لماذا تتنافس واشنطن وموسكو على رضا الأكراد؟

الأربعاء 29 مارس 2017 12:03 م

مع تركيزنا على التوترات الساخنة الأخيرة مع أوروبا وبخصوص عملية الاستفتاء في 16 أبريل/نيسان القادم، فإن بعض التطورات الهامة تجري في اثنين من البلدان التي تواجه الحروب الأهلية، والمجاورة لتركيا، وهما العراق وسوريا. يبدو أن الطائرات الحربية الأمريكية، التي تقصف أهداف داعش بناء على أوامر من الرئيس «دونالد ترامب» لم تعد تبالي المدنيين فقد قتلت مئات المدنيين في حلب، الرقة والموصل في الأسبوع الماضي.

وقد أظهرت الولايات المتحدة وروسيا أنها تقوم بحماية المناطق التي تسيطر عليها القوات التابعة للفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، وهي وحدات حماية الشعب، وحزب الاتحاد الديمقراطي، بالجنود والأعلام.

بعد منبج، قام الروس بتوفير الحماية للوحدات الكردية في عفرين أيضا. وتهدف هذه الحماية إلى تقويض قدرة تركيا على توجيه ضربات إلى الوحدات الكردية، و هذه الحماية أيضا تمهد الطريق للتنافس بين القوتين للسيطرة على حزب العمال الكردستاني السوري وفروعه تحت أجنحتهم.

دعونا أولا نحلل الجبهة الأمريكية: على الرغم من أن إدارة «ترامب» لم تتخذ قرارا بشأن كيفية تشكيل سياستها السورية، فإن تقرير وزارة الدفاع الأمريكية لدعم حزب العمال الكردستاني ووحدات الحماية في مواجهة تنظيم الدولة لا يزال ساريا.

تدل مساعدات الأسلحة الثقيلة، التي تبقى بالمظلات لمسلحي الأكراد بالقرب من منطقة الرقة على أن الولايات المتحدة ستتعاون معهم في عملية الرقة. وأيضا تدعم الولايات المتحدة تحويل الأكراد من ميليشيا إلى جيش إرهابي. بالإضافة إلى ذلك، لا أحد يهتم بأن تقوم الوحدات الكردية بإزالة العرب السنة من مناطقهم الأصلية.

وفي الوقت نفسه، فإن روسيا هي الأخرى في محاولة لسحب وحدات الحماية الكردية من خلال وعدهم بحكم ذاتي في ظل نظام «بشار الأسد». وهذا هو السبب في جهود وزير الخارجية الروسي «سيرجي لافروف» لضمهم في محادثات أستانا وجنيف.

ويكمن الهدف من هذا الجهد في محاولة الوصول إلى صيغة لتخفيف العبء على «الأسد» في سوريا حيث أن «الأسد» ليس لديه قوات قوية بما فيه الكفاية للحفاظ على الأراضي السورية التي سيطر عليها، حتى لو تخلص من جماعات المعارضة «المعتدلة».

لا تريد روسيا أن تحصل الميليشيات الإيرانية الشيعية على مزيد من السلطة في سوريا، وتريد أن تجعل من الوحدات الكردية مليشيات للأسد. وقد حاولت سابقا استخدام نفس الأسلوب ضد المعارضة السورية المعتدلة.

وجدت موسكو في عملية وقف إطلاق النار في حلب وعملية أستانا فرصة لإقناع المعارضة لكي تأتي إلى حل في ظل حكم «نظام الأسد». ومع ذلك، عندما وصلت العملية في أستانا إلى طريق مسدود، تحولت إلى الأكراد. وكانت أول مرة في منبج، ثم في عفرين، وظهرت الوصاية من الجنود الروس.

وفي الواقع فإن الولايات المتحدة وروسيا تقومان بتكرار السياسة الفاشلة المماثلة مع نفس الطرف في سوريا. ومن أجل عدم استخدام قواتهما البرية، تأمل القوتان العظميان في تحقيق نتيجة من خلال دعم جماعة إرهابية لها في الواقع وجود سكاني محدود جدا في المنطقة.

من خلال الإصرار على التعاون مع الأكراد في مكافحة تنظيم الدولة، فإن واشنطن لا تضع خطط للوضع ما بعد التنظيم متجاهلة ممثلي العرب السنة. ومن الواضح أن القبائل العربية تحت سيطرة وحدات الحماية الكردية ليست كافية لمثل هذا التمثيل.

فيما تسعى موسكو للسيطرة على مرحلة ما بعد «الأسد» وتنظيم الدولة من خلال التعاون مع وحدات الحماية الكردية، يقوم الأكراد بخدمة أكثر من سيد، وحاليا لا تتردد في التضحية بالشباب الكردي لهذا الغرض. وتعتقد الجماعة أنه عندما ينتهي القتال ضد تنظيم الدولة، فإنها سوف تكسب على الأقل منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا. ولكي يتحقق ذلك، يجب على الولايات المتحدة وروسيا أولا الاتفاق حول مستقبل سوريا. ومن أجل ذلك لابد من خلق صيغة اتفاق مع القوى الإقليمية المعنية بالأزمة مثل إيران و(إسرائيل) والسعودية وتركيا ومن أجل التوافق يجب أن يكون هذا الاتفاق مبنيا على أسس طويلة الأجل.

وأي خلاف لذلك، من المستحيل أن يتحقق معه سلام دائم في سوريا. بينما نرى تجاهل الخطة للمعارضة المعتدلة التي عملت لأكثر من ست سنوات، ولذلك فإن هذا لن ينجح.

وتعد العمليات الأخيرة في دمشق وحماة من قبل المعارضة، التي غيرت من تكتيكاتها إلى تكتيكات حرب العصابات للسيطرة على الأرض، أمثلة ملموسة على هذه الحجة.

والأهم من ذلك أن دعم الولايات المتحدة وروسيا الدوري والجزئي إلى الأكراد لا يمكن أن يحمي الجماعة الإرهابية من القوات التركية. وتركيا، التي حررت مناطق الباب وإعزاز وجرابلس من تنظيم الدولة كجزء من عملية درع الفرات، لن تقوم بالخروج من المنطقة حتى يتم تحديد المعادلة السورية.

سيكون خطأ كبيرا أن نقلل من قدرة أنقرة على العمل مع الجهات الإقليمية الفاعلة في سوريا والعراق وقدرتها على التأثير على الجبهات في المنطقة. وفي الوقت نفسه، على تركيا أن تكون جاهزة لمعركة صعبة وطويلة مع وحدات الحماية الكردية وحزب الاتحاد الديمقراطي.

المصدر | برهان الدين دوران - ديلي صباح

  كلمات مفتاحية

تركيا سوريا الأكراد حزب الاتحاد الديمقراطي ترامب بوتين درع الفرات