«نيويورك تايمز»: لماذا يخاف سكان جزر المالديف من تدفق المال السعودي إلى بلادهم؟

الأربعاء 29 مارس 2017 12:03 م

يمكن لأي شخص أن يتذكر، الحياة في جزيرة ماغودهو من جزر المالديف التي تدور تفاصيلها بين الصيد في المياه الكريستالية التي تغسل الشعاب المرجانية، وتصل إلى الشواطئ، حيث أشجار النخيل و الكراسي المصنوعة من حبال جوز الهند.

وقال إسلام أحمد، 24 عاما، طويل القامة، وهو يمضغ المكسرات وأوراق التنبول في واحد من اثنين من المقاهي الموجودة على جزيرة مساحتها أقل من ميل مربع «هذا ممتع للغاية، وهذه هي الحياة السعيدة». وتعد الجزيرة واحدة من ما يقرب من 1200 جزيرة تشكل جمهورية جزر المالديف، وهي دولة جنوب غرب الهند في المحيط الهندي.

ولكن السيد «أحمد» وغيره هنا يستعدون لتغيير الحياة يخشون أن تكون النتائج كارثية، وذلك بعد إعلان الرئيس المالديفي في يناير/ كانون الثاني أن زعماء السعودية يخططون لاستثمار 10 مليارات دولار في مجموعة من الجزر حيث السيد يعيش «أحمد»، والمعروفة باسم «فافو أتول».

وقد كان الأكثر إثارة لقلق السكان تقارير تفيد بأن الحكومة تحاول تأجير الجزر التي هي موطن لبعض من المنتجعات الرائدة على مستوى العالم لسنوات طويلة وبيع جزيرة مرجانية صريحة للسعوديين. ويخشى السكان أن يجبروا على الانتقال من الجزر.

ويقول «صوبيرا أبوبوكارو»، 58 عاما والذي يعيش بالقرب من مزرعة للفلفل والخيار: «ومما يثير القلق أننا يمكن أن نؤخذ من هنا ونوضع في شقق صغيرة كالصناديق». وأضاف «سيكون من الصعب تخيل هذا».

وقد نفى الرئيس المالديفي، «عبدالله يمين»، ما يشاع عن أن الجزر المرجانية سيتم بيعها. وقالت السفارة السعودية أنها ليس لديها أي نية «للاستثمار في مشروع عملاق أو شراء الجزر المرجانية في جزر المالديف». ولكن الحقيقة أن ما قام به السيد «يمين» الذي دفع لتغيير الدستور في عام 2015 للسماح لبيع عقارات لجهات أجنبية هو ما يغذي شائعات احتمال البيع.

وقد ترك كل هذا السيد «أحمد» وما يقرب من 4000 من سكان الجزر المرجانية التسعة عشر في «فافو أتول» تحت وطأة التخمين حول ما يخبئه المستقبل ومجيء الحلفاء الجدد والمستثمرين للحصول على موطئ قدم في هذا الأرخبيل الاستراتيجي. وكانت البلاد قد ابتعدت عن شركائها التقليديين، الهند والاتحاد الأوروبي، مع تزايد الضغوط الدولية بشأن اتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان من قبل السيد «يمين».

بذلت المملكة العربية السعودية على مدى عقود جهودا للحفاظ على الإسلام في جزر المالديف عن طريق إرسال الزعماء الدينيين، وإعطاء المنح الدراسية للطلاب وبناء المساجد والجامعات. وقام السعوديون ببناء محطة المطار الجديد، وتعهدوا بعشرات الملايين من الدولارات في شكل قروض ومنح للبنية التحتية والإسكان على جزيرة «ماليه» الاصطناعية بالقرب من العاصمة.

وبالمثل، ترى الصين في سعيها للهيمنة الإقليمية، جزر المالديف باعتبارها موقعا استراتيجيا، وقد ظلت تدعمها بمئات الملايين من الدولارات في صورة قروض لمدرج المطار الجديد والجسر الذي يربط المطار بالعاصمة.

ويبدو أن الاستثمارات السعودية 10 مليار دولار تأتي كتتويج لانجازات الرئيس «يمين»، ولكن الآن يبدو أن السعوديين يواجهون دعاية سلبية، وأن الصفقة قد تتفكك.

وكان من المتوقع أن يزور الملك «سلمان بن عبد العزيز آل سعود» جزر المالديف الأسبوع الماضي، ولكن الزيارة ألغيت في اللحظة الأخيرة، بسبب انتشار وباء الأنفلونزا في الجزر. ويفترض أنه ربما أراد تجنب تأجيج النزاع أو مواجهة احتجاجات.

البدايات الأولى

وقد بدأت مصالح السعودية في «فافو أتول» مع زيارة من قبل الملك «سلمان» في 2014 عندما كان وليا للعهد. وبعد مرور عام، عاد الأمير «محمد»، نجل الملك، وقد أخذ الوفد المرافق له وفق شخص مطلع أكثر من منتجع. وقال هذا الشخص أن الضيوف طاروا في طائرات خاصة بعد حضور الحفلات والتي ظهر فيها بعض الفنانين بينهم مغني الراب الشهير بيت بول.

وقد قال «مليح محمد جمال»، العضو السابق في المجلس الاقتصادي الشبابي للسيد «يمين» أنه قد حضر توقيع مذكرة تفاهم بين ممثلين عن العائلة المالكة السعودية وجزر المالديف قبل عامين. وقال على الرغم من أنه لم يكن مطلعا على التفاصيل أنه تم بيع أحد الجزر.

لا تزال الخطط الدقيقة سرية، ولكن السيد «يمين »قال أن تصورات السعوديين لتطوير الجزيرة مماثلة للريفييرا الفرنسية. وقال إن هناك مليون شخص يمكن أن يأتوا إلى الجزيرة حيث ستبنى المطارات والمنتجعات والمساكن الراقية.

لعدة قرون، كانت الحياة في ماغودهو تدور حول الصيد. لقد بني ثاني أقدم مسجد في جزر المالديف، منذ أكثر من 8000 سنة، ويقع على جزيرة نيلادنهو، وهي عاصمة «أتول». وقال المستكشف النرويجي «ثور هايردال» في كتابه سر المالديف،" عام 1986 أنه وجد المعابد الهندوسية والبوذية القديمة في الجزيرة نفسها.

ما يقرب من نصف الرجال في ماغودهو، بما في ذلك السيد «أحمد»، يقضون معظم حياتهم في البحر. يوجد ستة قوارب تعمل في صيد التونة هنا، على كل منها طاقم من 16 رجلا على الأقل. وتبقى زوجاتهم وأطفالهم على الجزيرة، ذات الرمال الفضية التي تقع في مركزها أشجار جوز الهند.

وفي وسط المدينة توجد مبان صغيرة و مدرسة، ومركز للشرطة ومركز صحي ومكتب لمجلس الجزيرة. ويعيش السكان في منازل صغيرة بنيت من الحجر الجيري مع المرجان على طول العديد من الطرق التي تتقاطع في وسط المدينة. الشوارع غير ممهدة ولكنها مغطاة بالرمال، وبالقرب من شاطئ البحر، فإن العديد من النساء يقضون أيامهم في قطع سعف النخيل ونسج القش، وهي سلعة قيمة للمنتجعات.

ومع عدد السكان القليل الموزع على مئات من هذه الجزر، تكافح الحكومة لتلبية مطالب شعبها للمياه العذبة والصرف الصحي والتعليم. كما أن لديها تاريخ من دفع الناس من هذه الجزر الصغيرة بل حتى الكبيرة منها، حيث يمكن ذلك بالحرمان من الخدمات المركزية، مما يعزز المخاوف لدى أهل «ماغودهو».

ومن جهة أخرى لا يخشى الجميع القدوم السعودي المحتمل. فكثيرون يأملون أن الاستثمارات السعودية ستجلب فرص العمل والتنمية، حتى مع القلق من أن الناس قد تضطر للتحرك خارج الجزيرة. ويزدحم أكثر من ثلث سكان جزر المالديف وهم ما يقرب من 350 ألف في العاصمة مالي، التي مساحتها 2.2 ميل مربع من الأرض و هي على بعد ساعتين ونصف ساعة بالقارب السريع إلى الشمال الشرقي من «فافو أتول».

حتى السيد أحمد قال إنه كان على استعداد للتحرك خارج الجزيرة، في ظل ظروف صحيحة. «أي شخص لديه القليل من الثروة يذهب إلى مالي لتعليم أطفاله». وقال: «إذا كنت سأحصل على ما يكفي من المال، أنا أيضا سوف أذهب لتوفير التعليم لطفلي».

ولكن مع مشروع السعودية المحتمل قال أنه يخشى أنه وعائلته قد يضطرون للتحرك سواء أرادوا أم لم يريدوا. ويخشى العديد من السكان أن الحكومة قد تنقلهم إلى الشقق التي تبنى على جزيرة اصطناعية بالقرب من مالي، والتي تمول جزئيا من قبل قرض بقيمة 80 مليون دولار من الصندوق السعودي للتنمية.

عندما زار السيد «يمين» جزيرة ماغودهو في أواخر يناير/ كانون الثاني، حاول تهدئة هذه المخاوف. وقد أعلن الرئيس «يمين» أن الملك «سلمان» تبرع ببناء مسجد جديد لشعب ماغودهو ولكن التنمية السعودية ستكون أكثر بكثير مما قاله السيد «يمين». «لديهم مخطط مشروع ضخم لفافو أتول.. لقد تم الانتهاء من جميع المخططات والرسومات».

المصدر | نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

السعودية الملك سلمان جزر المالديف الاستثمارات السعودية