط مستشار الأمن الوطني السابق مايك فلين ومحاصرة وزير العدل الأمريكي جيف سشنز، الذي كذب تحت القسم وادعى أنه لم يجتمع بأي مسؤول روسي، بينما ثبت اجتماعه مع السفير الروسي في واشنطن أثناء حملة ترامب الرئاسية، وهو ما يخالف اللوائح والنظم، ويستدعي التحقيق معه، لأنه كذب تحت القسم. وتتصاعد الآن المطالبات باستقالته أو إقالته. وهكذا يبدو التهديد الروسي الناعم للنظام الأمريكي واضحا وجليا وغير مسبوق!

ولا يزال ينظر إلى ترامب على أنه من خارج المؤسسة الحزبية، بل يعتبر متمردا وناقدا لها، وهذا كان ظاهرا بوضوح في حملته الانتخابية خلال أكثر من عام، وفي رئاسته التي دخلت شهرها الثاني، وحجم الانتقاد والجدل الذي تثيره مواقفه وتصريحاته وأوامره التنفيذية وحتى تغريداته غير التقليدية.

ويتجه النظام العالمي اليوم، حسب تقارير الاستخبارات الأمريكية، إلى نظام متعدد الأقطاب، حيث تنكفئ الولايات المتحدة إراديا عن مكانتها السابقة كلاعب رئيسي في النظام العالمي، على رغم الإنفاق العسكري الكبير الذي يصل إلى حوالي 600 مليار دولار، أي ما يعادل 36% من الإنفاق العسكري العالمي. وهي أعلى من ميزانيات القوى الكبرى الأخرى الأكثر إنفاقا على الدفاع والسلاح مجتمعة، بما فيها الصين وروسيا والعديد من الدول الأوروبية.

ومع ذلك يطالب ترامب بزيادة ميزانية الدفاع بنسبة 10% أي بما يصل إلى 54 مليار دولار تخصم من ميزانيات الشؤون الاجتماعية والصحية وحتى وزارة الخارجية والمساعدات العسكرية والإنسانية!

ويبدو ترامب مهووسا بجعل أمريكا عظيمة مجددا، كما كان هذا هو شعاره في حملته الانتخابية، وأضاف على ذلك الشعار جعل أمريكا قوية وآمنة وفخورة وقائدة للنظام العالمي. ولعل آخر مواقف ترامب تعهده من على حاملة الطائرات جيرالد فورد بأن: «أمريكا ستواجه وتتغلب على جميع التهديدات والتحديات والأخطار. وسيبقى سعيها مستمرا نحو تحقيق السلام الحقيقي والدائم وخوض حروب عند الضرورة والانتصار فيها».

قد تقود سياسة ومبدأ ترامب الذي لم يتبلور لتشكيل نظام عالمي أكثر خطورة، وتحديا ومواجهة، مع مخاطر خوض سباق تسلح تقليدي بزيادة ميزانية الدفاع، وسباق نووي بالتأكيد أنه يسعى لجعل الترسانة النووية هي الأقوى والأكثر فعالية في العالم.

وكذلك تحدي الصين وإبقاء العقوبات على روسيا واحتواء كوريا الشمالية وإيران، وبناء جدار عازل على حدود المكسيك، وتشجيع تفكك الاتحاد الأوروبي بعد تصويت بريطانيا على الانسحاب، وتحذير الحلفاء في حلف «الناتو» بأن الدفاع عنهم مرتبط بالتزامهم بتخصيص 2% من مجمل الناتج العام للدولة!

وكل ذلك يثير مخاوف من أبعاد صراع عسكري وتجاري وانكفاء وانعزالية جديدة، ما يجعل الولايات المتحدة اليوم أقرب إلى ما كانت عليه في حقبة ما قبل الحرب العالمية الثانية! وهذا مثير للدهشة في عالم يشق طريقه في ظل العولمة والانفتاح والتعددية الثقافية والتجارية، وحتى التعددية القطبية!

لقد نجح ترامب على الرغم من المواقف المعارضة والمنتقدة لمواقفه وسياساته على المستويين الداخلي والخارجي في تغيير الكثير من المعطيات والثوابت ، ويبدو ماضيا في تنفيذ خططه وأجندة المتشددين والمحافظين الذين أحاط نفسه بهم، وخاصة ستيفن بانون -كبير مستشاريه والمخطط الرئيسي في إدارته الذي نصبه للمرة الأولى في مجلس الأمن الوطني- والمعروف بأفكاره المتشددة، خاصة حول الإسلام.

ولا يبدو أن نهج ترامب المرشح قد اختلف عن نهج ترامب الرئيس كما كان يأمل كثيرون.. حتى بعد خطابه المهم والتصالحي، نهاية فبراير الماضي، الذي بدا أقرب ما يكون لخطاب رجل من داخل المؤسسة الحاكمة، وليس معاديا وناقدا لها. ولذلك فإن خصوم ترامب في الداخل من الحزب الديمقراطي والمستقلين والإعلام والكثير من المثقفين وحتى أجهزة الاستخبارات، على جميع هؤلاء أن يتعايشوا مع أمريكا الجديدة تحت عهد ترامب خلال الأعوام الأربعة القادمة.

كما على حلفاء وخصوم أمريكا في الخارج أن يتأقلموا أيضا مع إدارة ترامب الجديدة في البيت الأبيض، بمقاربتها المختلفة وغير الواضحة، التي هي أقرب إلى الارتباك، وقد تؤسس لنظام عالمي جديد وغير مستقر بانتظار تبلور مبدأ أو عقيدة ترامب. الذي يبقى يردد شعارات جعل أمريكا عظيمة وقوية وآمنة وفخورة بنفسها مجددا.. ولو كان ذلك على حساب الحلفاء المرتبكين والخصوم المتوجسين!

* د. عبدالله خليفة الشايجي - أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت

المصدر | الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية

عالم ترامب نحو نظام عالمي جديد الولايات المتحدة الدولة الأمريكية العميقة زيادة الإنفاق العسكري حروب جديدة روسيا سباق تسلح تقليدي ونووي