حضور «الأسد» القمة العربية.. تحركات فاشلة لكنها تمهد إلى عودة مرتقبة

الاثنين 13 مارس 2017 08:03 ص

هل يحضر «بشار الأسد» القمة العربية بالأردن ويتصالح مع الملك «سلمان بن عبد العزيز».. كان هذا محور مساعي واسعة بين دول عربية عدة، خلال الفترة الماضية، إلا أنها فشلت، أو هكذا تبدو.

مصر والأردن يتصدران المشهد، ويقف خلفهما العراق والكويت ولبنان، وروسيا تدفع من ناحية أخرى، وسط مراقبة أمريكية وتشجيع أوروبي لإعادة مقعد النظام السوري، إلى الجامعة العربية، خلال القمة المقرر إقامتها في عمان نهاية الشهر الجاري، إلا أن محاولاتهم حتى اللحظة بائت بالفشل.

الأمر الذي كان مستحيلا في وقت من الأوقات، بعد المجازر التي تسبب فيها «الأسد» للمدنيين في بلاده، والخراب والدمار الذي طال البنية التحتية للدولة الشامية، بات محل نقاش في شرق أوسط يموج بالتناقضات والتقلبات العنيفة.

جهود في الخفاء

«جهود روسية مصرية أردنية لتحقيق مصالحة عربية شاملة مع بشار الأسد ومشاركة الرئيس السوري في القمة العربية القادمة في الأردن».. هكذا تحدث تقرير نشره موقع «ديبكا» الإسرائيلي المقرب من أجهزة الاستخبارات في (تل أبيب)، تطرق فيه لما وصفها بالترتيبات النهائية لإعادة سوريا للجامعة العربية.

ولفت التقرير إلى اجتماع لجنة الشؤون العربية في البرلمان المصري في 25 فبراير/ شباط الماضي، ومطالبتها بعودة سوريا لشغل مقعدها في مجلس الجامعة العربية معتبرة أن الوضع «لم يعد مقبولاً».

هذه الخطوة، اعتبرها «ديبكا» صغيرة، في سلسلة خطوات وجهود يبذلها قادة دول يعملون الآن جنبا إلى جنب، وكذلك بشكل منفصل، في محاولة لدفع «الأسد» للمشاركة في مؤتمر القمة العربية.

وتشهد داخل الأروقة الدبلوماسية، أحاديث حول تطورات على صعيد الأزمة السورية، تعتبر في مجملها إيجابية في مسار الحل السياسي ابتداءً من تثبيت وقف إطلاق النار وحتى الدعوة لجولة تالية من جنيف.

3 شخصيات يتصدرون المشهد، هم الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، والمصري «عبد الفتاح السيسي» والملك الأردني «عبد الله الثاني»، حيث يريد الرؤساء الثلاثة أن يروا الصورة التي يتصافح فيها الملك السعودي «سلمان» مع «الأسد» ويرحب كل واحد منهما بالآخر.

كما تمثل هذه الدعوة اعترافا من قبل حكام الدول العربية بانتصار «الأسد»، الذي اعتقد الكثيرون أنه لن ينجو من الحرب أو ينتصر على المعارضة المسلحة.

صحيفة «اليوم السابع» المصرية، قالت إن السعودية وقطر هما الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان ما زالتا في صف المواجهة مع النظام السورى، وإن كانتا ليست بنفس القدر في السنوات الماضية.

علاقة مصر بالنظام السوري، علنية، عندما أعلن «السيسي» دعمه لجيش «بشار»، واستقبال نظامه لرئيس المخابرات السوري «علي المملوك» أكثر من مرة، وسط انباء عن مشاركة قوات مصرية جنبا إلى جنب جيش «الأسد».

تونس التي تواجه تهديد خطير بعودة أبنائها، اللذين انضموا لتنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا، أعلنت عبر قنوات رسمية أنها تحتاج إلى تعاون وثيق مع الحكومة السورية للحصول على معلومات عنهم.

كما أن الأردن أعاد العلاقة مع سوريا من باب محاربة الإرهاب، وذلك عبر إعلان رئيس هيئة الأركان المشتركة في القوات المسلحة الأردنية الفريق الركن «محمود فريحات» وجود علاقات بين جيش بلاده وقوات «الأسد»، لمحاربة «التنظيمات الارهابية».

سلطنة عمان هي الأخرى، فتحت أبوابها لزيارة وزير الخارجية السورى «وليد المعلم» ورئيس المخابرات «علي مملوك».

كما أن الكويت والإمارات يتحاوران مع دمشق عبر قنوات خلفية وعلى استحياء، في حين أن العراق ولبنان والجزائر لم يقطعوا علاقاتهم مع دمشق منذ اندلاع الأزمة وحتى الآن.

أما بالنسبة للروس، فإن «بوتين» حال نجح في إقناع الملك «سلمان» بالموافقة على حضور «الأسد»، فسوف تمنحه هذه الخطوة وتمنح موسكو وضعا سياسيا كبيرا في العالم العربي.

فهذه الخطوة، تفسح المجال لإمكانية أن تضم روسيا إيران لجهود المصالحة العربية مع العرب، في وقت تدفع خطوة أخرى للمصالحة بين طهران والرياض، فـ«إذا ما تصالحت السعودية مع الأسد، فتكون بذلك قطعت نصف المسافة للتصالح مع إيران».

أما صحيفة «الديار» اللبنانية، فكشفت أن أمير الكويت «صباح الأحمد الجابر الصباح»، والرئيس اللبناني العماد «ميشال عون»، والرئيس العراقي «محمد فؤاد معصوم»، بالإضافة إلى مسؤولين عرب كبار (لم تسمهم) يسعون لإتمام هذه الخطوة وإجراء المصالحة العربية.

خطوات

وبحسب صحيفة «رأي اليوم»، ضغط «السيسي» من وراء ستارة على الحكومة الأردنية لإقناعها بأن توجه الدعوة رسميا للنظام «بشار»، وهو ما أعلن الأردن أنه لن يفعله، بعدما وصلت مبكرا للأردن بأن العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبد العزيز» سيحرص على حضور القمة في عمان.

وعلى الرغم من موقف عمان، إلا أن صحيفة «الديار»، نقلت عن مصادر قولها إن ملك الأردن عرض، على أحد الرؤساء العرب أن يقوم بطائرة ملكية أردنية بزيارة سوريا في مطار حميميم على الشاطئ السوري في اللاذقية، واصطحاب «الأسد» إلى الأردن لحضور القمة العربية.

ولفتت الصحيفة إلى أن العراق ومصر والأردن، أبلغوا السعودية برغبتهم في عودة سوريا وأضافت، إلى أن روسيا وبعض الدول العربية توصلت إلى مساعٍ جدية لحضور «الأسد»، مع حفظ أمنه كاملاً فى القمة العربية بواسطة حرس سورى يزيد عددهم على 150 ضابطا ورقيبا وجنديا من نخبة الجيش السورى بالحرس الجمهورى السورى.

كما حددت الصحيفة، الخطوط العريضة لكلمة «الأسد» في حال حضوره، التي ستكون لأول مرة منذ 6 سنوات، حيث سيعرض ما تعرضت له سوريا على مدار السنوات الماضية، وسيتحدث عن المؤامرة التي أدراتها بعض الدول الإقليمية ضد نظامه، وسيطلب بدعم في إعادة إعمار سوريا التي دمرتها الحرب.

ترقب غربي

«ديبكا»، تحدث نقلا عن مصادر، بالتأكيد أن الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، لا يعارض مثل هذه الخطوة، وأنه على استعداد لأخذها في الاعتبار لدى تحديد الخطوط العريضة لسياسته الشرق أوسطية الجديدة، لكنه ليس مستعدا لتأييد الخطوة علنا في هذه المرحلة.

ويأتي قرار «ترامب» للمخابرات المركزية الأمريكية بقطع علاقاتها مع المعارضة المسلحة السورية، لصالح «الأسد»، ويصبّ في خانة لعب سوريا دورا أكبر على مستوى الدول العربية.

فيما تشجع أوروبا على عودة سوريا إلى الجامعة العربية واشتراك «الأسد» في القمة، بعدما قررت أكثرية الدول الأوروبية واعترفت عمليا، دون الإعلان الرسمي، بشرعيته، ولم تعد تعترف بشرعية المعارضة، بل تعتبرها معارضة مسلحة إرهابية تكفيرية، بحسب صحيفة «الديار».

مواقف رسمية

أما على الصعيد الرسمي، فمصر وروسيا أبرز من تحدثا في هذا الشأن، عندما أعلن «السيسي» في نوفمبر/ تشرين ثان 2016، صراحة، أنه يدعم «الجيش السوري» التابع لنظام «بشار».

وقبل أيام، قال وزير الخارجية المصري «سامح شكري»، أن الأزمة السورية مقبلة على تسوية سياسية، وفكرة عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية لا بد أن تأتي بعد وقت، إن لم يكن بشكل عاجل الآن.

وأضاف: «الطرح الأساسي هو تطور لعدة سنوات من قرار تعليق مقعد سوريا، ما سيفتح مجالات للحوار والتداول.. ومصر تركز حاليا على المسار السياسي لحل النزاع السوري، وفكرة عودة سوريا للجامعة العربية لا بد أن تأتي آجلا إذا لم يكن عاجلا، لأن سوريا ستظل دولة عربية وركنا أساسيا في المنظومة العربية».

أما روسيا، والتي تدخلت في سوريا بطلب من «الأسد» قبل أكثر من عامين، وبات لها دورا كبيرا في الدولة قد يفوق دور النظام نفسه وحليفته إيران، فكانت دعوتها على لسان وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف»، الشهر الماضي، بتجديد عضوية سوريا في الجامعة، معتبرا أن الجامعة في حال عودة دمشق لصفوفها، ستلعب دورا أكثر فعالية في المنطقة.

دعوة «لافروف» جاءت من أبوظبي، في ختام الدورة الرابعة لمنتدى التعاون الروسي العربي، حيث أكد أن رفع تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، سيساعد في تسوية الأزمة السورية.

وأشار إلى أن «إبعاد الحكومة السورية، بصفتها عضوا كامل الحقوق في الأمم المتحدة، عن المشاركة في المناقشات في جامعة الدول العربية، لا يساعد جهودنا المشتركة، ويبدو لي أن الجامعة ستتمكن من لعب دور أكثر أهمية في حال عودة الحكومة السورية للعضوية».

والأسبوع الماضي، دعا وزير الخارجية العراقي «إبراهيم الجعفري»، الدول الأعضاء في الجامعة العربية إلى مراجعة قرارها بتعليق عضوية سوريا.

وقال في كلمة ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية للدورة العادية نصف السنوية لمجلس وزراء الخارجية العرب، أن «العراق يدعو أشقاءه العرب إلى مراجعة قراره السابق بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية»، معتبرا أن «الخلافات مدعاة للحوار وليس للقطيعة» في إشارة إلى وجود خلافات بين دول عربية عدة والنظام السوري.

أما الأردن، الذي شارك في المفاوضات السرية لاستضافة «الأسد»، اختلف موقفه العلني حينما قال على لسان وزير خارجيته «أيمن الصفدي»، إن الأردن ستلتزم بقرارات جامعة الدول العربية المتعلقة بعضوية سوريا.

وقال «الصفدي»، الشهر الماضي، ردا على سؤال فيما إذا كانت هناك مباحثات لإعادة النظر بدعوة سوريا للقمة، إنّ «التعامل مع الدعوات ينطلق من قرارات الجامعة العربية ونحن نلتزم بما أقرته الجامعة العربية سابقًا ونتعامل مع هذا الموضوع وفق هذا السياق».

خطوة قادمة

الأمين العام لجامعة الدول العربية «أحمد أبو الغيط»، كان أكثر وضوحا حينما قال إن «الوضع ليس جاهزا لاتخاذ خطوة عودة سوريا إلى شغل مقعدها المجمد في الجامعة منذ نوفمبر/ تشرين ثانٍ 2011».

وردا على سؤال بشأن حديث «الجعفري» اعترف «أبو الغيط»، أن «حديث وزير الخارجية العراقي بشأن عودة سوريا، والذي طرح علنا أمام وسائل الإعلام، هو حديث مثار في كواليس العمل العربي».

واعتبر أن «الوضع ليس جاهزا لاتخاذ هذه الخطوة، أو تناولها في إطار ثنائي أو جماعي عربي.. دعنا نعطي هذا الموضوع بعض الوقت لنستمع لوجهات نظر أخرى وبعدها سنرى».

وهو ما أكده مصدر في الجامعة العربية لصحيفة «اليوم السابع»، حين استبعد أن يتم شغل المقعد خلال القمة المقبلة، ولكنه لم يستبعد طرح الأمر للنقاش.

وقال: «وفقا لميثاق الجامعة العربية، فإن القرار الذى يتخذه مجلس الجامعة لا يلغيه إلا قرار آخر من المجلس نفسه».

وتوقع المصدر أن تُقدم إحدى الدول المعروفة بعلاقتها مع «الأسد»، وهو من حقها، طلبا لمجلس الجامعة العربية في دورته المقبلة، لإدراجه على جدول الأعمال لإعادة النظر في رفع تعليق عضوية سوريا، وهو ما قام به «الجعفري».

خاصة أن مصدر دبلوماسي آخر، قال لصحيفة «صدى البلد» المصرية، قال هناك كيل بمكيالين في التعاطى مع الدول التي تواجه ازمة داخلية، وتستدعى تجميد عضويتها ايضا من الجامعة، لافتًا إلى أن «احتفاظ كل من اليمن وليبيا بمقعديهما داخل الجامعة علي الرغم من الصراعات التي تدور علي أرضهما يرجع إلى وقوف بعض الدول ذات الثقل الاقليمي بجانبهما لمنع عزلهما».

إلا أن هناك عائقًا أخيرًا يقف أمام العودة، بحسب المصدر، حيث الموافقة على القرار تتطلب التصويت بإجماع الأعضاء وليس الثلثين، وهو الأمر الذى سيصعب التغلب عليه في الوقت الحالي، إلا أن التوصل إلى إقناع السعودية وقطر والاتفاق على تسوية سياسية بين «الأسد» والمعارضة.

يشار إلى أن الجامعة العربية التي تضم 22 دولة، جمدت عضوية سوريا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، بعد اندلاع الثورة السورية، وما واكبها من مجازر ارتكبتها قوات النظام بحق المتظاهرين.

لا يحتوي ميثاق جامعة الدول العربية على إجراء محدد تحت مسمى تعليق أو تجميد العضوية، لكنه نص على الطرد أو الفصل، إلا أن الجامعة استخدمت مبدأ التعليق مع الحالة السورية، في إشارة إلى تعليق مشاركة وفود النظام في اجتماعات الجامعة، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، كما دعت الجامعة لسحب السفراء العرب من دمشق، وهو قرار غير ملزم للدول العربية.

يذكر أن قرار قمة الدوحة في مارس/ آذار 2013، كان واضحًا فيما يتعلق بتسليم «الائتلاف السوري» مقعد سوريا، وأكدت ذلك أيضًا قمة الكويت التي عقدت في مارس/ آذار 2014، لكن حدثت اعتراضات بعد ذلك، وهددت دولٌ بالانسحاب، ثم تعلل الأمين العام لجامعة الدول العربية في حينها الدكتور «نبيل العربي» بأن المقعد يُعطى لدولٍ وليس لمنظمات، وتم تعليق المقعد حتى هذه القمة.

وتدعم السعودية المعارضة السورية، وتؤكد ضرورة تنحي «الأسد» لحل الأزمة السورية، التي قتلت ما يقرب من نصف مليون سوري، وشردت ملايين آخرين، حيث أصبحوا يعيشون كلاجئين في دول أخرى، بينما تساند روسيا وإيران ووكلاؤها النظام السوري وتتمسك ببقاء «الأسد».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سوريا مصر الأردن بشار الأسد السعودية الجامعة العربية