«السيار».. أول إماراتية تنال الدكتوراه وتصبح وكيلة وزارة

الجمعة 31 مارس 2017 06:03 ص

الدكتورة «عائشة بنت علي السيار» أول سيدة إماراتية تحصل على درجة الدكتوراه، بل أيضا أول سيدة تعين في منصب وكيل وزارة لأنشطة التربية والتعليم، كرمها الشيخ «محمد بن راشد آل مكتوم» نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ضمن أوائل الإمارات خلال احتفالات دولة الإمارات بعيدها الوطني الثالث والأربعين في عام 2014 من الكتاتيب إلى عين شمس.

من هي «السيار»

ولدت «السيار» بإمارة الشارقة في نهايات أربعينات القرن العشرين، وتربت في ظل والدين يقدران العلم والتعليم، فالتحقت، مثل غيرها من بنات جيلها، بالكتاتيب البدائية في سنوات عمرها المبكرة، حيث درست القرآن الكريم وتعلمت القراءة والكتابة والحساب. ولهذا فإنها حينما التحقت بمدرسة فاطمة الزهراء الابتدائية كانت شبه متعلمة، الأمر الذي جعل القائمين على المدرسة ينقلونها من الصف الأول إلى الثالث فالرابع في غضون سنة واحدة.

طموحها لمواصلة تعليمها من أجل خدمة بلدها دفعها للسفر إلى الكويت في مطلع الستينات لإتمام مرحلة الدراسة الثانوية في ثانوية الشويخ. وبحلول عام 1964 عادت السيار إلى بلدها مكللة بشهادة الثانوية العامة التي لم يكن يحملها سوى قلة من مواطنيها ومواطناتها في تلك الحقبة. لكن مرة أخرى يلعب الطموح دورا في ذهابها مجددا إلى الكويت.

وفي هذا السياق أخبرتنا الدكتورة «عائشة السيار» في حديث صحفي لها أنها سافرت مع زميلاتها الثلاث في مدرسة فاطمة الزهراء وهن الشيخة عائشة بنت صقر القاسمي والشيخة ناعمة بنت ماجد القاسمي وآمنة الهاجري إلى الكويت لتوقيع عقد بعثة دراسية جامعية إلى مصر تتكفل الحكومة الكويتية بنفقاتها ثم حدث أن وافقت مصر على قبولها هي والشيخة عائشة بنت صقر في جامعاتها، ولم يحالف الحظ الأخريات.

وفي القاهرة تشاركت «السيار» مع زميلتها المبتعثة الأخرى (الشيخة عائشة بنت صقر) السكن، وأعباء الحياة اليومية. أما دراستها فقد كانت في كلية الآداب بجامعة عين شمس التي قضت فيها أربع سنوات من عمرها بين عامي 1964 و1969 تكللت بحصولها على ليسانس التاريخ بتقدير امتياز، الأمر الذي يدل على نبوغ والتزام واجتهاد وانصراف كلي لتحقيق الهدف الذي تغربت من أجله.

دولة اليعارب بـُعيد نيلها الشهادة الجامعية عادت سيار إلى وطنها الذي كان آنذاك يعيش إرهاصات تأسيس دولة عصرية مستقلة مؤلفة من إمارات الساحل السبع بقيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه. فتم إلحاقها في عام 1971 بمدرسة فاطمة الزهراء التي تخرجت فيها كي تعمل مدرسة لمادتي التاريخ والجغرافيا. لكن هذه السيدة المسكونة بطلب العلم رأت بعد وقت قليل أن شهادة الليسانس لم تحقق لها طموحاتها فقررت العودة إلى مقاعد الدراسة الجامعية لنيل درجة الماجستير التي نالتها بالفعل في عام 1973 عن أطروحة بعنوان «دولة اليعاربة».

هذه الدولة التي كان قيامها نقطة تحول جوهرية في تاريخ عمان والخليج ومنطقة المحيط الهندي لأنها وحدت عمان الداخل وعمان الساحل وحررت البلاد من الاحتلال البرتغالي وأسست الأساطيل الحربية والتجارية القوية وأقامت القلاع والحصن المنيعة.

بعد إكمالها لدرجة الماجستير عادت السيار مجددا إلى بلدها لتتسلم هذه المرة إدارة مكتب التأهيل في وزارة التربية والتعليم التي كانت تقع آنذاك بالقرب من سوق مرشد. فقامت من خلال هذا المركز بعملية التأهيل التربوي لمواطناتها اللواتي لم يتمكن من إتمام دراستهن الجامعية، كما قامت بالتزامن ببعض المهمات الأخرى كرئاسة قسم الخدمة الاجتماعية والنفسية على نحو ما فصلته في محاضرة لها أمام طالبات جامعة الشارقة قبل بضع سنوات الدكتورا ومرة أخرى تشعر السيار بضرورة أن تنهل قدرا أكبر من العلم، فتترك الوظيفة الحكومية وتعود إلى مقاعد الدراسة كطالبة ساعية إلى نيل درجة الدكتوراه، وهي الدرجة التي حصلت عليها مع مرتبة الشرف الأولى من جامعة عين شمس في عام 1982 عن أطروحة بعنوان «التشكيل السياسي لدولة الإمارات من 1892 لغاية 1971»، فدخلت بذلك التاريخ كأول امرأة تنال الدكتوراه في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وكيلة وزارة التربية والتعليم

أما المكافأة التي حصلت عليها نظير سعيها الحثيث لرفع اسم المرأة الإماراتية عاليا، وإثبات قدراتها المماثلة لقدرات شقيقها الرجل لجهة نيل أعلى الدرجات العلمية فكانت قرارا من الدولة في عام 1983 بتعيينها في منصب وكيلة لوزارة التربية والتعليم لشؤون الأنشطة التربوية. وهذا أيضا أدخلها تاريخ بلادها مجددا لأنه لم يسبق أن تولت امرأة إماراتية قبلها منصبا قياديا رفيعا كهذا المنصب.

محطات مضيئة أوقدت الشموع لفتيات الإمارا ت وهكذا نرى أن مسيرة عائشة السيار تشتمل على محطات مضيئة كثيرة من محطات العطاء وإيقاد الشموع لبنات جنسها في أكثر من مجال من المجالات المرتبطة بالمرأة. فما بين 1971 و1998 أسست قطاع الأنشطة التربوية، ومركز تأهيل المعلمات الذي زود مختلف الإمارات بحاجاتها من المعلمات المواطنات والمشرفيات الاجتماعيات وأمينات المكتبات ومجهزات المختبرات ومربيات رياض الأطفال، وقسم التربية الخاصة لتقديم برامج تعليمية وخدمات تربوية للطلبة والطالبات من ذوى الإعاقة، وبطيئي التعلم مع إنشاء غرف المصادر الخاصة بهم لم تكتف السيار بما قدمته في الحقل التربوي والتعليمي، فعشقها لخدمة بلادها قادها إلى الإسهام في النهضة النسائية للمرأة بالتعاون مع أم الإمارات الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام.

رئيسة الأمومة والطفولة، كما قادها إلى إعداد مشروع إنشاء المجلس الأعلى للطفولة في الشارقة، وإعداد مشروع مؤسسة زايد للأعمال الخيرية، وإنشاء وتطوير العمل في جمعية أم المؤمنين في إمارة عجمان ثم راحت ترفد المكتبة الإماراتية بالعديد من المؤلفات فأصدرت في عام 1975 كتابا تحت عنوان «النهضة النسائية في دولة الإمارات العربية المتحدة»، وكتابا آخر في عام 1984 بعنوان «رؤية تاريخية معاصرة للمرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة»، وكتابا ثالثا في عام 1984 أيضا بعنوان «المرأة وصور الرعاية الاجتماعية لها»، وكتابا رابعا في عام 1985 بعنوان «المرأة والدوافع للعمل»، وكتابا خامسا في عام 1986 بعنوان «الأسرة والتغير الاجتماعي في دولة الإمارات، هذا ناهيك عن سبعة مؤلفات أخرى في المجال التربوي هي: التربية الخاصة بين المفهوم والتطبيق، جماعات النشاط المدرسي، القادم الجديد في مدارسنا، دليل المعسكرات، التخلف الدراسي، اتجاهات الشباب، ومؤلفين في التاريخ هما كتاب «دولة اليعاربة»، وكتاب «التاريخ السياسي لدولة الإمارات».<br><br>عدا ما ذكرناه آنفا، شغلت السيار منصبي النائب الثاني لرئيس مجلس سيدات الأعمال العرب، والأمين العام لأندية فتيات الشارقة (1994 ــ 1999). كما نالت عضوية الاتحادات والمجالس التالية: اتحاد المؤرخين العرب، الاتحاد النسائي العام لدولة الإمارات، اللجنة الدائمة لوزارة التربية والتعليم الإماراتية لدى اليونسكو حتى عام 1998، المجلس الأعلى لرعاية الشباب حتى 1986، اللجنة المشتركة لتطوير وتنمية التعليم بين جامعة الإمارات ووزارة التربية (1989 - 1992)، مجلس سيدات الأعمال الإماراتيات التابع لاتحاد غرف التجارة والصناعة بالإمارات.

وهكذا فلا عجب لو علمنا أنها كرمت مرارا ونالت العديد من الجوائز التي كان آخرها «جائزة اليمامة الفضية» التي تسلمتها في موسكو في مارس 2014 عن إنجازاتها في خدمة بلدها ضمن عشر سيدات مميزات من جميع أرجاء العالم.

بقي أن نعرف أن «السيار»، أثناء عملها في وزارة التربية والتعليم، التقت الخبير التربوي الأممي المنتدب للعمل بالوزارة الدكتور «نواف فواز» فتزوجا وأنجبا أطفالا لعل أبرزهم سيدة الأعمال شيماء نواف فواز التي اقتدت بوالدتها لجهة التحصيل العلمي، فحصلت على الدكتوراه من جامعة جورج واشنطون الأمريكية وماجستير الأعمال من كلية لندن لإدارة الأعمال البريطانية، وعملت مديرة للاستثمارات الدولية في مركز دبي المالي العالمي، وهي نائبة لرئيس الرعاية الصحية لمشروع مبادلة في أبوظبي، وعضو مجلس إدارة مدارس الشارقة الأمريكية الدولية في دبي والشارقة وأم القيوين، ومؤسسة مشروع «جوسب» الخاص بالتواصل بين الأفراد والعائلات.

المصدر | الخليج الجديد+ عكاظ

  كلمات مفتاحية

السيار الإمارات النساء الإماراتيات