بين «الحق عاد لأصحابه» والحكم «منعدم».. «تيران وصنافير» حائرة بين مصر والسعودية

الأحد 2 أبريل 2017 02:04 ص

بين «الحق عاد لأصحابه»، والحكم «منعدم» والمحكمة الدستورية هي من ستحسم الجدل، عادت أزمة جزيرتي «تيران وصنافير» للواجهة مرة أخرى، وباتت حائرة من جديد بين التبعية لمصر أم السعودية.

وكانت قضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، بوسط القاهرة، قضت اليوم، بقبول دعوى التنفيذ الموضوعي التي تطالب بإسقاط أسباب حكم المحكمة الإدارية العليا القاضى ببطلان اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتى انتقلت بموجبها تبعية جزيرتى «تيران وصنافير» للمملكة، واستمرار تنفيذ حكم الأمور المستعجلة بسريان الاتفاقية.

يأتي الحكم، بعد أيام، من لقاء جمع الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، والعاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز»، على هامش القمة العربية في الأردن الأربعاء الماضي.

وجاء لقاء «السيسي» و«سلمان» ثمرة لتدخل أمريكي ووساطات عربية بين البلدين.

اللقاء هو الأول بين الجانبين بعد نحو عام من زيارة الملك «سلمان» للقاهرة في أبريل/نيسان العام الماضي، والتي تلاها تباينات معلنة في وجهات النظر حول عدد من قضايا المنطقة، ولا سيما في قضيتي سوريا واليمن.

البرلمان والدستورية

المحامي الحقوقي «خالد علي»، صاحب دعوى بطلان الاتفاقية، قال إن «النظام الحاكم يسعى من خلال حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، الأحد، بإسقاط حكم الإدارية العليا بمصرية تيران وصنافير، إلى هدفين هما تمرير الاتفاقية ليناقشها البرلمان، ونقل القضية للمحكمة الدستورية العليا للفصل فيها باعتبارها باتت قضية تنازع اختصاصات بين محكمتين».

ورأى المحامي الحقوقي، في تدوينة على صفحته الشخصية على «فيسبوك» أن حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، «متوقع ولم يأتِ بجديد، ومنعدم القيمة»، مضيفا: «ده بالطبع استمرار لنفس النهج بتعدي محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، وتعرضها لنظر دعوى ليست من اختصاصها بحكم الدستور، فضلاً على أن أحكام الإدارية العليا نهائية وباته ولا يجوز إيقاف تنفيذها أو إبطالها إلا بحكم آخر من الإدارية العليا».

وتابع: «النظام الحاكم يسعى من خلال حكم الأمور المستعجلة إلى عدة أمور هي، منح مجلس النواب غطاء قضائيا يستتر به لتبرير بدء مناقشته للاتفاقية، بزعم أن هناك حكم قضائي من محكمة الأمور المستعجلة قضى بعدم الاعتداد بحكم الإدارية العليا، ليدعوا بعد ذلك أن الاتفاقية سارية وصحيحة، ومن ثم من حق البرلمان مناقشتها».

مضيفا: «كل من اشتغل بالقانون يعلم أن هذا السلوك غير قانوني وغير دستوري، وأنها محاولة بائسة لخلق شرعية زائفة لاتفاق يتضمن تنازل عن أرض مصرية».

وأشار «علي»، إلى أن «الحكم يستهدف تمهيد الأرض لتقوم الحكومة بتقديم دعوى تنازع اختصاص أمام الدستورية العليا، بزعم أن الاتفاقية تعرضت لها جهتان قضائيتان مختلفتان وكل منها تمسك بنظر النزاع، وأصدر أحكاما مختلفة عن الأخرى، ومن ثم أصبح هناك تنازع اختصاص بين المحاكم مما يوجب على المحكمة الدستورية العليا الفصل فى هذا التنازع لتحدد من هى المحكمة المختصة، ومن ثم تحديد الحكم واجب النفاذ».

الأمر نفسه، ذكره خبراء قانون، حين قللوا من أهمية الحكم الصادر اليوم، وأرجعوا السبب إلى أن المحكمة الدستورية العليا تنظر بالفعل منازعة تنفيذ بين حكم محكمة عابدين بتأييد الاتفاقية، وحكم المحكمة الإدارية العليا ببطلانها.

كما كتب المحامي «طارق نجيدة»، أحد المشاركين في تقديم الدعوى الى المحكمة الادارية لابطال الاتفاقية: «لا تملك أي محكمة أو سلطة في مصر أن تلغي حكم الإدارية العليا إلا بحكم من الإدارية العليا وحدها».

وأضاف عبر صفحته بموقع «فيسبوك»: «حكم القضاء المستعجل اليوم بعدم الاعتداد بحكم المحكمة الإدارية العليا حكم صادر من قاض جزئي في محكمة مستعجلة لا تملك المساس بأصل الحق».

وكانت الحكومة المصرية أحالت اتفاقية «تيران وصنافير» إلى مجلس النواب لمناقشتها وإقرارها، إلا أن النائب «طارق الخولي» من تحالف «دعم مصر» الذي يملك الأكثرية في البرلمان، قال إن «مجلس النواب لم يناقش بعد الاتفاقية التي أحالتها الحكومة».

وأضاف في تصريحات صحفية، أن «هناك تضاربا شديدا في مسألة الاختصاص، البعض يعتقد أن هذا قرار سيادي، وبالتالي لا يمكن أن يكون محل نظر من القضاء، بينما يقول البعض الآخر أنه قرار إداري، وبالتالي من حق المحكمة الإدارية النظر فيه».

وتابع: «الآن نحن أمام حكمين متضاربين. وفي اعتقادي يجب أن يكون القول الحاسم في هذه المسألة للمحكمة الدستورية».

يشار إلى أن الحكومة المصرية، أقامت دعوى «تنازع اختصاص» أمام المحكمة الدستورية العليا، للطعن باختصاص القضاء الإداري النظر في الاتفاقية، ولم يصدر حكمها بعد.

سحر الأرز

في المقابل، أشاد رجل الأعمال السعودي الأمير الدكتور «خالد بن عبدالله بن فهد آل سعود»، بالحكم

وكتب الأمير السعودى في تغريدة له بحسابه على «تويتر»: «تيران وصنافير سعودية، عاد الحق لأصحابه؛ وفِي النهاية لا يصح إلا الصحيح».

وسخرت الإعلامية «هديل عويس»، حين قالت: «مضحك هو الموقف الذي وضع السيسي فيه إعلامه.. تم توجيههم على أن الجزر مصرية ثم استيقظنا لنرى الحكم بسعودية الجزيرتين».

فيما طالب الإعلامي «سعيد حسين الزهراني»‏، مدير «دار القمم للإعلام» بالرياض، أن يتم إرسال جيش وحرس وطني وجنود إلى جزيرتي «تيران وصنافير»، كما طالب بأن تقوم وزارة الإسكان بتوزيع مخططات سكنية للمواطنين هناك.

ونشر «الزهراني» عبر حسابه على «تويتر»، قائلا: «تيران وصنافير سعودية؛ حتى نضمن ما يرجعون بكلامهم لازم نرسل جيشاً وحرساً وطنياً وجنوداً داخلية، ووزارة الإسكان توزع فيها مخططات سكنية للمواطنين».

أما الكاتب السعودي «خالد العلكمي»، فوضع في تغريدة له شوال من الأرز، وكتب معلقا: «كم أنت ساحر أيها الرز».

كما احتفت الصحف والمواقع الإلكترونية السعودية، بالحكم، ونشروه على نطاق واسع، مشيرين إلى أنه يعيد الحياة مرة أخرى إلى الاتفاقية التي وقعت في أبريل/ نيسان 2016.

وتحت وسم «تيران وصنافير سعودية»، شارك الآلاف من السعوديين، معبرين عن فرحتهم بالحكم، حتى نجحوا في تصديره كأكبر وسم من حيث المشاركة من بين قائمة الوسوم الأكثر تداولا.

وتصدر الوسم، تعليقات مكايدة للمصريين، ومشيدة بحكم محكمة الأمور المستعجلة، كما أثنى عدد من المشاركين بالوسم على نزاهة القضاء المصري، وعلى العلاقات التاريخية بين مصر والمملكة العربية السعودية، والتي لن تؤثر فيها أي قضية خلافية.

فيما بعث الإعلامي السعودي «مساعد بن حمد الكثيري»، بعث برسالة إلى الإعلامي المصري «يوسف الحسيني»، قائلا: «تيران وصنافير سعودية.. هذه رسالة أريد إيصالها للوقح يوسف الحسيني لكونه يحظرني».

ووجه الخبير التقني السعودي «نبيل بن أحمد»، سؤلا للمصريين قائلا: "لماذا لا تستردون جزيرة أم الرشراش المحتلة من قبل الكيان الصهيوني؟».

وأضاف في تغريدة أخرى: «تيران وصنافير كلها بتاعتنا مش حتاخد منها تير ولا حتى صنفور واحد».

«السيسي» باع أرضه

في المقابل، أثار حكم اليوم سخط كثير من المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أن الحكم جاء بعد جلوس الطرفين المصري والسعودي بعد فترة انقطاع، وسط تأكيدات بأن تفعيل الاتفاقية كان من ضمن الشروط الأساسية للمصالحة بين الطرفين.

وتصدر وسما «تيران وصنافير مصرية» و«السيسي باع أرضه»، قائمة الوسوم الأكثر تداولا في مصر، عقب الحكم.

وكتب الناشط «حازم عبد العظيم»: «أرجو من الأشقاء في السعودية احترام شعور إخوانهم في مصر.. ليس لنا يد في موضوع الرز.. عفوا».

وتساءل الحقوقي «هيثم أبو خليل»: «متي يشعر القضاة أن العسكر جعلهم مسوخ وأشباه رجال يغسل بهم عاره ونجاسته.. ملعونة الامتيازات التي تجعلكم تبيعون وطنكم وشرفكم».

وأضاف الناشط «شادي الغزالي حرب»: «كنت متأكد إن السيسي يعمل أي حاجة عشان يفضل على كرسيه.. والأمور المستعجلة والبرلمان موجودين!».

خلاف وأزمة

وكانت أزمة نشبت بين مصر والسعودية عقب تصويت القاهرة في مجلس الأمن منتصف أكتوبر/تشرين أول الماضي لصالح مشروع قرار روسي، لم يتم تمريره، متعلق بمدينة حلب السورية، وكانت تعارضه دول الخليج والسعودية بشدة.

وتصاعدت الأزمة مع صدور حكم قضائي أسقط اتفاقا وقعته الحكومة المصرية مع نظيرتها السعودية، في أبريل/نيسان 2016، وتضمن تنازل القاهرة عن جزيرتي «تيران وصنافير» الواقعتين في البحر الأحمر للرياض.

وقال رئيس المحكمة القاضي «أحمد الشاذلي» بمنطوق حكمه إن «سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير مقطوع بها»، موضحا أن هيئة المحكمة أجمعت على هذا الحكم.

وكانت الاتفاقية التي وقعها البلدان في أبريل/ نيسان 2016، على هامش زيارة الملك «سلمان» للقاهرة، قد أثارت احتجاجات كبيرة في مصر، وسط اتهامات من جماعات معارضة للحكومة بالتنازل عن جزيرتي «تيران وصنافير» مقابل استمرار المساعدات السعودية.

ودافعت الحكومة المصرية عن الاتفاقية، وقالت إن الجزيرتين الواقعتين عند مدخل ميناء العقبة كانتا تخضعان فقط للحماية المصرية منذ عام 1950 بناء على طلب من الملك «عبد العزيز آل سعود» مؤسس المملكة العربية السعودية.

وقالت أيضا إن توقيع الاتفاقية «إنجاز مهم من شأنه أن يمكن الدولتين من الاستفادة من المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما بما توفره من ثروات وموارد تعود بالمنفعة الاقتصادية عليهما».

ويعيد الحكم الجديد، الجدل حول مدى احترام أحكام القضاء المصري، بعد صدور حكم نهائي في يناير/كانون ثان الماضي، بإبطال الاتفاقية.

وكان الدكتور «علي عبد العال»، رئيس مجلس النواب المصري، أعلن الشهر الماضي، عن استلام اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية، المعروفة بـ«تيران وصنافير»، مؤكدا أن هناك استكمال لبعض الأوراق قبل مناقشتها.

وقال «عبد العال»، إن البرلمان يتعامل مع الاتفاقية وفقا للدستور، وهناك بعض الأوراق يتم استكمالها، وفور الانتهاء من ذلك سيتم إحالتها فورا للجان المختصة.

وفي حكم نهائي، قضت المحكمة الإدارية العليا (أعلى محكمة للطعون في البلاد)، في 16 يناير/ كانون ثان الماضي، ببطلان الاتفاقية، واستمرار الجزيرتين تحت السيادة المصرية، وهو الحكم الذي قال عنه قانونيون إنهم أعفى البرلمان من مناقشة الاتفاقية لأنه جعلها كأن لم تكن.

وقبل أيام، ظهرت مؤشرات على تحسن العلاقات بين البلدين العربيين، فأعادت شركة «أرامكو» شحنات البترول مجددا إلى القاهرة، واستقبل الملك «سلمان»، «السيسي»، على هامش القمة العربية، قبل أن تعلن القاهرة السبت، أن اتفاقا مع السعودية لعودة المشاورات السياسية قريبا.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تيران صنافير مصر السعودية نشطاء الامور المستعجلة الإدارية اتفاقية ترسيم الحدود