استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«داعـش».. إلى العـالم الافـتراضي

الثلاثاء 28 مارس 2017 08:03 ص

لم يختلف سوى المكان بالنسبة إلى اعتداء إرهابي جديد يتبنّاه تنظيم «داعش» في أوروبا. هذه المرّة، بعد نيس (فرنسا) وبرلين (ألمانيا)، كانت لندن ضحيةً لنمط بات يتكرر: القتل دهساً. يمكن القول إن الإجراءات الاستباقية التي تتّبعها الأجهزة البريطانية ربما تفوق مثيلاتها في البلدان الأوروبية إذ لا تترك شيئاً للصدفة، وتجعلها أكثر ثقة بأنها وضعت جميع المشتبه بهم تحت نظرها وتحت السيطرة.

مع ذلك جاءتها المفاجأة من شخص «معروف» لديها. هكذا قيل بعد مختلف الجرائم الأخرى. شخصٌ مشتبه به، قد يكون له سجل جنائي لكن لم يسبق أن ارتكب قتلاً للأبرياء، وبالتالي لم يكن هناك ما يستوجب التحفّظ عليه أو التشدّد في مراقبته، وبعدما اطمأن إلى أن الأمن لا يشكّ به راح يعاين مسرح عمليته ويرسم خطّته، وإذا به يندفع بتلك السيارة القاتلة على الرصيف متقصّداً قتل أكبر عدد من المشاة قبل أن يصطدم بجدار مبنى مجلس العموم، وهو هدفه الأساسي على الأرجح، ليعطي جريمته رمزية التحدّي لأحد أكثر المعالم اللندنية شهرةً وعراقةً.

ذلك هو «الذئب المنفرد» أو الانتحاري «الداعشي» الذي استطاع الإفلات من مصائد الأمن، وأطلق مجدّداً الجدل حول سبل استباق هذا النوع من الجرائم، ومن الواضح أن أي جهاز أمني لا يستطيع توقّع هذا النوع من الاعتداءات ليتخذ إجراءات مسبقة لمنع حصولها، بل إن الصدفة وحدها يمكن أن تساعد في إحباطها.

ففي العمليتين قصد الإرهابيان تجمعين احتفاليين باليوم الوطني (نيس، يوليو 2016) أو بعيد الميلاد (برلين، ديسمبر الماضي)، أما إرهابي وستمنستر فانتهز الحشد اليومي العادي ما فاقم القلق من احتمال استهداف الأسواق المفتوحة أو أي مكان يزدحم عادة في ساعات الذروة.

وإذ تزامنت العملية مع الذكرى السنوية الأولى للتفجيرات داخل مبنى مطار العاصمة البلجيكية بروكسيل، فقد دلّت على أن الأفراد المرتبطتين بـ«داعش» تنظيمياً أو تعاطفياً لم يعودوا قادرين على التحرّك كمجموعة أو على نقل أسلحة ومتفجّرات، كما حصل في مرّتين في اعتداءات باريس (يناير ونوفمبر 2015)، بسبب التضييق الأمني عليهم وتفكيك شبكاتهم. لذلك حوّلوا السيارة أو الشاحنة إلى ما يشبه الآلية الحربية مستخدمين السلاح الفردي الأبيض أو الناري.

وسواء كان توقيت عملية وستمنسر مدروساً أم لا فإنها تزامنت أيضاً مع اجتماع وزراء خارجية دول التحالف الدولي لـ«الحرب على داعش» في واشنطن، على وقع المعركة المستمرّة في الموصل في العراق والاستعدادات المتسارعة لإحكام الطوق على الرقّة في سوريا.

فقد سبق للخبراء الأمنيين أن توقّعوا تصعيداً للهجمات الإرهابية مع اقتراب نهاية التنظيم في مناطق سيطرته الأخيرة، مشيرين إلى تكاثر العمليات في بغداد وبعض أنحاء سوريا، كذلك في سيناء، وهي مختلفة بطبيعتها عن تلك التي تنفّذ بالوسائل المتاحة في أوروبا التي تواظب عواصمها على التحذير من أن مستوى التهديدات لا يزال مرتفعاً.

ولعل اللافت في اجتماع واشنطن أنه تضمّن للمرة الأولى تقويماً، بلسان وزير الخارجية الأميركي ريكس تيليرسون، يفيد فيه بأن تدفق «المقاتلين الأجانب» على سوريا انخفض بنسبة 90% خلال العام الماضي بسبب صعوبات وصولهم إليها، مؤكّداً صعوبات في الخروج منها للعودة إلى بلدانهم، حيث يمكن أن يشكّلوا خطراً.

لكن الجهد المبذول لاقتلاع «داعش» والحؤول دون أن يكون له موطئ قدم على الأرض بات في نظر الأجهزة الأمنية يتطلّب جهداً أكبر لمنع التنظيم من مواصلة الانتشار في الفضاء الرقمي، فـ«الدواعش» الأجانب الذين لم يتمكّنوا من الوصول إلى سوريا أو العراق يتواصلون مع التنظيم، أو يستلهمونه، عبر الإنترنت.

وفيما لم يبدِ التعاون الاستخباري سوى جدوى محدودة في استباق الهجمات فإن المرحلة المقبلة باتت تتطلّب تطويراً استثنائياً لهذا التعاون، بغية ملاحقة «داعش» ورصد تحوّلاته، لأن «خلافته» المزعومة مرشّحة للانتقال من «العراق والشام» إلى العالم الافتراضي، كجزء من استراتيجية بقائه وتحوّله من «دولة» تستدعي تحالفاً دولياً لمحاربتها وإنهاء وجودها إلى فكرة أو حالة تقضّ المضاجع.

في هذا السياق، تحديداً، يضع الخبراء عمليات الدهس ويعتبرون أن «داعش» يشجّع عليها كأحد عناصر استمراريته بعد هزيمته العسكرية. لكن الخطر الحقيقي للتنظيم يبقى في مواطنه وحواضنه التي استطاع أن يوظّف معاناتها لتبرير وجوده، وليس في عناصر يستخدمونه لتغطية وحشيتهم وإجرامهم.

* عبد الوهاب بدرخان كاتب صحفي لبناني

  كلمات مفتاحية

«داعش» العالم الافتراضي الانتحاري الداعشي العراق الشام الدهس