«ذي أتلانتيك»: لماذا يحب أنصار «السيسي» في مصر «دونالد ترامب»؟

الجمعة 7 أبريل 2017 06:04 ص

في واحدٍ من أعماله الأولى في منصبه، اتّصل الرئيس «دونالد ترامب» بنظيره المصري «عبد الفتاح السيسي». وللمفارقة فإن «السيسي» ليس مجرد استبدادي عربي آخر، بل هو أحد أكثر اللاعبين قمعًا في المنطقة. واستمر التقدير المتبادل بين «ترامب» و«السيسي»، في هذا الأسبوع، خلال زيارة الرئيس «السيسي» لواشنطن.

يمكن التّعرف على الغريزة السلطوية بسهولة. ومثل الليبرالية، فهي أيضًا عالمية، تتقاطع عبر الحدود الوطنية. وأنا، مثل العديد من الأمريكيّين، لديّ أقارب من مؤيّدي «ترامب». والفارق الوحيد هو أنّهم يعيشون في مصر، التي هي، مثل ولاية ألاباما أو تكساس، بلد «ترامب»، على الأقلّ بين مجموعة معينة ممّن يسمّون بالنّخب الليبرالية. ولم يخف هؤلاء «الليبراليون» (الذين هم ليبراليون في بعض الأمور ولكن ليس في البعض الآخر) وبالطّبع «السيسي» نفسه، حماسهم للمرشّح الجمهوري. وقد أيّد معظم أقاربي بحماس مجزرة الإخوان المسلمين في 14 أغسطس/آب عام 2013. وهذا ما يحلو لهم بالنّسبة لـ«ترامب»، حيث يبدو أنّه يكره الإخوان بقدر ما يكرهونهم.

وبالطّبع، وقعت تلك المجزرة في حقبة الرئيس «أوباما». وبعيدًا عن بعض الخطابات في البدايات، لم يفعل «أوباما» سوى القليل نسبيًا ردًّا على المجزرة. ولم يكد يمضِ الكثير من الوقت بعد تلك الأحداث المأساوية (والانقلاب العسكري ضدّ أول رئيسٍ منتخب ديمقراطيًا في البلاد)، حتّى بدأت إدارة «أوباما» التطبيع مع نظام «السيسي» وإضفاء الشرعية عليه. وكان وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» يثني بانتظام على «السيسي»، حتّى مع تكثيف الحملة ضدّ معارضي النّظام.

وكان هناك تعليقٌ جزئي للمساعدات، لكنّ كبار المسؤولين الأمريكيين راسلوا مصر مرارًا وتكرارًا بأنّه لا يوجد ما يدعو للقلق. وقد أكّد «كيري»، بعد شهرٍ واحدٍ فقط من تعليق المساعدات الجزئية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2013، للمسؤولين المصريّين أنّ «قضية المساعدات ليست بالقضية الكبيرة».

واستمرّ تعليق المساعدات الجزئي لمدّة 18 شهرًا، لكن تسميته «جزئيًا» ربما تكون مبالغة. فخلال فترة التّعليق، تلقّت مصر 1.8 مليار دولار كمساعدات، «تمثّل 92% من 1.3 مليار دولار تتلقّاها سنويًا كمعدل سنوي خلال تلك الفترة»، وذلك وفقًا لتقرير التحوّل نحو الديمقراطية في الشّرق الأوسط عام 2015 حول ميزانية المساعدات الأمريكية. وبعبارةٍ أخرى، ليس صحيحًا أن نقول أنّ الرئيس «أوباما» قد حاول استخدام نفوذه مع النّظام المصري، كما يؤكد مسؤولون سابقون في الإدارة، لأنه لم يقم بذلك فعليًا.

ويثير هذا مسألة ما إذا كان احتضان «ترامب» للسيسي تحوّلًا متطرّفًا كما يبدو. من ناحية، ليس الأمر كذلك. فما تقوم به إدارة «ترامب» يسير صراحةً مع نفس الخطّ الذي كانت تنتهجه سياسة «أوباما». وكما أشار محلّل الشؤون المصرية «إيفان هيل»، فإنّ مارس/آذار عام 2015 كان «نقطة تحوّل، تصاعد بعدها القمع الدّاخلي على كلّ المستويات تقريبًا». لكن، من ناحيةٍ أخرى، يعدّ التحوّل في ظلّ إدارة «ترامب» مهمّا جدًا، على الرّغم من صعوبة قياسه. ففي ظلّ إدارة «أوباما»، على الأقلّ، كان هناك تظاهر. وفي ظلّ إدارة «أوباما»، على الأقلّ، كان هناك ضغط لإطلاق سراح المعتقل السياسي والمواطن الأمريكي «محمد سلطان».

وحتّى عندما كان دعم إدارته للدّيمقراطيين الليبراليّين في الشّرق الأوسط فاترًا، كان هناك القليل من الشّكوك حول كون الرّئيس «أوباما» نفسه ليبراليًا وديمقراطيًا. وكانت مشكلة «أوباما» مشكلة تقليدية، وهي الانفصال طويل الأمد بين النّظرية والممارسة، وبين ما نحن عليه، نحن الأمريكيّين، وما كنّا نتمنّى أن نكون. والفارق، تحت رئاسة «ترامب»، هو أنّ قيمه المعادية لليبرالية والشّعبوية وحتّى السّلطوية، تتناسب تمامًا وبشكلٍ طبيعي مع وجهة نظره تجاه المصالح الأمريكيّة. وفي المرّة التالية التي يسجن فيها مواطنٌ أمريكيٌ بشكلٍ غير عادل في سجون مصر سيئة السّمعة، لن يكون لديه سببٌ كافٍ للقيام بأي شيء. وبينما كان «سلطان» يقبع في السّجن في ظلّ ظروفٍ لا إنسانيّة، كتب رسالةً إلى الرّئيس «أوباما» مطالبًا إيّاه أن يبقى وفيًّا لقيم أمريكا، وألّا ينسى محنته ومحنة عشرات الآلاف من السجناء الآخرين:«لأشهر، كلّ يومٍ أستيقظُ فيه أفكّر، هذا هو اليوم الذي سيكون فيه اعتبار لأمريكيّتي. اليوم سيكون اليوم الذي ستتحقّق فيه وعود رئيسي لي، اليوم سيكون اليوم الذي لن يكون فيه للسّلطات المصريّة خيارًا سوى معاملتي كإنسان».

لم يكن هناك ما يضمن أنّ «أوباما» سيتدخّل، لكن كان يمكن لـ«سلطان» على الأقل أن يأمل، وعلى الأقلّ كان لدى «سلطان» سببٌ للأمل. وما يقلقني هو أنّه في المرّة التالية التي يسجن فيها مواطنٌ أمريكيٌ بشكلٍ غير عادلٍ في مصر «السيسي»، سيبدأ في صياغة رسالة مماثلة للرّئيس «ترامب»، لكنّه يدرك سريعًا أنّ الرئيس الأمريكي، على الأرجح، لن يكون مستمعًا.

المصدر | ذي أتلانتيك

  كلمات مفتاحية

ترامب السيسي مصر العلاقات المصرية الأمريكية