استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«التطرف»... بين التأثير الجـيني أو البيئي

الأحد 2 أبريل 2017 03:04 ص

قبل نحو 20 عاماً تلاقت سيدتان توأمان بعد فراق دام 35 عاماً منذ الولادة بسبب تخلص أمهما منهما، ثم اكتشفت إحداهما الأخرى بسبب شهرتها إلى أن عملتا تحليل DNA ليتأكدا من أنهما توأمان.

كانت الحالة تعيد إلى الأذهان الجدل الدائم حول أيهما أكثر تأثيراً في السلوكيات والمشاعر؟ أهي الجينات الوراثية أم ما يكتسبه المرء من ظروفه البيئية المحيطة، كالعائلة أو المدرسة أو المجتمع أو وسائل الإعلام؟

المفارقة العجيبة هي أن التوأمين اكتشفتا تشابهاً مثيراً في الميول والطباع والهوايات والعمل والسلوكيات، بل حتى في طريقة قصة الشعر، مع العلم أن إحداهما عاشت في نيويورك (بلد ولادتهما)، والأخرى في باريس.

خطورة الاكتشاف مردها إلى أن هذا يعني أن كثيراً من المجرمين أو الإرهابيين أو المتطرفين يملكون الدافع الغريزي لهذه السلوكيات، ليس بسبب ظروف أدت بهم إلى ذلك، بل لأسباب جينية، والأخطر من ذلك أن الأب ينقل هذا إلى أبنائه، لكن ما سبق يقودنا إلى تناقض آخر يعني أننا سنتجاهل العامل البيئي المحيط بالشخص بحكم أنه سيرث جينياً، وهو أمر غير صحيح إطلاقاً.

فمعظم الأطفال هم نتيجة تربية والديهم بنسبة كبيرة، غير أنني أعتقد أن التوأمين في الحالة الأولى كانتا في وضع طبيعي، بالتالي فإن عامل الصدفة قد يحدث ولن يتم حسم الأمر إلا إذا كانت لهما عادة سيئة أو حسنة متشابهة، لكنها نادرة، فهنا نتأكد من التأثير الجيني.

على أن هذا سيطرح لدينا تساؤلاً آخر، هو أن السبب الجيني أو الوراثي ليس عاملاً مؤثراً وحده، فالأخوان اللذان ينشآن في ظروف واحدة قد يصبح أحدهما مجرماً والآخر رجل شرطة، أو أن يصبح أحدهما متشدداً بينما الآخر منفتحاً جداً بأفكاره.

يعني في المحصلة أننا ندور في حلقة مفرغة، لأن هناك عوامل ترجح كفة كل رأي بالإثباتات. على أن المؤكد من وجهة نظري أن كل العوامل مهمة، وعادة ما تكون النتيجة أثر اندماجها مع بعض. وفي الإجمالي العام، وليس الشاذ، من المفترض أن يكون الأخوان اللذان ينشآن متقاربين في السن وفي بيت واحد ويتلقيان التعليم نفسه ويتربيان في المنزل نفسه متشابهي السلوك غالباً.

من جهة أخرى، من المؤكد أن تكون هناك تباينات كثيرة، لأن هناك مصادفات وأحداثاً عشوائية قد تحدث لأحدهما من دون الآخر، مثلاً أن يخفق في الامتحان أو يشاهد فتاة ويقع في حبها أو يتعرض لحادث سيارة أو يشاهد جريمة قتل شنيعة أو يمر بتجربة أليمة، وهذه الحالات قد تعمل له رد فعل غير متوقع وتحدث تشكيلاً في نشأته يخالف فيها مسيرة أخيه حتى لو كان توأماً.

هناك دراسات أخرى مثيرة تقول: إن كلا العاملين مهمان إلا أن العامل الجيني ليس مهماً إلا بالقدر الذي يحركه البيئي، فليس بالضرورة أن يصبح من لديه نزعة عدوانية عنيفاً إلا إذا كانت البيئة تشجعه على ذلك، وهذا ما يفسر أحياناً أن بعض زعماء العصابات ممن يعمل بشكل سري عن عائلته يصبح أبناؤه مستقيمين لأنه يحرص على إبعادهم عن هذه الأعمال.

وبما أنه يهمنا في المقالة التركيز على «التطرف» فهناك ما يمكن التحكم به كالإعلام والتعليم والقوانين، وهناك ما لا يمكن ضبطه كالتنشئة العائلية، وفي الأخير كل الأدوار مهمة. وصدق النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عندما ذكر أن المولود يبزغ للدنيا على الفطرة السوية صفحةً نقية.

* أحمد الحناكي كاتب سعودي

  كلمات مفتاحية

«المتطرف» التأثير الجيني التأثير البيئي الفطرة التنشئة السلوكيات والمشاعر