«مازن فقها».. مقاوم بدرجة أسير لم يتوقف بين الضفة وغزة

السبت 25 مارس 2017 03:03 ص

بين مدن فلسطين تنقل، وفي سجون (إسرائيل) قضى وقتا من عمره، وبفكر المقاومة ضد الاحتلال عاش، وفي غزة وبأربع رصاصات من مسدس كاتم للصوت اغتيل.

إنه «مازن فقهاء»، أحد قادة كتائب «عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، الذي شيعت جماهير غفيرة بمدينة غزة، قدرت بعشرات الآلاف، ظهر السبت، جثمانه، بعدما اغتيل مساء أمس في حي تل الهوى جنوب المدينة.

قال عنه «إسماعيل هنية» نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، عقب إمامته صلاة الجنازة عليه: «سنصون الدماء ونحمي الوصية ونستمر في المعركة»، مضفيا: «الحركة ستمضي على طريق الشهيد مازن فقها وستحمل وصيته».

وتابع «هنية» أن «الشهيد انتقل إلى ربه وبقيت دماؤه ووصيته ومعركته».

نشأته

هو «مازن محمد سليمان فقها»، قائد عسكري فلسطيني، انخرط منذ دراسته الجامعية في حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وجناحها العسكري كتائب «عز الدين القسام»، وأسهم في تشكيل العديد من الخلايا العسكرية في الضفة الغربية، وشارك في تخطيط العديد من هجمات على (إسرائيل) قبل أن يعتقله ويفرج عنه في صفقة «وفاء الأحرار» في العام 2011.

ولد «فقها» في 24 أغسطس/آب 1979، بمدينة طوباس الواقعة بين مدينتي نابلس وجنين شمال الضفة الغربية.

وتربى منذ نعومة أظفاره على فكر جماعة الإخوان المسلمين، في مساجد طوباس، وحفظ القرآن كاملا في سن مبكر، وقد عرف عنه صمته وخلقه، التحق بصفوف حركة «حماس» في سن مبكرة ناشطا دعويا بارزا، قبل أن ينتقل بعد ذلك إلى أحضان الكتلة الإسلامية بجامعة النجاح.

أصبح أحد أفراد حركة «حماس» والتحق بصفوف «القسام» وهو في السنة الأولى من الجامعة، وفي السنة الثالثة أصبح مطاردا، قبل أن يتخرج في كلية الاقتصاد بجامعة النجاح وهو مطارد من جيش الاحتلال.

وعمل برفقة عدد من قادة «القسام» في الضفة، أبرزهم «قيس عدوان»، و«كريم مفارجة»، و«مهند الطاهر»، و«محمود أبو هنود»، و«يوسف السركجي».

اعتقاله

ومع بداية انتفاضة الأقصى، لاحقت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية «فقها»، واعتقلته ثلاث مرات بتهمة مقاومة الاحتلال، وامتلاك مواد متفجرة كان يهم بنقلها إلى قيادة «القسام» في مدينة جنين.

كما استجوبه جهاز المخابرات الفلسطينية في أول مرة اعتقل فيها بالعام 2000.

واعتقل شهرا عام 2001 بسبب ورود اسمه في قائمة مطلوبين قدمها جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي أي»، بسبب مشاركته في عمليات مسلحة ضد (إسرائيل).

وأفرجت عن السلطة بضغط من أهالي مدينته، بسبب نية قوات الاحتلال التقدم تجاه السجن الذي كان معتقلا فيه.

وفي فبراير/ شباط 2002 أصبح «فقها» مطاردا من قوات الاحتلال تلاحقه وأسرته وتداهم بيته بشكل متكرر إلى أن اعتقلته في 5 أغسطس/آب 2002، بعد حصار دام ست ساعات في منزل تحصن فيه تلاه اعتقال والده وشقيقه ثم هدمت منزله بعد ثلاثة أيام.

قبع «فقها» لمدة 40 يوم داخل العزل الانفرادي و90 يوم في التحقيق، وتعرض لجميع أنواع التعذيب، حتى كان في بعض الأحيان يغيب عن الوعي.

وحكم عليه بعد ذلك، بالسجن تسعة مؤبدات وخمسين سنة.

وتنقل «فقها» داخل السجون ابتداء من سجن هدريم، والتقى الكثير من الأسرى والقادة منهم «سمير القنطار» و«مروان البرغوثي» والشيخ «جمال أبو الهيجا»، ثم نقله الجيش إلى سجن بئر السبع، وبعدها إلى سجن رامون نفحة وبعدها إلى عسقلان، حيث التقى العديد من الأسرى من الجولان السوري ومن غزة.

أتم «فقها» حفظ القرآن الكريم في سجن بئر السبع، وقام بتسميعه في سجن رامون، وقد أخرج به أجازه مسنده بالعديد من الشيوخ.

وبات «فقها» يعمل على تحفيظ القرآن للأسرى والتسميع لهم، بالإضافة إلى تدريس المواد الأخرى وخاصة المواد المتعلقة بتخصصه وهو إدارة الأعمال والعلوم السياسية.

كما تعلم اللغة العبرية كتابة ومحادثة، بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية، وحاول التسجيل في الجامعة العبرية لإكمال دراسة الماجستير، لكنه رفض أكثر من مرة.

مقاومته

جاءت هذه الاعتقالات المتتالية والتضييق عليه، بسبب دور «فقها» البارز في تشكيل خلايا كتائب «القسام» بمدينة طوباس، كما شارك القيادي في الكتائب «نصر جرار» بإعادة تشكيل خلايا «القسام» في جنين، وأشرف على عملية فك الحصار عن القيادي «قيس عدوان» ورفاقه في طوباس.

كان له أيضا، دورا كبيرا في التخطيط والإشراف على أول رد لكتائب «القسام» على اغتيال طيران الاحتلال «صلاح شحادة» القائد العام لكتائب «القسام» في غزة في يوليو/ تموز 2002، حيث أنه بعد قرابة 10 أيام على الاغتيال، دوى انفجار كبير في حافلة بمدينة صفد خلف 15 قتيلا وعشرات الإصابات.

وتتهم سلطات الاحتلال «فقها» بالمشاركة في الإعداد لعملية مطعم سبارو بالقدس المحتلة التي نفذها في أغسطس/ آب 2001 «عز الدين المصري» من بلدة عقابا، وكان زميلا لـ«فقها» في الجامعة والحركة أيضا، وخلف التفجير 19 قتيلا وأكثر من 120 جريحا.

كما أشرف على عملية «مفرق بات» التي نفذها «محمد هزاع الغول» على مقربة من مستوطنة جيلو جنوبي القدس في مايو/أيار 2002، والتي قتل فيها 19 إسرائيليا وجرح العشرات.

وشارك في عمليات أخرى لـ«القسام»، من بينها مهاجمة مستوطنين وجنود إسرائيليين بمنطقة الأغوار ووادي المالح ومعسكر تياسير الإسرائيلي.

إطلاق سراحه

بعدما قضى «فقها» عشر سنوات متواصلة داخل السجون الإسرائيلية، أطلق سراحه ضمن صفقة تبادل الأسرى بين حماس و(إسرائيل) في العام 2011 والتي عرفت باسم «صفقة جلعاد شاليط»، وتم إبعاده إلى قطاع غزة.

وعقب ذلك، وضعت (إسرائيل) «فقها» في قائمة المطلوب تصفيتهم، والتي شملت عددا من محرري صفقة «شاليط»، وذلك بالنظر إلى دوره في الإشراف على إدارة العمل العسكري لـ«حماس» بالضفة الغربية.

وورد اسمه خلال الأعوام الأخيرة في الإعلام العبري، على أنه أحد قادة كتائب «القسام»، والمسؤول عن العديد من الخلايا العسكرية التابعة لحركة «حماس»، والتي جرى اكتشافها مؤخرا في الضفة الغربية المحتلة.

وتم ربط اسمه بعملية اختطاف المستوطنين الثلاثة؛ التي نشب على إثرها عدوان 2012 «العصف المأكول» على قطاع غزة.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2013، ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن «حماس» شكلت من جديد قيادة للجناح العسكري في الضفة، ولكنها تدار من قطاع غزة عبر أسرى محررين بصفقة «وفاء الأحرار»، ومن بين هؤلاء «فقها» ووضعته في قائمة الاستهداف.

اغتياله

مساء أمس الجمعة 24 مارس/آذار 2017، تعرض «فقها» لعملية اغتيال أمام منزله في غزة من مجهولين بمسدس كاتم للصوت في منطقة تل الهوا جنوب مدينة غزة، حيث أصيب بأربع رصاصات مباشرة في رأسه.

وحملت كتائب «القسام»، الاحتلال مسؤولية اغتيال الأسير المحرر وتوعدته بالرد.

وقالت «القسام» إنها «ستكسر المعادلة التي يريد أن يثبتها العدو على أبطال المقاومة في غزة وهي معادلة الاغتيال الهادئ».

ونشرت كتائب «القسام» الجناح المسلح لــ«حماس»، السبت، صورا قالت إنها حصرية لـ«فقها».

وتكشف صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، كلمات قوية له حول التمسك بخيار المقاومة وضرب الاحتلال.

فقبل يومين من مقتله، وفي ذكرى اغتيال الشيخ «أحمد ياسين» يوم 22 مارس/ آذار كتب: «نحن على العهد».

وقبل ذلك بثلاثة أيام، كتب مدركًا أن «فلسطين لا تعود إلا بالثمن الغالي.. ولا أغلى من الدم».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مازن فقها فقها اغتيال (إسرائيل) حماس القسام