استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الربيع في «المـؤشـر العربي»

الخميس 30 مارس 2017 12:03 م

بدأت تبرز الأهمية التراكمية لنتائج "المؤشر العربي" التي تتجاوز أهمية نتائجهِ، باعتباره استطلاعاً سنويّا يعبّر عن الرأي العام العربي في لحظة راهنة، إلى تسجيل حالة هذا الرأي العام مع الموضوعات نفسها عبر السنوات، ما يقود إلى بناء تصوراتٍ أقلّ اعتباطيةً بشأن نطاقات التحول والثبات والتذبذب في هذا الرأي.

من أبرز الموضوعات التي يستطلعها المؤشر سنوياً موقف الرأي العربي العام من الربيع العربي، وهو، في الوقت نفسه، الموضوع الأكثر عُرضةً للتخرّص والتقريرات الاعتباطية، في ظل الاستقطاب الإعلامي بين أقليّة إعلام الثورة الذي لا يرغب في مغادرة لحظة الميادين مطلقاً، والـمُستقطب داخلياً بدوره بين إسلاميين وعلمانيين، وأكثرية إعلام الثورة المضادة الذي يرغب في إرجاع العالم العربي إلى ما قبل لحظة الميادين. 

يرسم المؤشر العربي مُنحنى الرأي العام في الثورات العربية على مدى أربعة استطلاعاتٍ نُفّذت من العام 2012/2013 إلى 2016، حيث يبدأ المنحنى في جميع الدول بتقييمٍ إيجابيّ طاغٍ للربيع العربي في جميع الدول الـمُستطلَعة تقريباً في استطلاع عام 2012/2013، ثم يتذبذب التقييم في الاستطلاع التالي عام 2014، مائلاً إلى السلبية. ويتزايد التقييم السلبي في 2015، ليصبح تقييم الأغلبية الـمُستطلَعة، ثم يتّجه التقييم في 2016 نحو المزيد من الإيجابية، وإن كانت نصف العينة الـمُستطلَعة لا تزال تقيّم الثورات سلبياً.

كما يعتقد 39% من الـمُستَطلعين في 2016 أن الربيع العربي قد انتهى بعودة الأنظمة السابقة إلى الحكم (مقارنة بـ17% عام 2014). من ناحية أخرى، طرح المؤشر سؤالاً جديداً هذا العام، ذا مغزى خاص، فسأل الـمُستَطلَعين "بالعودة إلى عام 2011، حيث شهدت عدة بلدان عربية ثوراتٍ واحتجاجات شعبية، خرج فيها الناس إلى الشوارع، في تظاهرات سلمية واحتجاجات، ماهو تقييمك لذلك؟"

يرتفع التقييم الإيجابي عند العينة نفسها على هذا السؤال الذي يتعمد إعادتها إلى لحظة 2011، إلى 51% من الـمُستَطلَعين (مقابل 41% فقط قيّموا الثورات العربية في اللحظة الراهنة بتقييم إيجابي في السؤال الأول). يقدّم المؤشر العربي هذه البيانات مفتوحةً، من دون تقييدها بتفسيرٍ معيّن، ويترك للقارئ حرية التحليل والتفسير. 

يمكن أن نقرأ في هذه البيانات أن حالة اليأس العامة من بلوغ غايات الربيع العربي حقيقية وغير متوهّمة. وتؤكد البيانات ميل العرب إلى تقييم الربيع العربي سلبياً (في هذه اللحظة). لكن البيانات، في الوقت نفسه، تؤكد على فكرة واحدة بطريقتين مختلفتين، هي وجود اختلافٍ ملموسٍ بين تقييم الربيع العربي في عامه الأول، وتقييم تفاعلاته في الأعوام التالية، وسواء أدرك الـمُستَطلَعون أم لم يدركوا وجود انفصال بين الربيع كما بدأ وتفاعلاته كما وقعت، بفعل مؤثراتٍ كثيرة وتدخلها، أولها الثورة المضادة، فإن تقييمهم عبر السنوات يعكس هذا، وبالذات المؤشر الجديد الذي عكس تحسّناً فورياً في تقييم الربيع العربي، بمجرّد إعادة الـمُستَطلَعين ذهنياً إلى نقطة 2011. 

والخلاصة المهمة لهذه المجموعة من المؤشرات أن ثمة نقاط استقطابٍ وخلافٍ كثيرة داخل المجتمعات العربية، لكنّ الاقتناع بالحقّ في السعي نحو التغيير، والتطلع نحو الديمقراطية وإنهاء الظلم والفساد، ليست هي موضوعات الخلاف، ولا قضايا الاستقطاب الكبرى.

يعكس المؤشر حالة الاستقطاب الحادة بين التيارين العلماني-الإسلامي، على سبيل المثال، لكن اللافت أن الخوف الأول الذي يثيره كل قطب من هذين عند الـمُستطلَعين هو "الاستبداد".

كما تتفق نتائج المؤشر العربي الذي استطلع آراء العرب عامة بشأن أسباب الربيع العربي عام 2011، مع نتائج استطلاع كارنيغي المنشور، أخيرا، تحت عنوان "أصوات عربية"، واستطلع آراء أكثر من مائة من الخبراء العرب، ففي كلا الاستطلاعين جاءت النتائج لتضع الاستبداد والسلطوية، والفساد، بصفتها أهم مشكلات المنطقة (وأسباب الربيع العربي).

وهذا قد يعني أن ستة أعوامٍ من الثورة المضادة، وتحول البلاد العربية إلى جبهة مفتوحة للصراعات الدولية ومختلف أنواع التهديدات الاقتصادية والاجتماعية، كل هذا لم ينجح في تحويل السلطوية والاستبداد إلى حالةٍ طبيعيةٍ ومقبولة، ولا في إضعاف الشعور بالفساد والظلم. 

استمرار هذا التيار الذي يرفض الاستبداد في الجريان في قلب الحاضنة العالمية الرئيسة للاستبداد (وهي الدولة العربية)، هو ما يُفضي إلى الحالة التي وصفها المنصف المرزوقي، الرئيس التونسي السابق، بـ"فشل الربيع العربي، وفشل الثورة المضادّة أيضاً".

فلا الربيع نجح في إنهاء السلطوية والفساد، ولا الثورة المضادة أيضاً نجحت في تحويل السلطوية والفساد والظلم إلى حالةٍ طبيعيةٍ، ترضاها المجتمعات العربية بلا مقاومة أو نزوعٍ نحو التغيير. هذا رغم كلّ الأهوال التي مرّ ويمرّ بها أهل هذه المنطقة المنكوبة. 

إن بقاء التطلع نحو الديمقراطية والعدالة عند العرب في هذه الظروف، ولو جزئياً ونظرياً، هو ضربٌ من البطولة الحقيقية، ودليلٌ على استحالة قلب بعض الموازين، أو عكس التيار العالمي الذي دخل، منذ سبعينيات القرن الماضي، في مسار تحول متسارع نحو الديمقراطية.

عندما يشير المفكرون العرب إلى أن الربيع العربي لم ينتهِ، أو أن بقاء السلطوية مستحيل، فالمسألة لا علاقة لها بالتفاؤل أو بالأمل، بل بقراءة واقع منظوماتٍ عاجزةٍ عن البقاء والاستمرار بوضعها الحاليّ، مهما فعلت. 

* إيمان القويفلي كاتبة سعودية باحثة في الاجتماع العربي. 

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

الربيع العربي المؤشر العربي الاستبداد الثورة المضادة المنصف المرزوقي الاستقطاب الإعلامي