هل تتمكن إسطنبول من حسم الاستفتاء على التعديلات الدستورية؟

الاثنين 10 أبريل 2017 05:04 ص

تكتسب مدينة إسطنبول أهمية تاريخية استثنائية في الانتخابات التركية كونها أكبر المدن من حيث عدد السكان وتتميز بتركيبة مُعقدة تجعل منها «تركيا مُصغرة» تعطي مؤشراً حاسماً على الفائز في الانتخابات العامة، فمن يفوز في إسطنبول، عادة، يفوز في الانتخابات التركية العامة.

وحسب آخر الأرقام الصادرة عن هيئة الإحصاء التركية، فإن عدد سكان البلاد بلغ مع نهاية العام الماضي 79 مليوناً و814 ألفاً و871 نسمة، يعيش منهم في مدينة إسطنبول بمفردها 14 مليوناً و804 آلاف و116 شخصاً، أي ما يعادل 18.5٪ من مجموع عدد سكان البلاد. لكن الأرقام غير الرسمية تقول إن سكان سادس أكثر مدن العالم ازدحاماً أكثر من ذلك بكثير.

وحسب تقديرات غير رسمية فإن إسطنبول تحتوي على قرابة 22٪ من أكثر من 50 مليون من الذين يحق لهم التصويت في الاستفتاء المقرر إجرائه، الأحد المقبل، على حزمة تعديلات دستورية مثيرة للجدل تتيح تحويل نظام الحكم في البلاد من «برلماني» إلى «رئاسي».

ومنذ سنوات طويلة، يتمكن الحزب الذي يحصل على أعلى أصوات في مدينة إسطنبول على أعلى نسبة أصوات في عموم البلاد، وذلك بسبب كونها أكبر المدن التي تحتوي على أعداد الناخبين بالإضافة إلى أنها تتمتع بتمثيل حقيقي لجميع الأحزاب والتوجهات السياسية والعقائدية والفكرية تجعل منها مُمثلاً للشارع التركي بشكل عام.

وتضم إسطنبول أحياء غنية وراقية كـ«بيشيكتاش» و«بي أوغلو» تشتهر بمعارضتها للرئيس «رجب طيب أردوغان»، ومناطق يغلب عليها الالتزام الديني تؤيد «أردوغان بشدة وأبرزها «الفاتح» و«بشاك شهير»، وما زالت تغص أطراف إسطنبول بالقرى الفقيرة المؤيدة له، وعدد من الأحياء المُختلطة التي تُشكل في مجملها نموذجاً مصغراً عن الشعب التركي وتوجهاته السياسية.

وتُولي جميع الأحزاب أهمية خاصة لمدينة إسطنبول التي تقوم فيها بالكم الأكبر من حملاتها الانتخابية، وقبيل 6 أيام فقط على الاستفتاء تشتد المنافسة بين مؤيدي التصويت بـ«نعم» والمعارضين، ويرتفع مستوى الاحتقان بشكل كبير.

وفي ميادين إسطنبول الرئيسية تنتشر على نطاق واسع منصات الدعاية التابعة للمؤيدين والمعارضين للاستفتاء مع بروز أكبر للحملات المؤيدة للرئيس «أردوغان» بسبب الإمكانيات الهائلة التي يمتلكها الحزب الحاكم، بحسب المعارضة، ويُوزع مئات الشبان منشورات ويقومون بعمليات إقناع للناخبين وتنتشر عشرات آلاف الصور الضخمة في أرجاء المدينة، كما تبرز الحملات المعارضة التي يقودها حزب الشعوب الديمقراطي الكردي والذي يحث الناس على أنغام الأغاني الكردية بالتصويت بـ«لا» لعدم جر البلاد إلى «نظام ديكتاتوري» على حد تعبيرهم. وحتى اليوم، لا يشعر حزب «العدالة والتنمية» الحاكم والمدعوم من قبل حزب الحركة القومية بأي مؤشرات حاسمه تجعله متأكداً من قدرته على حسم التصويت بـ«نعم» في الاستفتاء، وهو نفس الوضع الذي تعيشه المعارضة التي يتزعمها حزب الشعب الجمهوري الذي زاد الضغط عليه مع الاستطلاعات التي تقوم إن حظوظ التصويت بـ«نعم» قد ارتفعت خلال الأيام الأخيرة مع تكثيف «أردوغان لحملاته الانتخابية التي ترافقت مع الأزمة مع الاتحاد الأوروبي ما أعطاه زخماً وتأييداً شعبياً أوسع من السابق.

ودخل، أمس الأحد، حظر جزئي للدعاية الانتخابية حيّز التنفيذ، وحسب قرارات لجنة الانتخابات العليا التركية، فإنّ «الأحزاب السياسية لن تتمكن من توجيه رسائل نصية أو مشاهد مصورة إلى البريد الإلكتروني والهواتف المحمولة للمواطنين»، كما يحظر على الأحزاب السياسية استخدام وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، لنشر نتائج استطلاعات الرأي وتوقعات وأبحاث يمكن أن تؤثر على رأي الناخب.

ونظم حزب «العدالة والتنمية»، السبت الماضي، مهرجانه الأضخم في إسطنبول بمشاركة مئات آلاف المؤيدين الذي خاطبهم «أردوغان» بحماس كبير وسعى بقوة لكسب أصواتهم بتأكيده على أنه من مواليد إسطنبول ويفتخر بكونه عاش في هذه المدينة وقدم لها الخدمات خلال رئاسته لبلديتها.

وخاطب «أردوغان» ورئيس وزرائه «بن علي يلدريم» الحشد الغفير مُذكراً بافتخاره بتضحيات المدينة ليلة محاولة الانقلاب ومكانة المدينة التاريخية، وقال إنه سيواصل العمل من أجل إقامة المشاريع التاريخية لخدمة سكانها وذلك على غرار الجسور والأنفاق أسفل وأعلى مضيق البوسفور ومطار إسطنبول الثالث وقناة اسطنبول، ولم ينس مطالبة مؤيديه بأن يكون يوم الاستفتاء «موعداً لتوجيه صفعه لأوروبا».

وبدأ «أردوغان» حياته السياسية الفعلية عندما تولي عام 1994 منصب رئيس بلدية إسطنبول وتمكن من إنجاز الكثير من الخدمات البلدية التي أكسبته تعاطفاً كبيراً من قبل الشعب التركي وساعدته في إيصال حزب «العدالة والتنمية» إلى الحكم لأول مرة في عام 2002 حيث ما زال الحزب يتفرد بحكم البلاد من ذلك التاريخ.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

إسطنبول استفتاء تعديلات دستورية