فيلم «الاكتشاف»..الآخرة برؤية أمريكية فلسفية إلحادية!

الاثنين 10 أبريل 2017 10:04 ص

يصنع الغرب أفلامًا تخص تجربته المادية البحتة؛ وحضارته القائمة على أن ما يراه ويلمسه ويحسه هو كل ما في الوجود؛ وبالتالي فقد جاء الإنسان من عدم؛ وهو ذاهب إليه مهما طالت حياته فوق الأرض، وهي إحدى الأفكار الغربية المُنشأة للوجود الغربي الحديث؛ بخاصة للولايات المتحدة الأمريكية؛ المتحدية في نفس الوقت للحقائق التي قدمتها الأديان السماوية بخاصة الإسلام عن الحياة بعد الموت وأثبتها العلماء كما سنوضح لاحقًا.

 ومن ذلك أن المُشاهد يجد في القيلم الذي نتعرض له بالنقد والتحليل الفني اليوم «الاكتشاف» أو «The Discovery»؛ وهو الفيلم الأمريكي البريطاني المطروح في نهاية مارس/أذار الماضي في قرابة 110 دقيقة للمخرج «مشارلي ماكدول»، يجد المُشاهد له جملة محورية تقول إن «اكتشاف الدار الآخرة ووجود حياة بها كاكتشاف العالم الجديد»؛ و«العالم الجديد» المقصود به في العمل السينمائي هو وصول «كريستوفر كولومبوس» إلى أرض القارة الأمريكية الشمالية في رحلته الثانية عام 1498م؛ وبالتالي توافد الغربيين إليها؛ وإزالة معالم حضارة سكانها الأصليين؛ بل إبادة قرابة مائتي مليون شخص حتى السنوات الأولى من القرن العشرين في أكبر جريمة عرفتها البشرية.

مثلما يجد في الفيلم اقتباسه أو سرقته عن رواية للفرنسي الراحل «أندريه موروا»؛ فقد حور الفيلم رواية «وازن الأرواح» مثلما حور الحقائق العلمية والدينية!

انتصارات أمريكية جديدة

«اكتشاف» فيلم يُصور الانتصارات الغربية الأمريكية المشتركة؛ يُضاف إلى حروب النجوم، وأفلام الكاو بوي، ومئات الأفلام التي تَنتصر للمواطن الأمريكي، وهي نوعية منتظر ازدهارها في عهد «ترامب» المؤمن بأن «الجنس الأمريكي» ذي اللون الأشقر مُميز حتى في الشكل؛ وأن بقية البشر عبارة عن مُلونين لخدمته!

و«الدار الآخرة»، هي الأخرى؛ مجرد إعادة طرح لحياة الأمريكي فوق أرضه وعالمه الجديدين؛ وأنه كما عبّد الطريق إليهما بالقضاء على أسماه الهنود الحمر؛ فهو قادر على تعبيد الطريق إلى الآخرة أيضًا.

دراما دائرية

القصة السينمائية الدوارة هي التي يتم فيها خداع مُنظم ممنهج للمشاهد؛ فيشاهد أجزاء من الفيلم على أنها حقائق؛ فيما هي مجرد منام طويل للبطل (على الطريقة التي تعودناها في الأفلام والمسلسلات المصرية)؛..تقنية معروفة يفضل كبار المخرجين الذين يحترمون أنفسهم استخدامها بحساب؛ وهو الأمر الذي أغفله تمامًا مخرج «اكتشاف»؛ مثلما قفز من حقائق علمية لإيجاد أوهام.

قصة مُقحمة

تدور أحداث الفيلم حول الدكتور «توماس هربر» أو «روبرت رد فورد»؛ العالم المتخصص في الدماغ البشري ويعاونه في أبحاثه ابناه «ويليام «جيسون سيغل»، طبيب الأمراض العصبية، و«توبي» «جيسي بلمنز»، المحدودة الثقافة والفهم والتعليم.

يعلن «هاربر» مع بداية الفيلم اكتشافة لـ«حياة آخرة» (!) فيبادر 4 ملايين شخص حول العالم إلى الانتحار سعادة بالاكتشاف، فيما ينكر «ويليام» نجله عليه عمله وأبحاثه لإلحاده الكامل؛ وفي طريق عودت الأخير إلى معمل أبيه البشري في قصر بعيد عن العمران يلتقي «آيلا» «روني مارا» في رحلة بحرية ثم يفترقان؛ وفيما بعد يجدها مقبلة على الانتحار لدى شاطىء يحب الائتناس به؛ فينقذها ثم يضمها إلى فريق أبيه البحثي.

ويسرق «ويليام» و«آيلا» من مستشفى جثة لميت؛ فيضعها «هاربر» على جهازه البحثي ليستحضر مكان وجود روح صاحبها الآن؛ ليلتقط صورًا مشوشة لصاحب الجثة لآخر دقائق في عمر أبيه وزيارة صاحب الجثة له؛ فيما يثبت الواقع أنه لم يزر أباه في لحظات وفاته ولا قبلها!

ويراهن «هاربر» على نجاح التجربة، فيضع نفسه على الجهاز ليجد نفسه قبل انتحار زوجته يُوقفها عن الإجراء الأخير الذي قتلها؛ وبعدها يستطيع العودة إلى الحياة ككل الأبطال الخارقين الأمريكيين؛ فيتوقف «هاربر» عن أبحاثه لولا أن «لايسي»؛ إحدى المريضات بشغف الانتحار تقتل «آيلا» لرغبتها في إعادة التجربة.

وحينما يُسارع «وليام» إلى وضع الجهاز على رأسه مفارقًا الحياة لفترة محدودة يلتقي «آيلا» حبيبته المُتوفاة بالفعل لتخبره أنها انتحرت بعد لقائه الأول لها في الرحلة البحرية؛ وإنه كان يود إنقاذها فحلم بذلك؛ مثلما حلم بأنه جاء بها إلى حيث معمل أبيه؛ وإنها قُتلتْ بيد «لايسي».

ولاحقًا يُصر «ويليام» على أفكاره فينقذ «أوليفر» نجل «آيلا» من الموت غرقًا، وقد كان موته على هذا النحو؛ سابقًا سببًا لانتحارها!

استخفاف بالعلم والعقل

معظم مثل هذه النوعية من الأفلام المُنتصرة للجنس الغربي بخاصة الأمريكي تقطع بأحكام خيالية حول الكوكب الأرضي ووجود مخلوقات غريبة تريد السيطرة عليه؛ وإن تعرضت للروح كما في فيلم «Awake» أو «اليقظ» تعرض لها على حذر ووفق حبكة إنسانية احترافية تخفف من حدة الأسئلة مثلما فعل المخرج «جوبي هارولد» في فيلمه الذي قدمه عام 2007.

مخرج «اكتشاف» «مشارلي ماكدول» شارك، هو الآخر؛ المؤلف «جوستن ليدر» الكتابة لكن لينطلق من حقيقة تمكن علماء وأطباء في كندا من التقاط أول دليل علمي ملموس على وجود حياة ثانية للانسان بعد الموت، وقطع (المخرج المؤلف المُشارك) الطرف، تمامًا عن أن الاكتشاف الذي نشرته «ديلي  ميل» البريطانية في 9 من مارس/أذار الماضي يثبت صحة الأديان بخاصة الإسلام.

 وكان الأطباء نجحوا الأطباء الكنديون لأول مرة في «رصد موجات لم يفهموها في دماغ أحد المتوفين خلال عشر دقائق بعد أن توقف قلبه بشكل كامل عن العمل ودخل في حالة موت كاملة، مشيرين الى أن الموجات التي تمت قراءتها في دماغ الميت تشبه الى حد كبير الموجات التي تنبعث من دماغ الانسان وهو نائم، وهو ما دفعهم الى الاستنتاج بأن الشخص المتوفى قد يكون فقد التواصل مع من من حوله لكنه دخل في حياة جديدة مختلفة تمامًا»، بحسب ترجمة «عربي 21».

لم يُشر الفيلم إلى الدراسة السابقة تمامًا كما لم يشر إلى أنه مقتبس إن لم يكن ملفقًا ومسروقًا من رواية للأديب الفرنسي الراحل «أندريه موروا» ترجمها الراحل الشيخ «عبد الحليم محمود»، في ترجمة وحيدة له؛ وصدرت بالعربية عن «دار المعارف» منذ عقود؛ وهي تتناول طبيبًا كان يعمد إلى وزن المرضى ثم إزهاق أرواحهم بوضعهم في تابوت زجاجي وخنقهم؛ ثم مراجعة ما فقدوه لحظات الاحتضار؛ وخلص في النهاية إلى أن الإنسان لا وزن لروحه إذ يفقد جرامات عند موته تساوي غازات تخرج عنه.. فانتحر بطل الرواية عقبها!

ومثلما سرق الفيلم فكرته من دراسة كندية أخيرة وعمل قديم لـ«أندريه موروا» سرق أيضًا الحياة الآخرى ونسبها إلى الأمريكيين الخارقين القادرين على تعديل وتبديل وإيجاد ماديات اكثر بهجة وفرحًا حتى بعد وفاتهم!

المصدر | الـخليــــج الجــديــد

  كلمات مفتاحية

فيلم أمريكي رؤية أمريكية فلسفة إلحاد