تحقيقات الانقلاب الفاشل بتركيا.. القيادة مدنية و«أوزتورك» قاد العسكريين

الاثنين 3 أبريل 2017 05:04 ص

كشفت التحقيقات التي تجريها السلطات التركية، إن الجنرال «أكين أوزتورك» القائد السابق للقوات الجوية، بات يصنف بالقائد العسكري الأول للانقلاب، وذلك بعد «فتح الله كولن» القائد الأول للانقلاب، ومساعده «عادل أوكسوز» المدني المختفي عن الأنظار حتى الآن.

وبحسب صحيفة «القدس العربي»، ، فقد تم التأكد أن قائد القوات الجوية التركية السابق «أوزتورك»، هو من أبرز قادة محاولة الانقلاب، وأنه كان على اتصال مباشر ومن خلال معاونيه مع قادة الانقلاب الآخرين، وذلك بعد نفي وتشكيك سابق.

وأوضحت التحقيقات أنه جرى إقامة خط اتصال وتنسيق بين غرفة العمليات المركزية في مقر قيادة القوات الجوية في العاصمة مع غرفة إدارة الانقلاب المركزية في قاعدة «أكينجي» التي تشير إلى دور أمريكي في دعم المحاولة الانقلابية الفاشلة.

قيادة مدنية

كما تكشف مُجمل التحقيقات، أن قيادة الانقلاب كانت بالدرجة الأولى من المدنيين وليس من قيادات الجيش العسكرية، حيث جرى التنسيق الأساسي واتخاذ القرار في الأطر المدنية المقربة من «كولن»، ومن ثم جرى إصدار الأوامر للقادة العسكريين الموالين للتنظيم.

وبالدلائل الملموسة، أثبتت التحقيقات الصلات بين «كولن» وعدد من أبرز قادة الانقلاب، بالإضافة إلى تحركاتهم الخارجية وزياراتهم المكثفة إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأسابيع الأخيرة التي سبقت الانقلاب، وجرى إثبات ذلك من خلال سجلات السفر الرسمية عبر المطارات التركية وأرقام وتواريخ الرحلات ووجهاتها، بالإضافة إلى إثبات صلتهم التاريخية بـ«كولن»، وصور وفيديو تثبت تحركاتهم وأماكن وجودهم ليلة الانقلاب والمهام التي أوكلت إليهم.

«عادل أوكسوز» الرجل الثاني في الانقلاب، الذي تثبت الصور ومقاطع الفيديو علاقاته التاريخية القريبة من «كولن»، تثبت سجلات السفر المنشورة أنه سافر أكثر من 100 مرة إلى خارج تركيا بين عامي 2002 و2016، وخلال العامين الأخيرين فقط سافر 12 مرة أغلبها إلى الولايات المتحدة.

لكن أخطر هذه السفريات كانت قبل 4 أيام من محاولة الانقلاب، حيث مكث لمدة يومين في الولايات المتحدة، وعاد إلى تركيا في تاريخ 13 يوليو/ تموز 2016، أي قبل يومين من محاولة الانقلاب.

وبعد أن اعتقل «أوكسوز» في قاعدة «أكينجي» مركز الانقلاب، تمكن أحد القضاة التابعين لتنظيم «كولن» من إطلاق سراحه، واختفى من وقتها وسط شكوك بتمكنه الهرب من تركيا ووصوله إلى الولايات المتحدة.

وتضعه تركيا حالياً على «القائمة الحمراء»، وتعرض 4 ملايين ليرة مكافأة لمن يساعد في اعتقاله.

القيادي المدني الذي يأتي في التسلسل بعد «أوكسوز» هو «كمال باطماز» الذي أدار مجموعة كبيرة من منظومة «كولن» الاقتصادية والإعلامية، وأثبتت التحقيقات أنه كان ينسق بشكل مباشر مع «أوكسوز»، كما أنه شاركه السفر إلى الولايات المتحدة.

وتشير سجلات السفر إلى أن «باطماز» سافر إلى الولايات المتحدة عدة مرات ترافقت أغلبها مع سفر «أوكسوز»، وكان أبرزها الرحلة الأخيرة التي سبقت الانقلاب بـ4 أيام، حيث غادرا وعادا على الطائرة نفسها قبل يومين من الانقلاب.

وأظهرت الصور من مطار أتاتورك الدولي الرجلين وهما يسيران إلى جانب بعضهما البعض، ولاحقاً اعتقل في قاعدة «أكينجي» ثاني أيام محاولة الانقلاب.

وفي الحلقة نفسها، يظهر اسم جديد وهو «هارون بينش»، المهندس الذي تؤكد السلطات التركية وجود صلات قوية له مع جماعة «كولن»، حيث اتهم سابقاً بأنه المؤسس الفعلي لشبكة التنصت التي قامت بها الجماعة داخل الدولة، وذلك أثناء عمله في إدارة الاتصالات التابعة للدولة، حيث جرى التنصت على كبار قادة الدولة، وعلى رأسهم الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، إلى أن اعتقل هو الآخر في قاعدة «أكينجي» ليلة الانقلاب.

الأسماء الثلاثة السابقة «أوكسوز» و«باطماز» و«بينش» جمعتهم العديد من العوامل العامة، وهي أنهم من المدنيين وليسوا عسكريين، وتم إثبات صلاتهم بـ«كولن» وسفرهم إلى الولايات المتحدة.

كما أظهرت الصور ومقاطع الفيديو وجودهم داخل قاعدة «أكينجي» ليلة الانقلاب، وإشرافهم على توجيه قادة عسكريين، حيث جرى اعتقال الثلاثة هناك، وقدموا في شهاداتهم المنفصلة مبرراً واحداً عن سبب وجودهم في محيط القاعدة ليلة الانقلاب وذلك بالقول: «كنت أبحث عن قطعة أرض للشراء في تلك المنطقة وتصادف حصول محاولة الانقلاب».

كما تم الكشف عن أن «هاكان تشيتشك»، وهو شخصية مدنية يدير مدرسة تابعة لجماعة «كولن» في أنقرة، اعتقل ليلة الانقلاب في قاعدة «أكينجيҗ، وأنه سافر ثلاث مرات إلى الولايات المتحدة في عام 2016 فقط، وأن فترات سفره تزامنت مع سفر الثلاث شخصيات السابقة.

وبينما تم اعتقال «باطماز» و«بينش»، ما زال السر الأكبر حتى اليوم هو اختفاء «أوكسوز» الذي يُجمع محللون أتراك أنه لو جرى اعتقاله لأمكن إثبات الصلات المباشرة بين الولايات المتحدة وقادة الانقلاب، وهو ما يفسر حسب تعبيرهم المعلومات التي تأكدت بأن القنصلية الأمريكية في إسطنبول، اتصلت بـ«أوكسوز» بعد 6 أيام من محاولة الانقلاب.

وقبل أيام أكدت محكمة تركية هذه المعلومات، وبينما اضطرت السفارة الأمريكية إلى الاعتراف بأنها أجرت الاتصال لـ«إبلاغه بإلغاء تأشيرة دخوله للولايات المتحدة»، قال وزير العدل التركي ورئيس الوزراء «بن علي يلدريم» إن هذا التفسير «غير كاف».

القضاء يتدخل

وجاء الكشف عن المعلومات الجديدة حول محاولة الانقلاب التي أسفرت عن مقتل نحو 250 شخصا وإصابة الآلاف، تزامنا مع إرسال ملف التحقيقات إلى القضاء.

ورأت وسائل الإعلام التركية وشريحة واسعة من المواطنين، أن المعلومات الجديدة تُثبت بشكل قطعي مسؤولية «كولن» عن محاولة الانقلاب، وتؤكد وجود دور أمريكي في دعم المحاولة، على حد تعبيرهم.

كل ذلك في ظل استمرار المخاوف من إمكانية حصول تحرك عسكري جديد ضد «أردوغان».

أبرز المعلومات الجديدة تم الكشف عنها في ملف التحقيقات الذي تم الانتهاء منه وإرساله إلى القضاء، والمكون من 5 آلاف صفحة والمتعلق بكافة التفاصيل حول إدارة الانقلاب من قاعدة «أكينجي» الجوية في العاصمة أنقرة، وتحليل الاتصالات بين قادة الانقلاب.

وتضمن تحقيق صحفي، نُشر في الصحافة التركية أسماء عدد من المهندسين والتقنيين الذين تم إثبات علاقاتهم القديمة بجماعة «كولن»، حيث جرى تكليفهم بمهام تتعلق بمحال اختصاصهم، ومنها السيطرة على بث الفضائية الرسمية لبث بيان الانقلاب، وإسكات وسائل الإعلام والتحكم في شبكة الاتصالات والقمر الاصطناعي «تورك سات»، وجرى بث مقاطع فيديو تُظهر المهام التي قاموا بها ليلة الانقلاب ولحظات هروبهم واعتقالهم.

وأمس، تم تقديم لائحة اتهام جديدة ضد «أحمد أوزتشيتين» على أنه هو الشخص الذي كُلف بإدارة حركة الطيران من قاعدة «أكينجي» الجوية.

وحسب شهادات الطيارين الذين نفذوا الغارات ليلة الانقلاب فإنهم تلقوا تعليمات بالقيام بطلعات استكشافية وأوامر بعمليات القصف التي استهدفت مقر القوات الخاصة ورئاسة أمن أنقرة ومحيط قصر الرئاسة والعديد من الأماكن الأخرى.

ووصفت اللائحة «أوزتشيتين» بأنه من أبرز قادة محاولة الانقلاب، وقادة جماعة «كولن» التي باتت تسمى بـ«تنظيم كولن الإرهابي».

وفي حوار تلفزيوني، مساء أول أمس السبت، أكد «يلدريم» أن السلطات القضائية في الولايات المتحدة الأمريكية ما زالت تماطل في تسليم فتح الله كولن إلى تركيا. وقال: «السلطات القضائية في تركيا أرسلت إلى نظيرتها في الولايات المتحدة الأدلة والوثائق الكافية التي تثبت تورط منظمة كولن في محاولة الانقلاب غير أنّ واشنطن تماطل بإعادة كولن إلى تركيا».

وتعرضت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول في وقت متأخر في 15 يوليو/تموز الماضي، لمحاولة انقلابية فاشلة نفذتها عناصر محدودة في الجيش، تتبع لما تسمى «منظمة الكيان الموازي» التي يديرها «فتح الله كولن»، حاولت خلالها إغلاق الجسرين اللذين يربطان شطري مدينة إسطنبول والسيطرة على مديرية الأمن فيها وبعض المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة في أنقرة وإسطنبول.

في المقابل، خرجت احتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية، حيث توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان ومديريات الأمن، مما أجبر آليات عسكرية حولها على الانسحاب، الأمر الذي ساهم في إفشال المحاولة الانقلابية.

ويقيم «كولن» في الولايات المتحدة منذ عام 1999، وتطالب تركيا بتسلمه، من أجل المثول أمام العدالة.

  كلمات مفتاحية

انقلاب تركيا أردوغان كولن تحقيقات أمريكا