دراسة: النفوذ السياسي يتحكم في توزيع الأجور الحكومية بمصر

الثلاثاء 7 مارس 2017 12:03 م

كشفت دراسة حديثة أن اعتبارات النفوذ السياسي والقدرة على التأثير في مصر ما زالت هي الحاكمة لطريقة توزيع الأجور في الجهات التابعة للدولة، على حساب اعتبارات الكفاءة وخدمة المواطن والمساواة، حتى بعد تطبيق القانون الجديد للخدمة المدنية.

وبحسب دراسة أطلقها المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، اليوم، احتفظت قطاعات تحظى بأوضاع مميزة في نظام الأجور، مثل الشرطة والقضاء، بمعدلات نمو مرتفعة رغم تبعيتها للدولة أيضا.

وأشارت الدراسة التي جاءت تحت عنوان «تحولات سياسات الأجور الحكومية من الناصرية للخدمة المدنية»، إلى أن نظام تحديد وتوزيع الأجور في الجهات التابعة للدولة ظل لسنوات طويلة مبنيا على وضع قواعد وتفريغها من مضمونها بعدد كبير من الاستثناءات، وأنه قائم على حلول مؤقتة للأزمات وليس على سياسة متكاملة تراعي كل من اعتبارات الكفاءة واحتياجات الدولة والقدرة على تمويل الأجور بشكل مستدام.

وتناقش الدراسة التي أعدها «محمد جاد»، رئيس قسم البحوث بالمركز، التطورات التي لحقت بميزانيات الأجور في القطاعات الحكومية والتابعة للدولة، من خلال قراءة للميزانية العامة في عامين متتالين، شهدا تطبيق قانون الخدمة المدنية، الذي صدرت نسخته الأولى في 2015، وتم تعديله في 2016، مع مقارنتها بتاريخ سياسة الأجور الحكومية التي اتبعتها الدولة خلال حكم الرؤساء السابقين، بداية بعبد الناصر مرورا بالسادات ومبارك، ووصولا للتغيرات التي حدثت بعد ثورة يناير.

واستهدف قانون الخدمة المدنية، بحسب الخطاب الحكومي، تحقيق درجة من المساواة والاحتكام لاعتبارات الكفاءة في تحديد الأجور، بما يساعد على تحقيق الهدف من أجهزة الدولة وهو خدمة المواطنين، وفي نفس الوقت ترشيد الإنفاق على بند الأجور الحكومية الذي يستحوذ على ربع الإنفاق العام في موازنة الدولة، وهي نسبة شبه ثابتة منذ عهد الرئيس المخلوع «حسنى مبارك».

وخلصت الدراسة إلى أنه «بالرغم من النوايا الطيبة لقانون الخدمة المدنية والخطاب الإصلاحي الذي تقدمه الحكومة، لكن بيانات الموازنة العامة تكشف انحياز سياسات الأجور لسياسات توزيعية مشابهة للسياسات السابقة على صدور القانون».

ووفق الدراسة، استمرت الزيادة في نسب نمو الأجور في عدد من القطاعات التابعة للدولة بدرجة كبيرة، سواء على نفس وتيرتها السابقة أو بمعدلات أعلى من السنوات السابقة، لأن تلك القطاعات غير خاضعة لهذا القانون، الذي قلص نسب نمو الأجور في الجهات الخاضعة له من 15.5% سنويا (في المتوسط خلال الفترة من 1990 إلى 2014) إلى 6.8% خلال العام المالي الماضي، و4.8٪‏ في العام المالي الجاري.

بينما احتفظت قطاعات تحظى من الأصل بأوضاع مميزة في نظام الأجور، مثل الشرطة والقضاء، بمعدلات نمو مرتفعة رغم تبعيتها للدولة أيضا، حيث نمت أجور قطاع الشرطة بنحو 9%، وأجور القطاع القضائي بنحو 24% في العام المالي الجاري، كما توضح الدراسة.

وفيما بين القطاعات الخاضعة للقانون ظل التحيز قائما لصالح موظفي الجهات المولدة للإيرادات مثل مصلحة الضرائب، على حساب موظفي جهات أخرى أكثر ارتباطا بخدمة المواطن أو بالخدمات التنموية.

وتشير الدراسة إلى أن تحكم الاعتبارات السياسية في سياسات التوظيف وتحديد الأجور الحكومية بدأ منذ الحقبة الناصرية، مع التزام  الدولة بتعيين خريجي الجامعات لديها، وبدون اختبار لتصبح نوعا من «السياسات التوزيعية الهادفة لكسب الولاء السياسي».

وتقول الدراسة إنه «رغم استغلال ناصر للجهاز الإداري للدولة كأداة لتوفير الوظائف المستقرة على أسس سياسية أكثر منها موضوعية، فقد أنهى الرئيس الأسبق (مبارك) آخر عام مالي له في الحكم ومعدلات الإنفاق على الأجور كنسبة من إجمالي نفقات الدولة لا تتجاوز 15%، وهي أقل بنحو 10% عن نسبة الإنفاق في سنة إصدار آخر التشريعات المنظمة للجهاز الإداري (قانون الخدمة المدنية)».

يشار إلى أن القضاة والشرطة والجيش وغيرهم من الوظائف التي تتماس مع السلطة التنفيذية، يتقاضى الواحد منهم راتب يعادل أضعاف الموظف المدني، رغم أن الإثنين قد يكونان على نفس الدرجة الدرجة الوظيفية.

المصدر | الخليج الجديد+ أصوات مصرية

  كلمات مفتاحية

الخدمة المدنية السيسي الأجور المرتبات