بعد تصريح اللواء المتقاعد «خليفة حفتر» حول إمكانية تعاون قوات «عملية كرامة ليبيا» مع «إسرائيل»، قام رئيس حكومة طبرق «عبدالله الثني» بإعلانه قبول وساطة سودانية وفق أسس جديدة للحل.
وهو ما يدل بشكل صريح على مدى الأزمة التي يعيشها نواب وحكومة طبرق بعد فشل حملة «كرامة ليبيا» التي هدفت للقضاء على جزء رئيسي من ثوار 17 فبراير/شباط، حيث يحرص هؤلاء من أجل تحسين أوضاعهم على التشبث بأي طرف أو أي جهة تحاول التدخل.
ويثير هذا التصريح غرابة من عدة أوجه أحدها أن هناك وساطات دولية تحت رعاية «الأمم المتحدة» وأن الجزائر قد دعت لمفاوضات بين الأطراف المتصارعة في ليبيا لكن ربما يرجع هذا إلى عدم وجود أفق لنجاح تلك الوساطات.
أما الأمر الآخر فإن دخول السودان على خط الأزمة الليبية يأتي دون تحديد ماهية الأسس أو القواعد التي يتحرك على أساسها السودان فهل هي من منطلق علاقاته مع الإسلاميين أم منطلق تجاوبه واحتوائه من قبل الدول الداعمة للثورات المضادة في المنطقة.
أم أن هناك خلافات داخل الموقف السوداني نفسه تجعله ينحني أمام الضغوط وفي نفس الوقت لا يتخلى عن مصالحه وعلاقاته مع الإسلاميين وعلى كل حال فإن السودان في وضع لا يحسد عليه.
الخرطوم دولة واقعة تحت الضغوط وبالتالي لن تستطيع ممارسة وساطة تقف على مسافة واحدة من الطرفين حتى وان كانت تريد ذلك فهي مضطرة للتعامل مع الجهات الخليجية الداعمة وفي هذا السياق لا يمكن استثناء أن تكون أطراف خليجية أو القاهرة قد طلبت من السودان أن تدخل وسيطا على خط الأزمة الليبية.
ويكون المطلوب من السودان في ظل هذا السيناريو بذل كل الجهود من أجل إقناع الثائرين المسيطرين على طرابلس بتقديم تنازلات وهذا من شأنه أن يغير طبيعة التوازنات في ليبيا خاصة مع تكثيف الدعم العسكري لقوات حفتر خلال فترات الحوار.
كما أن السودان الذي يعيش أزمات حقيقية ومهددات لأمنه واستقراره يصعب عليه القيام بأدوار وساطة في هذه الأوقات، وفي هذا السياق وعلى سبيل التهكم فان أحد المنظرين للانقلاب المصري كان يبرر تدخل مصر في الشئون الليبية بأن مصر لن تسمح بوجود دولة فاشلة بجوارها علما أن مصر تحتل ترتيبا سيئا في تصنيف الدول الفاشلة في الوقت الحالي، وكذلك الحال مع السودان إذ أن فاقد الشئ لا يعطيه.
ولما سبق فإنه لا يبدو أن هناك أفق لنجاح الوساطة السودانية للحيرة التي يدور فيها الموقف السوداني نفسه ولثبات الأطراف الليبية على مواقفها، لذا فإن المتوقع هو وجود محاولات سودانية لن يكتب لها النجاح، إلا أن يكون في أمور محدودة ومؤقتة.