تسريبات «سي آي ايه»: أنت لا تشاهد التلفاز.. ولكن تلفازك هو الذي يراقبك

السبت 11 مارس 2017 12:03 م

معظم الناس الذين جربوا استخدام كمبيوتر العمل، يذكرون الشعور بالانزعاج الذي ملأهم في اللحظة التي سيطر فيها التقنيون لأول مرة على الحاسوب، وبدؤوا يشاهدون مؤشر الماوس وهو يتحرك أمامهم على سطح المكتب، والذي يتحكم به عن بُعد؛ شخص آخر.

  من الواضح أن هذا «الشخص الآخر» لم يعد ذاك الموجود في الغرفة الأخرى من مكتبك، وهذا الشك الذي كنا نعتبره نوعاً من البارانويا، لم يعد كذلك.

ليست بارانويا.. إنها حقيقة

وفي الوقت الذي تدفع فيه الشركات المستهلكين بشدة نحو «إنترنت الأشياء»، والذي يجعل كل أجهزة المنزل موصولة بالإنترنت، يبدو أن وكالة الاستخبارات الأمريكية، كانت أول السابقين له. ولن نكون نحن فقط من يسيطر على الأجهزة، من حواسيب وهواتف وأجهزة تلفاز، وحتى أقفال البيت وأنظمة التدفئة والسيارات، ولكن، آلاف من الموظفين الحكوميين الجالسين في لانغلي وفيرجينيا وشلتنهام وإنجلترا يمكنهم أن يفعلوا ذلك.

صحيح إن هذا الأمر كان دائماً موضع شك قديم، لكن التسريبات الضخمة الأخيرة التي نشرها موقع ويكيليكس، لن تؤكد أسوأ مخاوفنا فحسب، بل تشير إلى أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية قد ذهبت لأبعد من هذه المخاوف وتخطت أكثر خيالاتنا جموحاً: استهداف السائقين عن طريق السيطرة على أنظمة كمبيوتر سياراتهم على سبيل المثال.

الخصوصية ليست مصدر القلق الوحيد

هناك ما هو أكثر، فمدير السي آي ايه السابق «مايكل هايدن»، وصف هذه التسريبات بأنها «مدمرة بشكل لا يصدق».

ولدينا تأكيدات أكثر على هذه التسريبات مقارنة بتسريبات «سنودن» السابقة من وكالة الأمن القومي. طبيعة الأعمال التي كشف عن قيام أجهزة الاستخبارات بها، قد تسبب ذعراً مجتمعياً أيضاً، لأن المعلومات الأولية عن اختراق البريد الإلكتروني والهواتف، يمكن فهمها بسهولة وقريبة من حياتنا اليومية.

ولكن هل هناك شئ آخر يدعو للقلق غير الخصوصية الشخصية، والتي يُقال لنا إننا، كجيل الألفية، على أي حال، لا نهتم بها مثلما فعل أجدادنا؟ الجواب هو نعم بالتأكيد.

أول جزء يخص خدمات الأمن نفسها، فإذا كانت المخابرات ووكالة الأمن القومي من قبلها، هشة لهذه الدرجة أمام شخص واحد لديه أدوات بسيطة ومهمة ما يريد تنفيذها، فعليها أن تفكر في أمنها الخاص بطريقة جديدة كلياً، نفترض أنها بدأت في ذلك بالفعل.

الشئ الثاني، حتى لو لم تكن تعنيك مسألة الخصوصية الشخصية بهذا القدر، فربما لا تريد أن تقوم الأجهزة الأمنية سواء كانت صديقة أم لا، بالدخول على حاسوبك وأنت نائم، أو تراقب ما تفعله في يومك من شاشة التلفاز المتصل بالإنترنت، أو تعرف إلى أين أنت ذاهب من داخل كمبيوتر السيارة.

قد تجادل بأن المشتبهين بالإرهاب أو المجرمين يبدون مواطنين عاديين لهم خصوصية، لكن من الذي يقرر من هو من؟ ومن الذي أعطى السلطة لمثل هذا النوع والحجم من الاختراق الإلكتروني الذي أصبح ممكناً الآن؟ هل يحصل أعضاء برلماننا والكونغرس على الحق الكافي في الإشراف؟ ألا ينبغي أن يكون أكثر من ذلك؟

وثالثاً، إذا كنا «نحن» لدينا هذه القدرات، إذن فهي لدى الآخرين أيضاً بلا شك، أو ستكون لديهم.

هل قد تفسر هذه الاكتشافات الأخيرة عن قدرات أنظمة استخباراتنا على الاختراق، المزاعم باختراق أنظمة أخرى مثل مزاعم التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟ هل هناك فرق بين الوصول إلى المعلومات في محاولة لكشف ماذا كان يحدث (مثلما كانت أجهزة الاستخبارات المتقدمة تحاول في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الغريبة) وبين استخدام كل ما يمكن الحصول عليه في أغراض مشبوهة؟ هل ينطبق هذا التفريق على اختراق السي آي ايه للواتس أب الخاص بك مثلاً؟

تلفاز يشاهدنا بدلا من أن نشاهده

هذا هو النوع من الأسئلة سيجري مناقشته بلا شك خلف العديد من طبقات الأبواب المغلقة وعوازل الصوت في الأيام والأسابيع القادمة، وفي نفس الوقت، سوف أعامل تلفزيون سامسونج الذكي الموجود في ركن غرفة جلوسنا بمنظور جديد.

ربما سأحاول أن أقول له «صباح الخير» و«مساء الخير» بأدب، وربما حتى أجرب بعض اللغات الأخرى، إذا وجدته يرد بالصينية، فربما قلقي جاء متأخراً أكثر مما ظننت.

المصدر | الغارديان

  كلمات مفتاحية

سي آي ايه تسريبات تكنولوجيا المراقبة