تهدئة إعلامية وضغوط لإقرار اتفاقية «تيران وصنافير».. تحركات مصرية للمصالحة مع السعودية

السبت 1 أبريل 2017 01:04 ص

أمرت جهات سيادية مصرية، وسائل الإعلام الحكومية والخاصة، من أجل تهدئة الأجواء مع السعودية، وخصوصاً بعد اللقاء الذي جمع العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبد العزيز»، والرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» على هامش أعمال القمة العربية التي عُقدت في البحر الميت في الأردن، الأسبوع الماضي.

وبحسب صحيفة «العربي الجديد»، فإن النظام المصري يسعى لاستثمار المصالحة مع السعودية سريعاً بعد الاتفاق مع «السيسي» لزيارة الرياض، في وقت لاحق الشهر الجاري، مع توقعات بضغوط على البرلمان المصري للموافقة على ضم جزيرتي «تيران وصنافير» للحدود البحرية السعودية، ووقف التصعيد الإعلامي ضد الرياض.

وأضافت المصادر أنه في الفترة الماضية كان يتم تجاهل تناول كل ما يتعلق بالسعودية في الإعلام المصري، سبقتها فترة هجوم على المملكة بعد قطع شركة «أرامكو» ضخ المنتجات البترولية إلى القاهرة، نتيجة موقف مصر من الصراع السوري، وتعطيل اتفاقية جزيرتي «تيران وصنافير» من قبل القضاء المصري.

وأكدت المصادر أن الفترة المقبلة ستشهد جرعات مكثفة من المديح للملك «سلمان» وللسعودية، من أجل التمهيد لزيارة «السيسي» المرتقبة إلى الرياض، والتي ستأتي تلبية لدعوة من ملك السعودية، التي وجّهها إلى «السيسي» أثناء لقائهما في الأردن، والمقرر إجراؤها في أبريل/ نيسان المقبل.

تيران وصنافير

وتوقع مراقبون مصريون حدوث ضغوط على مجلس النواب عند مناقشة ملف الجزيرتين، بالموافقة على ضمهما للحدود البحرية السعودية، من خلال خرائط مزعومة، وخبراء ستتم الاستعانة بهم من المجلس وهم مناؤون للنظام، مثل أستاذ القانون الدولي الوزير السابق «مفيد شهاب»، الذي أكد في تصريحات سابقة له بسعودية الجزيرتين.

وأكد المراقبون أن وجود «شهاب» في جلسة مجلس النواب لنظر هذا الملف، سيؤدي إلى عدم ارتياح سواء من داخل المجلس أو خارجه، خصوصاً أن شهادته ستكون «مجروحة»، وتصبّ في صالح المملكة وليس مصر، نظراً لعمله كمستشار قانوني لسنوات طويلة في السعودية.

كما أن هناك دوائر مصرية حكومية واسعة من المتوقع أن تبدأ خلال أيام للترويج لسعودية الجزيرتين.

من جهته، قال مصدر مسؤول إن تنازل مصر عن الجزيرتين بالضغط على البرلمان للموافقة على ذلك، سيشعل الشارع المصري من جديد، في شكل تظاهرات ليس في القاهرة فقط، ولكن في كافة المحافظات المصرية. وأوضح أن هناك تحركات بالفعل داخل مجلس النواب لمناقشة ملف «تيران وصنافير»، والذي كان مقرراً أن تتم مناقشته الأسبوع الماضي، وتأجل مرة أخرى لأسباب سياسية داخل المجلس.

مصالحة

ومن بين تلك الأسباب، بحسب المصادر، كان انتظار ما ستسفر عنه القمة العربية في الأردن من نتائج، وهل ستكون هناك مصالحة مصرية سعودية أم لا، بعد فترة من الخلافات امتدت لعدة أشهر لأسباب سياسية، من بينها «تيران وصنافير».

ولفت المصدر إلى أن اللجنة التشريعية في مجلس النواب التي يشكّل 80% من أعضائها ائتلاف «دعم مصر» الموالي لـ«السيسي»، وهم المنوط بهم مناقشة هذا الملف، متوقعاً أن ينضم إلى تلك اللجنة كل أعضاء مجلس النواب المؤيدين لضم الجزيرتين للحدود البحرية السعودية.

وقال إن قراراً اتُخذ منذ أسابيع بعدم توزيع ملف «تيران وصنافير» على كل أعضاء مجلس النواب، بهدف منع تسريب الوثائق التي من شأنها أن تصب المزيد من الزيت على نار غضب الرافضين للاتفاقية، متوقعاً أن يتم الترويج مرة أخرى لسعودية الجزيرتين خلال الأيام المقبلة في وسائل الإعلام المصرية الحكومية وعدد من القنوات الفضائية تمهيداً لاتخاذ القرار بالموافقة على ضمهما للحدود السعودية.

مصادر في الوفد المصري الذي رافق «السيسي» إلى الأردن، قالت إن لقاء الملك «سلمان» و«السيسي»، لم يكن مؤكداً حتى اللحظات الأخيرة، وأضافت أن المفاوضات التي كان يجريها ملك الأردن «عبدالله الثاني» مع الملك «سلمان» من جهة، والمفاوضات التي كان يجريها ملك البحرين الشيخ «حمد بن عيسى آل خليفة» مع «السيسي» من جهة أخرى، استمرت حتى آخر لحظة قبل انعقاد اللقاء.

وفي هذا السياق، أكدت المصادر أن مغادرة «السيسي» للقاعة الرئيسية في القمة العربية، خلال إلقاء أمير قطر الشيخ «تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني» كلمته في الجلسة الختامية، كانت من أجل لقاء العاهل السعودي في إحدى القاعات المجاورة للقاعة الرئيسية، مضيفة أن «السيسي» لم يقصد أن يغادر أثناء كلمة الشيخ «تميم».

ووصف مراقبون في مصر مشاركة «السيسي» في أعمال القمة العربية التي عُقدت بالأردن، بأنها الأنجح على الإطلاق، إذ إنه أنجز أهم الملفات العالقة وهي العلاقة المتوترة مع السعودية.

بهجة إعلامية

ويعيش الإعلام في مصر حالة ظاهرة من السعادة بعد الإعلان عن زيارة «السيسي» إلى المملكة في أبريل/ نيسان المقبل، إذ نقلت وكالة «أ ش أ» تصريحات عن السفير السعودي لدى القاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية «أحمد بن عبد العزيز قطان»، رحّب خلالها بزيارة «السيسي» المرتقبة إلى المملكة.

ووصف «قطان» لقاء الملك «سلمان» بالرئيس المصري على هامش القمة العربية، بأنه كان «مميزاً»، مؤكداً أن الفترة المقبلة ستشهد زيادة التعاون في كافة المجالات ‏السياسية والاقتصادية والتنموية والثقافية والتعليمية ‏بين البلدين.

هذا التعاون بدأت بوادره أمس، مع إعلان مدير الصندوق السعودي للتنمية «حسن العطَّاس»، عن إنشاء شركة «مصر لريادة الأعمال والاستثمار»، بهدف الاستثمار المباشر وغير المباشر في الشركات الناشئة، وريادة الأعمال والشركات الصغيرة بقيمة 451 مليون جنيه.

جاء ذلك، خلال التوقيع على اتفاق تأسيس الشركة، أمس.

من جهتها، أعربت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي المصرية «سحر نصر»، عن سعادتها بالتوقيع مع الصندوق السعودي للتنمية، مشيرة إلى أن هذا يأتي في إطار العلاقة الاستراتيجية المصرية السعودية، لافتة إلى أن هذه المنحة السعودية ستوجه إلى مساعدة المستثمر الصغير والمشروعات الناشئة.

والأربعاء الماضي، استقبل الملك «سلمان»، «السيسي»، على هامش القمة العربية، وذلك بعد 5 أشهر من توتر العلاقات، وهو اللقاء الذي أسفر على دعوة الرئيس المصري لزيارة السعودية في الأسبوع الثاني من أبريل/ نيسان الجاري، وذلك عقب تدخل أمريكي ووساطات عربية بين البلدين شملت التوافق على 3 تفاهمات.

وشهدت الأيام الأخيرة قبل القمة، جهودا أردنية كويتية إماراتية لعقد مصالحة بين السعودية ومصر خلال القمة، حيث سعت لأن تجمع القمة اجتماعًا مغلقًا بين القيادة السياسية في القاهرة والرياض.

كما دخلت البحرين على خط الوساطة، عندما زار عاهلها الملك «حمد بن خليفة» القاهرة، قبل يومين من انعقاد القمة.

ورغم مساندة العاهل السعودي السابق، الملك «عبدالله بن عبدالعزيز»، للنظام في القاهرة بعد انقلاب الجيش على الرئيس المنتخب «محمد مرسي» ودعمه ماليا وسياسية، إلا أن العلاقات بين مصر والسعودية في عهد الملك «سلمان بن عبدالعزيز» تأزمت على خلفية عدة مواقف مصرية، من بينها موقع نظام «عبدالفتاح السيسي» الداعم لنظام «بشار الأسد» في سوريا، بينما تدعم الرياض المعارضة المناهضة لـ«الأسد».

وعقب هذا الموقف، أوقفت السعودية الإمدادات البترولية التي كانت قد اتفقت عليها مع مصر خلال الفترة الماضية، قبل ان تعيدها مجددا قبل أسابيع.

وتمر العلاقات السعودية المصرية بأسوأ أطوارها منذ الانقلاب، إذ أخذ كل فريق بالتلويح بالأوراق البديلة التي يملكها في وجه الآخر، فيما باتت خريطة التقارب بين الدول الإقليمية الكبرى (مصر والسعودية وتركيا وإيران) آخذة في التشكل من جديد في ضوء المعطيات الجديدة.

وجاء فشلُ محاولاتِ الوساطة التي سعَت إليها بعض دوَل الخليج، من بينِها الإمارات والكويت والبحرين، للإصلاحِ بين مصر والسعوديّة، ليؤكِّدَ انعدامِ الثقةِ الشديد بين البلدين، وذلك بعد عدّةِ أشهرَ فقط، بدا فيها كأن تحالُفًا استراتيجيًّا يجمعهما.

ورجح مراقبون تصاعد التوتر في العلاقات الخليجية المصرية خلال الفترة المقبلة، لاسيما أن الوزن الاستراتيجي للدول النفطية قد تراجع لدى القاهرة بعد الاتفاق النووي الغربي مع إيران، وتوقيع «الكونغرس» قانون «جاستا»، وانهيار أسعار النفط، بشكل دفع مصر للبحث عن حلفاء جدد.

ويرى محللون أن حكام الخليج تخلوا عن «السيسي» الذي لم ترضهم بوصلته أو عدم تحديد بوصلته بتعبير أدق، لذلك من الطبيعي أن تتوقف مساعدات مالية أو منتجات بترولية كانت تأتي في وقت ما من الرياض للقاهرة، خصوصا في ظل حكم براجماتي يمثله الملك «سلمان».

المصدر | الخليج الجديد + العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

تيران وصنافير مصر السعودية مصالحة تهدئة إعلامية السيسي سلمان