بريطانيا والاتحاد الأوروبي.. إجراءات «الانفصال» بدأت وعامان للتفاوض على النفقة

الخميس 30 مارس 2017 08:03 ص

في لحظة تاريخية ومؤثرة للجانبين، سلمت  بريطانيا، الأربعاء، رسالة إلى الاتحاد الأوروبي، تبلغه فيها رسميا رغبتها في الانفصال عنه، وهي خطوة تمهد لبدء عامين من المفاوضات بين الجانبين لتحديد النفقات المترتبة على كليهما، وشكل العلاقة مستقبلا.

يأتي ذلك بينما تتفاهم المخاوف داخل بريطانيا على مستقبل وحدتها بعد الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، خاصة مع سعي أسكوتلندا لذلك. كما ترغب لندن في «تسريح بإحسان» وتخشى عدم التمكن من التوصل إلى اتفاق مع بروكسل.

رسالة الانفصال

رسالة الانفصال وقعتها رئيسة الوزراء البريطانية «تيريزا ماي»، أمس الأول الثلاثاء، وهي تجلس على طاولة في داونينغ ستريت تعلوها صورة لـ«روبرت والبول» رئيس وزراء بريطانيا بين عامي 1721 و1742.

وقام بتسليمها باليد السفير البريطاني لدى الاتحاد الأوروبي «تيم بارو» لرئيس المجلس الأوروبي «دونالد توسك» في تمام الساعة الثانية عشرة ونصف أمس الأربعاء.

في الوقت نفسه الذي وقفت فيه «ماي» أمام مجلس العموم لتعلن البدء رسمياً في آلية الخروج من الاتحاد (بريكست) (عبر تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة التي تنظم إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي) بعد أكثر من 40 عاماً على انضمامها إلى الاتحاد.

«توسك» بدا متأثراً بعض الشيء أمام الصحفيين في بروكسل، وتحدث مرتجلاً ثم عاد وقرأ من بيان وقال إن «بريطانيا رسمياً أعلنت أنها ستترك الاتحاد الأوروبي، وسوف تنطلق المفاوضات بين الجانبين حول العلاقة المستقبلية».

ولمح الرجل إلى أن الشيء الإيجابي من خروج بريطانيا، هو أن باقي الدول الأعضاء لديها العزم الآن لتقوية التكتل الموحد، وسنبذل كل الجهود لتحقيق الأهداف التي نسعى إليها، والتي تستجيب لرغبات المواطنين في باقي دول التكتل الـ27.

أما «ماي» فقد دعت نواب وشعب بريطانيا إلى «الوحدة» للتوصل إلى «أفضل اتفاق ممكن» مع الاتحاد الأوروبي بعد إطلاق آلية «بريكست»، مشددة على أنه «لا عودة إلى الوراء».

كلام «ماي» عن وحدة أعضاء المملكة المتحدة ينم عن خوفها من تفتتها بسبب قرار «بريكست»، الذي قد يكون من أسوأ تداعيات قرار الخروج، كما نبه سابقا رؤساء وزراء سابقون، منهم العمالي «توني بلير» والمحافظ «جون ميجر»، اللذان تحدثا عن مستقبل مجهول لعلاقات بريطانيا التجارية مع الاتحاد، وعن إمكانية تفتيت جسم المملكة المتحدة التي تتكون من إنجلترا وآيرلندا وويلز وأسكوتلندا.

إذ صوتت البرلمان في أسكوتلندا، الثلاثاء، وخلال توقيع ماي رسالة الخروج لصالح إجراء تنظيم استفتاء آخر للاستقلال عن لندن بعد أكثر من ثلاثة قرون.

وفي الاستفتاء الذي صوت فيه 52 في المائة لصالح الخروج صوتت أسكوتلندا وآيرلندا الشمالية بالإجماع لصالح البقاء، بينما صوتت إنجلترا وويلز لصالح الخروج.

وبخصوص محتوى الرسالة التي بعثت بها «ماي» إلى بروكسل قال «فيليب هاموند»، وزير الخزانة البريطاني لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، في وقت مبكر الأربعاء قبل حضوره اجتماع للحكومة، إن الرسالة تشمل «الكيفية التي نريد بها إجراء تلك المفاوضات».

وأضاف أن الرسالة مبنية على كلمة «ماي» الصادرة في يناير/كانون الثاني الماضي التي حددت فيها خطط بريطانيا للانسحاب من الاتحاد، بما في ذلك سوق أوروبية موحدة.

عامان لا يكفيان لمفاوضات الخروج

ولا يزال مضمون الرسالة سرياً؛ إذ تحرص بريطانيا على عدم الكشف عن الحجج التي ستستخدمها في المفاوضات التي ستدوم عامين. لكن المحللين يرون أن هذه المهلة قد لا تكفي لفك الروابط التي نسجت على مدى أربعة عقود، والملفات المعقدة التي سيتم التباحث بشأنها، سواء على صعيد التجارة أو القضاء أو القضايا الإنسانية.

وفي هذا الصدد تقول «كاثرين بارنارد»، أستاذة القانون الأوروبي في جامعة كامبريدج، في تصريحات لوكالة «فرانس برس»: «الحقيقة أن النطاق واسع إلى حد أن عامين لن يكونا كافيين أبداً»، مضيفة: «عند إزالة كل عثرة، سيظهر غيرها».

أما «كامينو مورتيرا مارتينيز»، الباحثة في مركز الإصلاح الأوروبي في لندن، فتتوقع «على الأرجح» ألا تنتهي المفاوضات في غضون عامين.

وتقول «باتريسيا هوغوود»، أستاذة العلوم السياسية في جامعة وستمنستر: «هناك عراقيل منذ الآن»، حتى قبل انطلاق المفاوضات، مشيرة إلى التكلفة التي ستترتب على الخروج من السوق الأوروبية والدخول إليها من جديد.

وترفض «ماي» ضمان حقوق نحو 3 ملايين أوروبي يقيمون في بريطانيا بينما هدفها الأساسي يقوم على الحد من الهجرة القادمة من الاتحاد الأوروبي.

ولمح الوزير المكلف بملف «بريكست» «ديفيد ديفيس»، إلى أن لندن لن تدفع الفاتورة التي سيقدمها الاتحاد الأوروبي، أو على الأقل لن تدفعها كاملة، خصوصاً فيما يتعلق بالبرامج التي التزمت بها بلاده قبلاً.

وقال مسؤول أوروبي كبير إن المفوضية الأوروبية قدرت قيمة الفاتورة بين 55 و60 مليار يورو.

إزاء هذه الخلافات ورغبة بروكسل في التأكيد على أن بريطانيا لا يمكنها الحصول على اتفاق أفضل «خارج الاتحاد الأوروبي مما لو كانت في داخله»؛ وذلك لتفادي انتقال عدوى الخروج إلى دول أخرى، هناك مخاوف فعلية بعدم التوصل إلى اتفاق.

وتؤكد «ماي» أنها لا تخشى هذا الاحتمال، وتقول: «عدم التوصل إلى اتفاق أفضل من توقيع اتفاق سيء».

لكن الأوساط الاقتصادية ترى أن ذلك سيكون السيناريو الأسوأ، بما أن نصف المبادلات التجارية لبريطانيا تتم مع الاتحاد الأوروبي. 

المصدر | الخليج الجديد + وكالات

  كلمات مفتاحية

بريطانيا الاتحاد الأوروبي الخروج بريكست