فتوي لـ«كبار العلماء» تشرعن التصرف في أموال المعارضة بزعم «مكافحة الإرهاب»

الجمعة 5 ديسمبر 2014 08:12 ص

أثارت فتوى صدرت مؤخرا عن «هيئة كبار العلماء» بالمملكة العربية السعودية، جدلا واسعا بسبب إجازتها لوزارة الداخلية التصرف في الأموال التي تضبط مع من تتهمه الوزارة بـ«الإرهاب»، أو من تتهمه بـ«بتمويل الإرهاب» ولم تستخدم بعد لهذا الغرض، أن تُصرف في «أوجه الخير»، على حد نص الفتوى، وذلك جوابًا على استفتاء من وزارة الداخلية السعودية.

ويساور مراقبين القلق من أن  تصبح جميع أموال المعارضة السعودية عرضة للاستيلاء من قِبَل الداخلية السعودية والسلطات الحاكمة، باعتبار أن تلك الأموال تُستخدم في «دعم الإرهاب»، كما هي الحال بالنسبة لغالبية التهم التي يتم توصيفها على المتهمين من النشطاء والمعارضين للنظام في المملكة.

وبحسب صحف محلية، فقد أكد الأمين العام لهيئة كبار العلماء السعودية، الشيخ الدكتور «فهد الماجد» أن «أهذا القرار الذي صدر جاء جوابًا لاستفتاء وزارة الداخلية ورفع إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ينبع من حرص الدولة على تطبيق أحكام الشرع في جميع أحكامها وأنظمتها»، على حد قوله.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية أول أمس الأربعاء أن: «هيئة كبار العلماء عقدت في دورتها الـ 80 اجتماعًا، ونظرت في البرقية الموجهة إليها من وزير الداخلية، والمتضمنة الاستفسار عن المبالغ المالية التي يتم ضبطها في حوزة المتهمين في قضايا ”الإرهاب“ و”الأمن الوطني“ وانتهى التحقيق إلى عدم ثبوت ارتباطها بجرائم تمويل الإرهاب حتى يمكن مصادرتها أو ثبوت أنها تعود إليهم فتسلم لهم، وإنما يتضح أنها جمعت بطريقة غير نظامية لصرفها على أوجه الخير المختلفة داخل أو خارج المملكة».

استهداف المعارضة عبر قضايا «الإرهاب»

وبحسب تقارير صحفية وحقوقية سابقة بالسعودية فإن السلطات السعودية تقوم بالتنكيل والنيل من المعارضة السعودية تحت دواعي «مكافحة الإرهاب»، كما أن هناك مئات المعتقلين في السجون السعودية الذين يواجهون تهما بـ«دعم الإرهاب أو تأييده» فقط إثر إبداء رأيهم في أحد التنظيمات الجهادية عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.

ووفقا لنشطاء ومراقبين، فإن هناك قلق واسع من احتمالية استغلال تلك الفتوى من قِبَل السلطات في التنكيل بمعارضيها والسيطرة على أموالهم.

وفيما كانت السلطات السعودية تنتهج الأسلوب في قضايا سابقة تم توريط معارضين سعوديين فيها بقضايا إرهاب وتم التحفُّظ على أموالهم، إلا أن سنّ فتوى بهذا الصدد، تمنح المزيد من الشرعنة للنهج، أو «بما لا يخالف شرع الله» كما يقال تندرا، فضلا عن أنها ببساطة تستطيع السيطرة على أموال الجمعيات الخيرية والمؤسسات المدنية وتتولى هي بنفسها صرف تلك الأموال في مصارفها «الشرعية» التي تراها مناسبة.

حظر جمع التبرعات لصالح الدول المنكوبة

يأتي ذلك في أعقاب قرارات المملكة في وقت سابق بوقف جمع التبرعات المادية للشعوب المنكوبة كالنازحين السوريين وما إلى ذلك، وذلك خوفا من أن تقع تلك الأموال في يد من تصفهم السعودية بـ«الحركات والمنظمات الإرهابية المسلحة».

وفي وقت سابق من العام الماضي أعلنت إحدى الحملات الشعبية  لجمع التبرعات لصالح الشعب السوري، عن إلغاء التبرعات التي كان مقرر جمعها من داخل الأراضي السعودية وإيصالها إلى السوريين، بعد اصطدامها بالرفض من قبل الجهات المسؤولة في المملكة العربية السعودية.

وكان الشيخ «محمد العريفي»، الذي جرى اعتقاله في سجون السلطات السعودية من قرابة الشهرين دون اتهامات واضحة، كان قد تم استدعاؤه في وقت سابق من العام الماضي إلى إمارة منطقة الرياض، وذلك بسبب قيامه بالدعوة لجمع التبرعات لشعب سوريا دون التقدم بذلك بإذن رسمي، وقد مكث في الإمارة قرابة الساعتين وقَّع خلالها على تعهد بعدم جمع التبرعات لشعب سوريا دون إيفاء الشروط الرسمية من السلطات.

سلسلة من الفتاوى التي تجدد الولاء للسلطة الحاكمة

كل ذلك، يأتي امتدادًا لسلسلة من الفتاوى التي تطلقها هيئة كبار العلماء، تجمّل من خلالها تأييدها المطلق لكل قرارات النظام السعودي، حيث أصدرت في شهر سبتمبر/أيلول الماضي فتوى شرعية تحرم الالتحاق بما أسمته «القتال في مناطق الصراع مثل العراق وسوريا»، إلى جانب من وصفتهم الهيئة بالمجموعات المتطرفة.

وشددت الهيئة والتي يرأسها مفتي المملكة الشيخ «عبد العزيز آل الشيخ» على «تحريم الخروج إلى ما وصفتها بـ  ”مناطق الصراع والفتنة“ وأن ذلك خروج عن موجب البيعة لولي الأمر، كما حذرت الهيئة "صاحبه من مغبة فعله ووقوعه فيما لا تحمد عقباه». حيث اعتبرت الهيئة أنه يتعين على «الدولة أن تتعقب المحرضين على الخروج إلى مواطن الصراع والفتنة، ووصفتهم بأنهم  دعاة ضلالة وفرقة وتحريض على معصية ولاة الأمر والخروج عليهم».

وبحسب مراقبين سعوديين، فإن الخروج لمناطق الصراع بات «محرما وفتنة وضلال بعد أن رأى النظام السعودي ذلك، أما حينما كان يدعم بعض المعارضة السورية والعراقية، ويسهل خروج مجاهدين للقتال في سوريا والعراق كان الأمر جائزا ولا شبهة شرعية فيه».

ويرى المراقبون وفقا لذات المصدر، أن تلك الفتاوى ليست مستغربة، حيث سبق للهيئة وأن أفتت بـ«تحريم التظاهر» ضد النظام الحاكم واعتبرت أن الخروج عليه والتظاهر ضده «مفسدة كبرى»، وقالت إن الخروج على ولي الأمر من الأسباب التي تؤدِّي إلى «الفُرْقة وتشتيت الأمة»، وهو أمر «حرام شرعا»، في حين أن السلطات السعودية «دعمت وساندت وبقوة الخروج على أنظمة شرعية منتخبة في بعض الدول العربية كدعمها للانقلاب العسكري في مصر على السلطة المنتخبة وذلك لأنها أتت بمن لا تستهويه المملكة في الحكم»، وهم الإسلاميين، أو خاصة «الإخوان المسلمين»، حيث لم يُسمع لهيئة كبار العلماء السعودية صوت يحرم على أولياء الأمر في المملكة دعم ذلك الانقلاب، بناءً على رؤية المراقبين.

المصدر | الخليج الجديد + شؤون خليجية

  كلمات مفتاحية

السعودية كبار العلماء فتاوي الداخلية السعودية الإرهاب السفر لمناطق الصراع سوريا العراق

«كبار العلماء» تجوب مناطق المملكة لمواجهة التطرف والإرهاب

السعودية.. 20 لقاء فكريا في كافة مناطق المملكة لمكافحة "التطرف"

عضو كبار العلماء: الجهاد لا يصح في سوريا والعراق وليبيا واليمن .. والمشاركة "خيانة"

«كبار العلماء» السعودية تندد بالإرهاب وتحرم الالتحاق بالقاعدة وداعش

«كبار العلماء»: يجب الحزم والقوة في مواجهة محرضي مواقع التواصل الاجتماعي

عضو بهيئة كبار العلماء بالسعودية‏: مقاصد الشريعة تتنافي مع سلوك تنظيم الدولة الإسلامية